علاج جديد يدمر تشابكات التاو ويظهر نتائج واعدة لعلاج مرض ألزهايمر

تدمير تشابكات التاو في ألزهايمر

في اكتشاف رائد، قام باحثون بتطوير علاج محتمل لتدمير تشابكات التاو في ألزهايمر. ويستخدم هذا النهج المبتكر القدرات الفريدة لبروتين يسمى “TRIM21″، والذي أظهر نتائج واعدة في الفئران، مما أدى إلى تحسين أعراض التنكس العصبي وإمكانية علاج اضطرابات الدماغ الأخرى الناجمة عن تراكم البروتين داخل الخلايا. ويفتح البحث الأبواب أمام طرق جديدة لاستهداف السبب الجذري لمرض الزهايمر وغيره من أمراض التنكس العصبي المحتملة.

محتويات المقال :

تشابكات التاو

يحدث مرض الزهايمر بسبب بروتينين رئيسيين ينثنيان ويتكتلان معًا في الدماغ، وهما التاو والأميلويد. تتكون كتل الأميلويد بين خلايا الدماغ ويتم استهدافها بواسطة علاجات الأجسام المضادة الجديدة مثل ليكانيماب. ولكن، تتشكل تشابكات تاو داخل خلايا الدماغ وتنتشر، مما يتسبب في أضرار كبيرة.

ولا يمكن لعلاجات الأجسام المضادة الوصول إلى التاو داخل الخلايا، لذلك لا يمكنها سوى إبطاء انتشار التشابكات، وليس إزالتها. يمكن لطرق أخرى مثل العلاج العكسي لاتجاه النسخ ( anti-sense oligonucleotides) تقليل مستويات تاو، لكنها تستهدف أيضًا التاو الصحي، والذي قد يكون له عواقب طويلة الأمد غير معروفة.

إن التاو الصحي أمر بالغ الأهمية لبنية خلايا الدماغ ووظيفتها. حيث يوفر الدعم الهيكلي داخل الخلايا العصبية في الدماغ، ويعمل كنوع من السقالة.

بروتين TRIM21

في عام 2010، توصل فريق من العلماء إلى اكتشاف مهم حول بروتين يسمى “TRIM21″، والذي يلعب دورًا رئيسيًا في دفاع جهاز المناعة لدينا ضد الفيروسات. عندما يدخل الفيروس إلى الخلية، يحدده “TRIM21” ويضع علامة عليه للتدمير بواسطة نظام التخلص من النفايات في الخلية، البروتيزومات.

وفي عام 2023، وجد فريق البحث طريقة لإعادة استخدام “TRIM21” لاستهداف تشابكات التاو، المرتبطة بمرض الزهايمر. ومن خلال استبدال الأجسام المضادة المرتبطة بالفيروس بأجسام مضادة مرتبطة بتاو، يمكنهم إعادة توجيه “TRIM21” لاستهداف وإزالة تشابكات التاو.

الميزة الفريدة لـ TRIM21، مجال “RING”، تجعله مناسبًا بشكل خاص لهذه المهمة. لا يتم تنشيط هذا المجال إلا عندما تتجمع بروتينات TRIM21 المتعددة معًا، مما يضمن استهداف تاو المجمع فقط، وليس بروتينات تاو الفردية، للتدمير.

إن بروتين “TRIM21” مناسب بشكل خاص لهذا الغرض بسبب خاصية مهمة لديه، وهي جزء من البروتين يسمى “RING” يتم تنشيطه فقط عندما يتجمع بروتينان أو أكثر من بروتينات “TRIM21” معًا. وهذا يضمن استهداف التاو المجمع فقط، وليس بروتينات تاو الفردية، للتدمير.

علاجين جديدين لتدمير تشابكات التاو في ألزهايمر

لقد طور العلماء علاجين جديدين باستخدام بروتين يسمى TRIM21 لاستهداف وتدمير تشابكات التاو في ألزهايمر.

“RING-nanobody”: يجمع هذا العلاج بين جسم مضاد صغير يرتبط بتاو وبروتين “TRIM21”. يعمل هذا الثنائي معًا لتحديد تشابكات تاو والقضاء عليها.
“RING-Bait”: يستخدم هذا العلاج بروتين تاو معدّل كطُعم. فعندما تصادف تشابكات التاو هذا الطُعم، فإنها تدمجه في بنيتها. وهذا بدوره يجلب بروتين “TRIM21” إلى التشابك، مما يؤدي إلى تدميره.

واختبر الباحثون هذه العلاجات على خلايا تحتوي على تجمعات تاو من مرضى الزهايمر والشلل فوق النووي المترقي، مما يدل على إمكانات “RING-Bait” لاستهداف أنواع مختلفة من تشابكات التاو. ويشير هذا إلى أن “RING-Bait” قد يكون علاجًا متعدد الاستخدامات لمجموعة من الأمراض العصبية التنكسية.

نتائج واعدة

لكي ينجح العلاج في الحيوان، فإنه لا يحتاج فقط إلى الدخول إلى الدماغ، بل يحتاج أيضًا إلى الدخول إلى الخلايا داخل الدماغ. وللقيام بذلك، استخدم الباحثون فيروسًا غير ضار تم تطويره سابقًا لتقديم علاجات مثل هذه، يُسمى الفيروس المرتبط بالغدة (AAV). وهو ينقل تعليمات الحمض النووي لصنع البروتينات المخصصة داخل خلايا الدماغ.

وتم حقن فئران مسنة تحتوي على تراكمات بروتين التاو بجرعة واحدة من ناقل العلاج الجيني الذي يحتوي إما على العلاج أو دواء وهمي. وفي غضون أسابيع قليلة، كان هناك انخفاض كبير في كمية تاو المتراكمة في خلايا دماغ الحيوانات المعالجة.

والأهم من ذلك، في الفئران التي تلقت علاج “RING-Bait”، تباطأ تقدم أعراض التنكس العصبي لديهم وأظهرت وظيفة حركية أفضل بشكل ملحوظ، كما تم تقييمها بواسطة برنامج الذكاء الاصطناعي الذي سجل مدى جودة جريهم.

علاج الأمراض التنكسية العصبية الأخرى

يكمن تنوع العلاجات المعتمدة على “TRIM21” في قدرتها على استهداف وإزالة البروتينات المجمعة المرتبطة بأمراض مختلفة. وهذا يعني أنه يمكن استخدام نفس النهج لمكافحة أمراض مثل مرض الخلايا العصبية الحركية، ومرض هنتنغتون، ومرض باركنسون، والتي تتميز بتراكم أنواع مختلفة من البروتينات المطوية بشكل خاطيء.

إن الآثار المترتبة على ذلك هائلة. على سبيل المثال، يمكن استهداف “TDP43″، وهو البروتين الذي يتراكم في مرض الخلايا العصبية الحركية، باستخدام نهج مماثل. وبالمثل، يمكن أيضًا استهداف ألفا سينوكلين، وهو البروتين المرتبط بمرض باركنسون. وقد يؤدي هذا إلى تطوير علاجات جديدة تعالج بشكل مباشر السبب الجذري لهذه الأمراض، بدلاً من مجرد تخفيف الأعراض.

وفي حين أن الطريق أمامنا طويل، ويجب التغلب على العديد من التحديات، فإن إمكانات العلاجات القائمة على “TRIM21” لا يمكن إنكارها. ومع استمرار العلماء في تحسين وتطوير هذه العلاجات، يمكننا أن نتوقع رؤية علاجات جديدة تظهر لمجموعة من الأمراض التنكسية العصبية. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تحسن كبير في نوعية الحياة لملايين الأشخاص حول العالم الذين يتأثرون بهذه الأمراض المدمرة.