تعد عائلة اللغات الصينية التبتية (Sino-Tibetan Languages) من العائلات اللغوية الأساسية. وتصنف على أنها ثاني أكبر عائلة من ناحية عدد المتحدثين، حيث يبلغ عدد الناطقين بلغاتٍ تنتمي إلى هذه العائلة حوالي 1,4 مليار شخص في العالم. ومن جهة عدد اللغات التي تضمها، فيوجد تقريباً 455 لغة صينية تبتية [1].
محتويات المقال :
تنتشر عائلة اللغات الصينية التبتية في الصين ومناطق أخرى في جنوب شرق آسيا، بما في ذلك في بورما ونيبال والهند [2]. وتعتبر دراسة هذه العائلة في علم اللغويات حديثة العهد، إذ لم ينشط الاهتمام بها إلا منذ حوالي 50 عاماً. في البداية، سعى الباحثون منذ أواسط القرن التاسع عشر إلى تحديد مكان اللغة الصينية في سياق أوسع من ناحية أصلها. وكان الاعتماد في هذا على العلاقة بين اللغتين الصينية والتبتية من جهة، وبين التبتية والبورمية من جهة أخرى. وبالعموم، أدت دراسة هاتين العلاقتين إلى توضيح بعض المفاهيم الغامضة حول عائلة لغاتٍ هندية صينية. وفيما يتعلق بمصطلح “الصينية التبتية،” كان أول من استخدمه روبرت شافير (Robert Shafer) الذي قاد مجموعة أبحاث لغوية في جامعة كاليفورنيا في ثلاثينيات القرن العشرين. وفي دراسته، قسم شافير هذه العائلة إلى ثلاث مكونات هي المكون الصيني، والمكون التبتي البورمي، والمكون الأخير وهو تاي-كاداي أو دايك [2] [3].
تشير الدراسات إلى أن موطن أصل هذه العائلة، والمتمثل باللغة الصينية التبتية البدائية (Proto-Sino-Tibetan)، يقع في منطقة الهيمالايا حيث تنبع الأنهار الكبيرة في آسيا كالنهر الأصفر (Yellow River) ونهر يانجتسي (Yangtze River) ونهر ميكتونغ (Mekong River) [2].
اعتمد أحد الأبحاث على تحليل هذه العائلة وفق علم الوراثة العرقي. وفيه، جمع الباحثون قاعدة بياناتٍ تضمّ 180 مفردةً أساسية من 50 لغة صينية تبتية قديمة تعود إلى أكثر من ألف عامٍ، كاللغات الصينية القديمة، والبورمية القديمة، والتبتية القديمة، إضافة إلى لغات حديثة. ثم قاموا بتحديد الكلمات التي تعود إلى أصل مشترك. كما درسوا لفظ هذه الكلمات لتبيان ما هي الأصوات التي قد تكون مرتبطة ببعضها. ومن بين الصعوبات التي واجهها هذا البحث هو وجود كلماتٍ استعارتها اللغات من بعضها، ولم تكن هذه الحالات بالقليلة. لكنّ المعرفة الجيدة لتاريخ لغاتٍ محددة، واستخدام تقنيات طورت خصيصاً لاكتشاف تاريخ استعارة الكلمات، أدى إلى تجاوز تلك العقبة. وبالاعتماد على طرائق حاسوبية، استطاع فريق البحث استخلاص العلاقات المحتملة بين هذه اللغات، ومن ثم تقدير الفترة الزمنية التي نشأت فيها. فكانت النتيجة التي رجحتها تقديرات الباحثين أن اللغة السلف لعائلة اللغات الصينية التبتية ظهرت قبل حوالي 7200 سنة في شمال الصين، وكان يتحدثها مزارعو الدخن [4] [5].
يمكن تقسيم هذه العائلة إلى مجموعات فرعية، وبالعودة إلى روبرت شافير، توجد ثلاث تقسيمات أساسية ضمن هذه العائلة الأمّ. أولاً، هناك الفرع الصيني (Chinese)، ويشير إلى اللغة الصينية ذات الأهمية الكبيرة في العالم. ويعرّف بعض الباحثين مرحلتين لتطور هذه اللغة وهما اللغة الصينية القديمة، واللغة الصينية المتوسطة [2].
ثانياً، يوجد الفرع المسمى التبتي البورمي (Tibeto-Burman)، والذي يضم اللغات المحكية في منطقة واسعة تمتد من هضبة التبت في الشمال إلى شبه جزيرة مالايو في الجنوب، ومن شمالي باكستان في الغرب إلى شمال شرق فيتنام في الشرق [6].
ثم في كتاب “مقدمة إلى اللغات الصينية التبتية” التي نشر في عام 1966، تحدث شافير عن القسم الفرعي الثالث وهو لغات تاي-كاداي أو دايك (Tai/Daic). وتضم هذه اللغات التايلاندية (السيامية) واللاوية وغيرها من اللغات كتلك المحكية في فيتنام [7].
وأخيراً، يمكن الحديث عن مجموعة فرعية أخرى وهي المجموعة الأصغر وتدعى اللغات الكارينية (Karen) ويتحدثها حوالي 3 مليون شخصاً متواجدون في جنوبي بورما وغرب تايلاند [8].
المصادر
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…
View Comments