إن الذرات التي تشكل أجسادنا، والهواء الذي نتنفسه، والنجوم التي نراها في سماء الليل، قد قامت برحلة عبر المكان والزمان. ويكشف بحث جديد أن إعادة تدوير المجرات للعناصر الكونية هي رحلة مستمرة منذ ملايين السنين
وتلقي الدراسة، التي نشرت في دورية “The Astrophysical Journal Letters”، الضوء على العملية المعقدة لتكوين العناصر وتطور المجرات. إن النتائج التي توصلوا إليها لها آثار كبيرة على فهمنا لدورة حياة النجوم والمجرات، وطبيعة مخزون الكربون المتاح لتشكيل النجوم الجديدة.
محتويات المقال :
الكون مكان فسيح وعجيب، حيث تتراقص النجوم والمجرات عبر الكون. ولكن هل تساءلت يومًا من أين تأتي العناصر الأساسية للحياة؟ الجواب يكمن في المهد الكوني، حيث تولد العناصر.
لا يمكن للحياة على الأرض أن توجد بدون الكربون. ولكن الكربون نفسه لا يمكن أن يوجد بدون النجوم. فكل العناصر تقريبا باستثناء الهيدروجين والهيليوم موجودة فقط لأنها صُنِعَت في قلب النجوم ثم انتشرت في الكون بعد موت نجومها. وفي عملية نهائية من عمليات إعادة التدوير المجرية، تتشكل الكواكب مثل كوكبنا من خلال دمج هذه الذرات التي بنتها النجوم في تركيبها، سواء كان الحديد في قلب الأرض، أو الأكسجين في غلافها الجوي، أو الكربون في أجساد سكان الأرض.
لقد أكد فريق من العلماء مؤخرا أن الكربون وغيره من الذرات التي تشكلت في النجوم لا تنجرف بلا هدف عبر الفضاء حتى يتم جرها لاستخدامات جديدة. فبالنسبة للمجرات مثل مجرتنا، والتي لا تزال تشكل نجوما جديدة بنشاط، فإن هذه الذرات تسلك رحلة ملتوية.
فهي تدور حول مجرتها الأصلية على تيارات عملاقة تمتد إلى الفضاء بين المجرات. وتشبه هذه التيارات، المعروفة بالوسط المحيط بالمجرة، أحزمة النقل العملاقة التي تدفع المواد إلى الخارج وتسحبها مرة أخرى إلى داخل المجرة، حيث يمكن للجاذبية والقوى الأخرى تجميع هذه المواد الخام في كواكب وأقمار وكويكبات ومذنبات وحتى نجوم جديدة.
فكر في الوسط المحيط بالمجرة باعتباره محطة قطار عملاقة. فهو يدفع المواد باستمرار للخارج ويسحبها للداخل. حيث يتم دفع العناصر الثقيلة التي تصنعها النجوم للخارج من مجرتها المضيفة وإلى الوسط المحيط بالمجرة من خلال موت المستعرات العظمى المتفجرة، حيث يمكن سحبها في النهاية مرة أخرى ومواصلة دورة تكوين النجوم والكواكب
لقد كشف البحث أن الكربون، وهو عنصر أساسي للحياة، يتبع هذا المسار غير المباشر. إنها رحلة رائعة حيث يتم دفع الكربون الناتج عن الموت المتفجر للنجوم خارج المجرة إلى الوسط المحيط بالمجرة، ليتم سحبه مرة أخرى واستخدامه لتشكيل نجوم وكواكب جديدة. هذه العملية ضرورية لتطور المجرات، لأنها تسمح بالتكوين المستمر لنجوم وكواكب جديدة.
وهذا الاكتشاف له آثار مهمة على فهمنا لكيفية تشكل المجرات وتطورها. ومن خلال تحديد وجود الكربون في الوسط المحيط بالمجرة، أظهر الباحثون أن هذا الوسط يلعب دورًا حاسمًا في دورة تكوين النجوم والكواكب. حيث تشير نتائج الدراسة أيضًا إلى أن الاضطرابات في هذه العملية يمكن أن تكون السبب وراء توقف بعض المجرات عن تكوين النجوم قبل الأوان. فإذا تمكنت من الحفاظ على استمرار الدورة، فمن الناحية النظرية سيكون لديك ما يكفي من الوقود للحفاظ على استمرار تشكل النجوم
إن دراسة الوسط المحيط بالمجرة قد تساعد العلماء على فهم كيفية تباطؤ عملية إعادة التدوير هذه، وهو ما سيحدث في نهاية المطاف لجميع المجرات، حتى مجرتنا. وتقول إحدى النظريات إن تباطؤ أو انهيار مساهمة الوسط المحيط بالمجرة في عملية إعادة التدوير قد يفسر سبب انخفاض أعداد النجوم في المجرة على مدى فترات طويلة من الزمن.
إن معرفتنا بهذا الموضوع لا تزال في مهدها. ورغم أن الوسط المحيط بالمجرة كان محل نظريات لفترة طويلة، إلا أنه لم يتم تأكيد وجوده إلا في عام 2011. والهيدروجين هو المكون الأكبر، ولكن من الممكن أن يكون له مجموعة متنوعة من المصادر. ومن ناحية أخرى، فإن الأكسجين الذي تم تحديده هناك في الاكتشاف الأصلي لابد وأن يكون قد أتى من داخل المجرة. وقد حدد الفريق البحثي الآن وجود الكربون أيضًا، مما يدل على أنه يتبع مسارًا مشابهًا.
وقد استخدم الباحثون في الدراسة مطياف الأصول الكونية على تلسكوب هابل الفضائي. حيث قام المطياف بقياس مدى تأثر الضوء القادم من تسعة نجوم مزيفة بعيدة بالوسط المحيط بالمجرة المكون من 11 مجرة تشكل النجوم.
أشارت قراءات هابل إلى أن بعض الضوء القادم من أشباه النجوم كان يمتصه مكون محدد في الوسط المحيط بالمجرة وهو الكربون. وفي بعض الحالات، اكتشفوا امتداد الكربون إلى ما يقرب من 400,000 سنة ضوئية، أو أربعة أضعاف قطر مجرتنا، في الفضاء بين المجرات.
عندما ننظر إلى سماء الليل المليئة بالنجوم، من الصعب أن نفهم أن الذرات التي تشكل أجسادنا وكوكبنا وكل شيء حولنا كانت في رحلة ملحمية عبر المكان والزمان. ولكن هذه الدراسة تكشف أن بعض هذه الذرات اتخذت منعطفًا هائلاً خارج المجرة قبل أن تندمج في وجودنا.
ومن المحتمل أن الكربون والأكسجين الضروريين للحياة كما نعرفها، والذين يشكلان ما يقرب من 23% و65% من أجسامنا، على التوالي، قد قضوا قدرًا كبيرًا من الوقت يطفون في مساحة شاسعة من الوسط المحيط بالمجرة. إنها فكرة مذهلة أن العناصر الأساسية للحياة قد تم إعادة تدويرها وإعادة استخدامها، حيث مرت عبر نجوم ومجرات متعددة ومسافات شاسعة قبل أن تصبح جزءًا لا يتجزأ منا.
لا يلقي هذا الاكتشاف الضوء على تاريخ مجرتنا فحسب، بل يسلط الضوء أيضًا على الشبكة المعقدة من الروابط التي تربطنا بالكون. الذرات التي تشكل أجسامنا ليست مجرد مجموعات عشوائية من المادة. بل لديهم تاريخ غني، شكله موت النجوم والتيارات اللطيفة للوسط المحيط بالمجرة.
Atoms In Your Body Probably Once Left The Galaxy | iflscience
حقق الباحثون في جامعة كورنيل إنجازًا مهمًا. حيث نجحوا في إنشاء طريقة مستدامة لاستخراج الذهب…
ابتكر مجموعة من العلماء هيدروجيل يجدد العظام. حيث نجح الفريق في تطوير هيدروجيل جديد يستخدم…
توصل علماء إلى اكتشاف رائد حول حرب جينية لتغذية الجنين حيث تستخدم الأجنة جين من…
تقدم دراسة أجراها باحثون في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي أقدم مثال معروف في السجل الأحفوري…
تواجه الصين حاليًا زيادة في حالات الإصابة بفيروس رئوي بشري يسمى الفيروس البشري التالي لالتهاب…
ماذا لو طاردتك ذكريات غير مرغوب فيها لا يمكنك التخلص منها، وتغزو أفكارك وعواطفك في…