لغات

عائلة اللغات النيجرية الكنغوية

هذه المقالة هي الجزء 4 من 8 في سلسلة العائلات اللغوية وأقسامها

عائلة اللغات النيجرية الكنغوية

تعد عائلة اللغات النيجرية الكنغوية (Niger Congo Languages) من العائلات اللغوية الأساسية. وتصنف على أنها ثالث أكبر عائلة بالنسبة لعدد الناطقين. ومن حيث عدد اللغات التي تضمها، فهي العائلة الأكبر. إذ إنها تحتوي على أكثر من 1500 لغةٍ، وينطق بها حوالي 570 مليون شخص [1].

عائلة اللغات النيجرية الكنغوية

تصنيف اللغات ضمن العائلة

تنتشر عائلة اللغات النيجرية الكنغوية في جزء كبير من أفريقيا، يعادل ثلثي مساحة هذه القارة. فهي تغطي كامل جنوب الصحراء الكبرى، امتداداً من السنغال في الغرب إلى جزر القمر في الشرق، ومن نيجريا في الشمال إلى جنوب أفريقيا في الجنوب [2].

يعود أقدم تصنيف معروفٍ للغات الأفريقية إلى القرن التاسع عشر. حيث قُسمت جميع اللغات الأفريقية إلى أربع مجموعات، منها ما هو في الشمال، ومنها ما هو في الوسط، ومنها ما هو في الجنوب. ثم طرأت تغيرات على هذا التصنيف نتيجة التعمق في دراسة اللغات ومقارنتها. حيث تم تقسيمها إلى مزيد من المجموعات، وأصبح تنوع اللغات موازياً لتنوع المجموعات العرقية. في القرن العشرين، ساعد العالم اللغوي الألماني ويسترمان (Westermann) في توضيح هذه التصنيفات. وتطرقت دراساته إلى اللغات “السودانية الشرقية” والتي تسمى حالياً اللغات النيلية الصحراوية (Nilo-Saharan languages). كما درس اللغات “السودانية الغربية” والتي باتت تعرف باسم اللغات النيجرية الكنغوية [3].

أصل اللغات النيجرية الكنغوية

لدى دراسة أصل عائلة اللغات النيجرية الكنغوية ومحاولة تصنيفها، واجه اللغويون تحديات بسبب التنوع والاتساع الجغرافي الكبيرين الذين تتمتع بهما. كما بقيت اللغات فيها تنقسم عن بعضها البعض، وتتمايز في لغاتٍ جديدة لآلاف السنين. ونتيجة الشحّ في السجلات التاريخية التي يعود المتوفر منها إلى مئات السنين لا أكثر، ومحدودية المعرفة حول عدد كبير من هذه اللغات، أصبح من شبه المستحيل إعادة صياغة لغة سلف مشتركة لكامل العائلة [4].

لكن قام ويسترمان في القرن العشرين بالتعمق في دراسة تفاصيل اللغات السودانية الغربية (النيجرية الكنغوية) التي عرّفها. وسعى من خلال هذا إلى اكتشاف روابط مع لغات البانتو (Bantu). فرتبها في ست مجموعات فرعية، ونسبها إلى عددٍ من الجذور في اللغة السودانية الغربية البدائية. كما قارن هذه الجذور مع جذورٍ في لغة البانتو البدائية التي كان قد أعاد صياغتها غيره من اللغويين قبل إجراء دراسته بسنوات [3].

Related Post

لكن في العموم، لا يوجد اتفاقٌ بين الباحثين على أصول هذه العائلة ومسار تطورها التاريخي. ولكن عند تقسيمها إلى فروع رئيسية، تذهب التقديرات إلى أن هذه الفروع كانت قد نشأت من لغة سلفٍ تعود إلى 5000 سنة تقريباً [4].

المجموعات الفرعية للعائلة النيجرية الكنغوية

لا يمكن تحديد عدد اللغات في هذه العائلة بدقة. ففي ظل غياب السجلات التاريخية، يصعب تمييز ما إذا كانت لغتان معينتان ضمنها، هما لهجتان مختلفتان للغةٍ واحدة، أم أنهما فعلاً لغتين منفصلتين. ولكن قامت الدراسات بتقسيم العائلة إلى فروع رئيسية، ويتشابه بعضها أكثر من الآخر. ويعود هذا إلى التباعد الزمني في فترات انقسامها عن الأصل أو تمايزها كمجموعة لغات فرعية [4].

كما يوجد شبه إجماعٍ، أو على الأقل عدم خلاف، على أن التقسيمات الأساسية للعائلة النيجرية الكنغوية هي ما يلي. أولاً مجموعة لغات بينو-كونغو (Benue-Congo) وتضم لغات البانتو والعديد من اللغات المحكية في جنوب نيجريا. ثم مجموعة لغات كوا (Kwa) والممتدة من ساحل العاج إلى حدود نيجريا، ومجموعة لغات غور (Gur) التي تنتشر في قسمٍ كبيرٍ من بوركينا فاسو والأجزاء الجنوبية من مالي. أما في القسم الجنوبي الغربي من ساحل العاج وأغلب ليبيريا، توجد مجموعة فرعية تسمى لغات كرو (Kru). وعلى ساحل الأطلسي، في أجزاء من السنغال وغامبيا وغينيا وسيراليون تنتشر مجموعة اللغات الأطلسية (Atlantic). وأخيراً، في جبال النوبة في السودان، تنتشر لغات مصنفة في مجموعة يطلق عليها اسم الكوردوفانيان (Kordofanian) [5].

بعض المجموعات الفرعية ضمن العائلة النيجرية الكنغوية

في النهاية، لا يمكن القول أن هذه المجموعات الفرعية هي الوحيدة، حيث تتشعب العائلة النيجرية الكنغوية. وحتى في مجموعاتها الفرعية، يمكن العثور على تقسيمات أدق وأكثر تفصيلاً.

المصادر

  1. Ethnologue
  2. Sorosoro
  3. Exploring the Niger-Congo Languages
  4. MustGo
  5. Niger-Congo languages – Jeff Good
Author: Watfa Alassafeen

مترجمة من سوريا. أحب القراءة والكتابة.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Watfa Alassafeen

مترجمة من سوريا. أحب القراءة والكتابة.

Share
Published by
Watfa Alassafeen

Recent Posts

البحث العلمي كقاطرة للجمهورية الجديدة: حصاد منظومة البحث العلمي والابتكار في مصر لعام 2025

مع نهاية عام 2025، يبرز البحث العلمي في مصر كأحد المحاور الرئيسية في استراتيجية التنمية…

يوم واحد ago

وداعًا لأسطورة “الحواس الخمس”: أجسادنا “مفاعلات حسية” تعمل فيها عشرات الحواس الخفية بتناغم مذهل

تخيل أنك تستيقظ في غرفتك المظلمة تماماً. دون أن تفتح عينيك، ودون أن تلمس الجدران،…

4 أيام ago

حصاد العقول والعدسات: “نيتشر” تكشف عن الشخصيات والصور التي صاغت وجه العلم في 2025

من أعماق المحيط إلى حدود الكون: هؤلاء هم أبطال العلم لعام 2025 لم يكن عام…

أسبوع واحد ago

على خطى الاستدامة.. “علوم القاهرة” ترسم خارطة الطريق نحو “الحرم الجامعي الأخضر” وتفك شفرة “البصمة الكربونية”

في ظل تسارع وتيرة التغيرات المناخية التي تعصف بكوكبنا الأزرق، لم يعد دور المؤسسات الأكاديمية…

أسبوع واحد ago

عيد العلم المصري: من “ريشة جحوتي” المقدسة إلى منارات العلم الحديث

في الحادي والعشرين من ديسمبر، لا تحتفل مصر بمجرد مناسبة عابرة، بل تستحضر روح هويتها…

أسبوع واحد ago

بعد صمت دام 1.5 مليون عام: أحفورة “غونا” تكشف الحلقة المفقودة في قصة التطور

أحجية ثلاثية الأبعاد: علماء يعيدون تركيب وجه إنسان ما قبل التاريخ ويكتشفون مفاجأة تقنية مذهلة.…

أسبوعين ago