في دراسة رائدة نشرت في 23 أكتوبر في مجلة (Joule)، اقترح فريق من المهندسين الحيويين طريقة جديدة جذرية لإنتاج الغذاء أطلقوا عليها اسم “الزراعة الكهربائية” (electro-agriculture). حيث طور الباحثون نظامًا يعمل بالطاقة الشمسية يحول ثاني أكسيد الكربون إلى جزيء عضوي غني بالمغذيات والتي يمكن استخدامها لتغذية النباتات المعدلة وراثيا. ومن الممكن أن يؤدي هذا النهج المبتكر إلى تقليل الأراضي اللازمة للزراعة في الولايات المتحدة بنسبة مذهلة تصل إلى 94%، وتمكين الزراعة الداخلية الخاضعة للرقابة، حتى في الفضاء. كما يهدف العلماء لاستخدام هذه الطريقة في النهاية للزراعة بدون الحاجة لضوء الشمس على الإطلاق.
محتويات المقال :
عدم كفاءة عملية التمثيل الضوئي
من المثير للدهشة أن عملية التمثيل الضوئي، وهي العملية الطبيعية التي توفر الغذاء لمعظم أشكال الحياة على الأرض، غير فعالة. حيث تقوم النباتات بتحويل حوالي 1% فقط من الضوء الذي تمتصه إلى طاقة كيميائية قابلة للاستخدام. وهذا يعني هدر كمية كبيرة من ضوء الشمس، وعدم قدرة النباتات على إنتاج الغذاء بكفاءة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن عملية التمثيل الضوئي محدودة أيضًا بعوامل مثل الظروف الجوية ودرجة الحرارة وتوافر المياه، مما قد يؤدي إلى تقليل إنتاجية المحاصيل. ويشكل عدم الكفاءة هذا عائقًا رئيسيًا أمام إنتاج الغذاء، خاصة في المناطق ذات الأراضي الصالحة للزراعة المحدودة أو الظروف المناخية القاسية.
كما يتطلب النمو السكاني في العالم المزيد من الغذاء، ويكافح النظام الزراعي الحالي من أجل مواكبة ذلك. ويسلط انخفاض كفاءة عملية التمثيل الضوئي الضوء على الحاجة إلى حلول مبتكرة لزيادة إنتاج الغذاء وتلبية متطلبات العالم.
الزراعة الكهربائية
في هذا النهج الرائد، يقترح العلماء طريقة تعمل بالطاقة الشمسية وتتخطى عملية التمثيل الضوئي تمامًا. وتولد الطاقة اللازمة لتشغيل تفاعل كيميائي يحول ثاني أكسيد الكربون والماء إلى أسيتات (acetate). يتم بعد ذلك استخدام هذه الأسيتات لتغذية النباتات التي تنمو بطريقة الزراعة المائية (Hydroponics) في بيئات داخلية خاضعة للرقابة. والنتيجة هي نظام ليس أكثر كفاءة من أساليب الزراعة التقليدية فحسب، بل ينتج أيضًا الغذاء بطريقة أكثر استدامة وصديقة للبيئة. الزراعة المائية هي طريقة لزراعة النباتات بدون تربة، باستخدام محلول مغذي قائم على الماء.
ومع الزراعة الكهربائية، تختفي الحاجة إلى الأراضي الزراعية الشاسعة والآثار البيئية المرتبطة بها. وبدلا من ذلك، يمكن زراعة الغذاء في مباني مكدسة عموديا، باستخدام كميات أقل بكثير من الأراضي والمياه. وهذا يعني أنه حتى المدن يمكن أن تصبح مكتفية ذاتيا في إنتاج الغذاء، وخفض تكاليف النقل، وانبعاثات الكربون، والبصمة البيئية للزراعة.
إن الهدف الأساسي من هذه العملية الجديدة هو محاولة تعزيز كفاءة التمثيل الضوئي. في الوقت الحالي، نحن عند حوالي 4% من الكفاءة، وهو ما يزيد بالفعل عن أربعة أضعاف كفاءة التمثيل الضوئي.
إعاده تشغيل مسار أيضي
لإجراء هندسة وراثية للنباتات لكي تتغذى على الأسيتات، يستغل الباحثون مساراً أيضياً تستخدمه النباتات عندما تقوم بالإنبات (Germination) لتحليل الغذاء المخزن في بذورها. ويتم إيقاف تشغيل هذا المسار بمجرد أن تصبح النباتات قادرة على التمثيل الضوئي، ولكن إعادة تشغيله من شأنه أن يمكنها من استخدام الأسيتات كمصدر للطاقة والكربون. والإنبات هو العملية التي ينمو بها النبات من مرحله كونه بذرة إلى شتلة.
ويحاول الباحثون إعادة تشغيل هذا المسار في النباتات البالغة وإعادة إيقاظ قدرتها الفطرية على استخدام الأسيتات. إنه يشبه عدم تحمل اللاكتوز لدى البشر، فعندما نكون أطفالًا، يمكننا هضم اللاكتوز في الحليب، ولكن بالنسبة للعديد من الناس، يتم إيقاف هذا المسار عندما يكبرون. إنها نفس الفكرة تقريبًا، ولكن للنباتات فقط.
الزراعة بدون ضوء الشمس
يركز الفريق أبحاثه الأولية على الطماطم والخس، لكنه يخطط للانتقال إلى المحاصيل الأساسية ذات السعرات الحرارية العالية مثل الكسافا والبطاطا الحلوة ومحاصيل الحبوب في المستقبل. وفي الوقت الحالي، تمكنوا من هندسة نباتات يمكنها استخدام الأسيتات بالإضافة إلى التمثيل الضوئي، لكنهم يهدفون في النهاية إلى هندسة نباتات يمكنها الحصول على كل طاقتها اللازمة من الأسيتات، مما يعني أنها لن تحتاج إلى أي ضوء بنفسها.
المصادر
Farming in the Dark: How Electro-Agriculture Outpaces Photosynthesis | scitechdaily
Electro-agriculture: Revolutionizing farming for a sustainable future | joule
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :