أمضى جريج ليو، الأستاذ في قسم الكيمياء بجامعة فرجينيا للتكنولوجيا، سنوات في البحث عن حل لواحدة من أكثر القضايا إلحاحًا في العالم، وهي التلوث البلاستيكي. والآن، وبعد سنوات من البحث، توصل ليو وفريقه إلى اكتشاف رائد. حيث يمكنهم تحويل البلاستيك لصابون ومنظفات ومواد تشحيم ومنتجات أخرى. تتمتع هذه العملية الثورية بالقدرة على تقليل النفايات البلاستيكية بشكل كبير وتخفيف الآثار البيئية والصحية المدمرة للتلوث البلاستيكي. ولكن كيف حقق ليو وفريقه هذا الإنجاز، وماذا يعني بالنسبة لمستقبل إدارة النفايات البلاستيكية؟
محتويات المقال :
جائحة البلاستيك
العالم يغرق بالبلاستيك. إنها حقيقة فالنفايات البلاستيكية أصبحت واحدة من القضايا البيئية الأكثر إلحاحا في عصرنا. ووفقا للأمم المتحدة، يتم إنتاج 430 مليون طن من البلاستيك كل عام، أي ما يعادل 2000 شاحنة قمامة مليئة بالبلاستيك يتم إلقاؤها في المحيطات والأنهار والبحيرات يوميا. ولهذه الجائحة البلاستيكية عواقب بعيدة المدى، بدءًا من التأثير على الحياة البرية البحرية إلى إتلاف التربة وتسمم المياه الجوفية، مما يؤثر في نهاية المطاف على صحة الإنسان.
يعد إنتاج البلاستيك مساهمًا كبيرًا في انبعاثات الغازات الدفيئة، ومن المتوقع أن تتفاقم المشكلة، حيث من المتوقع أن يتضاعف التلوث البلاستيكي ثلاث مرات بحلول عام 2060 إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء. والمفارقة هي أن أقل من 9% من البلاستيك يتم إعادة تدويره، حيث أن العديد من المواد البلاستيكية مصممة لتدوم طويلاً، مما يجعل من الصعب إعادة تدويرها.
وللصناعة الكيميائية، على وجه الخصوص، دور مهم تلعبه في هذه الأزمة. غالبًا ما تكون عمليات التصنيع والإنتاج المستخدمة في تصنيع المواد البلاستيكية ضارة بالبيئة، مما يؤدي إلى إدامة دورة التلوث. إنها حلقة مفرغة يبدو من المستحيل كسرها، ولكن من الضروري فهم جذور هذه المشكلة لإيجاد حل.
تحويل البلاستيك إلى صابون
كان نظام ليو يتألف من خطوتين. فقد اشتمل في البداية على استخدام التحلل الحراري، أو تفكيك مادة، في هذه الحالة البلاستيك ـ باستخدام الحرارة. فبعد وضع البلاستيك في مفاعل بناه فريق ليو وتسخينه إلى درجة حرارة تتراوح بين 650 و750 درجة فهرنهايت، تفكك البلاستيك إلى مركبات كيميائية، تاركا وراءه خليطا من النفط والغاز والمواد الصلبة المتبقية.
وكان مفتاح هذه الخطوة الأولى هو تحليل جزيئات البولي بروبيلين والبولي إيثيلين التي تشكل البلاستيك ضمن نطاق كربوني معين، وقد تمكن ليو وفريقه من إنجاز هذا.
كانت المواد الصلبة المتبقية ضئيلة، وكان من الممكن التقاط الغاز واستخدامه كوقود. ومع ذلك، كان الزيت هو المنتج الأكثر إثارة للاهتمام هنا. وأثناء البحث، تمكن الفريق من تحويل الزيت إلى جزيئات يمكن تحويلها إلى صابون ومنظفات ومواد تشحيم ومنتجات أخرى.
وقد أدت هذه العملية، التي استغرقت أقل من يوم واحد، إلى انخفاض التلوث الجوي إلى الصفر تقريبا، مما يوفر أدلة على حل مطلوب بشدة لمشكلة عالمية.
وكانت النتيجة قارورة من الصابون يمكن استخدامها لغسل الأيدي والأطباق، وكان الفريق يحمل القارورة بفخر كمثال ملموس على اكتشافهم.
التغلب على العقبات التقنية
إن الاكتشاف الرائد لتحويل النفايات البلاستيكية إلى صابون هو مجرد البداية. والآن، يكمن التحدي الحقيقي في توسيع نطاق العملية وجعلها نظامًا مستمرًا وفعالاً من حيث التكلفة. وقد نجح الفريق في إثبات جدوى طريقتهم، ولكنهم بحاجة إلى التغلب على العقبات التقنية التي تقف في طريق التنفيذ على نطاق واسع.
أحد التحديات الرئيسية هو بناء مفاعل يمكن أن يعمل بشكل مستمر، وينتج أطنانًا من الصابون والمنظفات من النفايات البلاستيكية. وهذا يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية والمعدات والقوى العاملة. بالإضافة إلى ذلك، يجب تحسين العملية لتقليل استهلاك الطاقة وتقليل التأثير البيئي.
ويقدر الفريق أن اختبار نموذج العمل وبناء مفاعل سيتطلب مئات الآلاف من الدولارات. إنهم يسعون للحصول على المساعدة من المجتمع لتأمين التمويل اللازم للارتقاء بالمشروع إلى المستوى التالي. والخبر السار هو أنهم قاموا بالفعل بتدريب فريق من الطلاب الموهوبين وطلاب ما بعد الدكتوراه الذين يمكنهم الاستمرار في هذه العملية في المستقبل.
هناك جانب حاسم آخر وهو إزالة المخاطر من العملية لجعلها جذابة للصناعات. حيث يحتاجون إلى إثبات الجدوى التجارية للطريقة، وضمان قدرتها على توليد الأرباح مع الحد من النفايات البلاستيكية. ويُعتقد أن التعاون مع المجتمع العلمي والصناعي ضروري للتغلب على هذه العقبات التقنية.
المصادر
A clean break: Scientists convert plastics into soaps and detergents | phys.org
Chain-length-controllable upcycling of polyolefins to sulfate detergents | nature sustainability
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :