Ad

توصل فريق من علماء الفلك، بقيادة الأستاذة بجامعة ويسكونسن ماديسون كاثرين جرير وحديث التخرج روبرت ويتلي، إلى اكتشاف رائد بأن رياح الثقوب السوداء تؤثر على تطور المجرات. ويتيح لنا التعمق أكثر في الثقوب السوداء فائقة الكتلة وقوتها الهائلة. ومن خلال تحليل سنوات من البيانات من نجم زائف (quasar) يقع على بعد مليارات السنين الضوئية في كوكبة العواء (Boötes)، وجد الفريق أن الغاز المحيط به يتسارع، وينطلق بسرعة متزايدة باستمرار.
استخدم فريق جرير وويتلي أكثر من ثماني سنوات من الملاحظات من مسح سلون الرقمي للسماء (Sloan Digital Sky ) لتتبع الرياح المكونة من الكربون الغازي. واكتشفوا الضوء المفقود من النجم الزائف، وهو الضوء الذي كان يمتصه الغاز. ولكن بدلاً من رؤية الامتصاص المتوقع، وجدوا أن الظل قد تغير موضعه، مما يشير إلى أن الغاز كان يتحرك بشكل أسرع مع كل ملاحظة عابرة. وهذا يعني أن الرياح تتسارع، مدفوعة بالإشعاع الذي ينطلق من القرص المتراكم المحيط بالثقب الأسود. وهذا الاكتشاف له آثار مهمة على فهمنا لكيفية تأثير الثقوب السوداء على تطور المجرات.

رياح الثقوب السوداء تؤثر على تطور المجرات
رياح الثقوب السوداء تؤثر على تطور المجرات

لغز النجم الزائف

في قلب معظم المجرات يوجد ثقب أسود فائق الكتلة (Supermassive black hole)، وهو عملاق الجاذبية الذي يشوه نسيج الزمكان. يُعتقد أن هذه الوحوش الكونية هي المسؤولة عن تشكيل تطور المجرات، إلا أن طريقة عملها تظل محاطة بالغموض. أحد الجوانب الأكثر غموضًا للثقوب السوداء هو قدرتها على تغذية النجوم الزائفة. والنجوم الزائفة هي عبارة عن ثقوب سوداء فائقة الكتلة محاطة بأقراص من المادة يتم سحبها إلى الداخل بواسطة قوة الجاذبية الهائلة للثقب الأسود.

القرص المُزوِّد ( accretion disk) للثقوب السوداء، يقوم بسحب المادة من المجرة نحو ثقب أسود هائل في مركزها، والمركز هو منطقة ذات حرارة وضوء شديدين تزود النجوم الزائفة بالطاقة. ويعد القرص المُزوِّد عنصرًا حاسمًا في ظاهرة النجوم الزائفة، ولطالما كان العلماء مفتونين بديناميكياتها.

القرص المُزوِّد عبارة عن هيكل على شكل قرص يتكون من مادة تدور حول الثقب الأسود. وتنجذب النجوم والغاز والغبار نحو أفق حدث (Event horizon) الثقب الأسود. ومع سقوط المادة، فإن المادة تكتسب طاقة بسبب قوة الجاذبية الشديدة. يتم إطلاق هذه الطاقة على شكل حرارة، مما يتسبب في إشعاع القرص عبر الطيف الكهرومغناطيسي بأكمله. وهذا يجعل النجوم الزائفة مرئية من مسافات شاسعة تصل إلى 13 مليار سنة ضوئية. تختلف درجة حرارة القرص بشكل كبير، من شديدة الحرارة في مركزه إلى أكثر برودة نسبيًا عند حوافه، ولهذا السبب تبعث النجوم الزائفة الضوء عبر نطاق واسع من الأطوال الموجية.

عملية فك لغز النجوم الزائفة

لفك لغز النجوم الزائفة، قام الباحثون بقيادة البروفيسور كاثرين جرير وروبرت ويتلي بجمع أكثر من 8 سنوات من البيانات من نجم زائف يسمى (SBS 1408 + 544)، تم التقاطه بواسطة مشروع رسم خرائط صدى الثقب الأسود التابع لمسح سلون الرقمي للسماء (Sloan Digital Sky).

من خلال مراقبة ضوء النجم الزائف، قام الفريق بتتبع امتصاص الكربون الغازي لأطوال موجية محددة، والتي تحولت مع مرور الوقت. كشف هذا التحول عن علاقة ديناميكية بين إشعاع النجم الزائف والغاز المحيط به. عندما ينفجر الإشعاع من القرص المُزوِّد، فإنه يدفع الغاز، مما يؤدي إلى تسارعه، وهي ظاهرة يمكن ملاحظتها من خلال أنماط الامتصاص.
أتاحت الملاحظات الـ 130 لهذا النجم الزائف، والتي امتدت لما يقرب من عقد من الزمان، فرصة فريدة لتحديد هذا التسارع بدقة عالية. يسمح هذا الاكتشاف للعلماء بفهم أفضل لكيفية تأثير النجوم الزائفة على المجرات المضيفة، مما يشكل تطور هذه العمالقة الكونية.

ولهذا الاكتشاف آثار مهمة على فهمنا لكيفية تفاعل الثقوب السوداء الهائلة مع المجرات المضيفة لها. يمكن للرياح التي تنفخ الغاز بعيدًا عن النجم الزائف أن تؤثر على تكوين النجوم الجديدة، إما عن طريق تغذية ولادتها أو قمع نموها. إنها علاقة معقدة بين الثقب الأسود ومجرته، حيث تلعب الرياح دورًا حاسمًا في تشكيل تطور المجرة. وبينما يواصل العلماء دراسة هذه الرياح، فقد يكشفون المزيد من الأسرار حول العلاقات المعقدة بين الثقوب السوداء ومجراتها.

المصادر:

Wind from black holes may influence development of surrounding galaxies / science daily

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فلك فضاء

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 92
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق