Ad

اقترح فريق من الباحثين بقيادة البروفيسور كاوستاف بانيرجي، الخبير الشهير في مجال الإلكترونيات النانوية بجامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، منصة ثورية جديدة في الحوسبة المستوحاة من الدماغ والتي يمكن أن تسد الفجوة في كفاءة استخدام الطاقة. قام الفريق، بما في ذلك باحثون من (Intel Labs)، بتطوير منصة فائقة الكفاءة في استخدام الطاقة باستخدام ترانزستورات تأثير المجال النفقي ثنائية الأبعاد للمعادن الانتقالية ثنائية الكالكوجينيد. تم نشر البحث في مجلة (Nature Communications)

لماذا تتفوق العقول البشرية على أجهزة الكمبيوتر؟

لقد قطعت أجهزة الكمبيوتر خطوات هائلة في مجال القوة والإمكانات، حيث تنافست بل وتفوقت على العقول البشرية في العديد من المجالات. ومع ذلك، هناك جانب واحد حاسم لا يزال العقل البشري مسيطرًا عليه وهو كفاءة الطاقة. على الرغم من أن أجهزة الكمبيوتر أصبحت قوية بشكل لا يصدق، إلا أنها تستهلك كميات هائلة من الطاقة لأداء المهام. وفي المقابل، تعمل العقول البشرية بكفاءة ملحوظة، باستخدام الحد الأدنى من الطاقة لمعالجة المعلومات المعقدة.

ولوضع هذا في الاعتبار، لا تزال أجهزة الكمبيوتر الأكثر كفاءة تتطلب حوالي 10000 مرة من متطلبات الطاقة مقارنة بالعقل البشري لمهام محددة مثل معالجة الصور والتعرف عليها. وتشكل هذه الفجوة في كفاءة استخدام الطاقة مصدر قلق كبير، خاصة وأن الاستهلاك العالمي للطاقة بواسطة الإلكترونيات الموجودة على الرقائق يتزايد بشكل كبير كل عام، وتغذيه تطبيقات مثل الذكاء الاصطناعي.

إن عواقب عدم كفاءة الطاقة هذه بعيدة المدى. وكما لاحظ البروفيسور كاوستاف بانيرجي، فإن مشكلة الحوسبة غير الفعالة في استخدام الطاقة أصبحت ملحة بشكل خاص في سياق ظاهرة الاحتباس الحراري، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتطوير المزيد من تقنيات الحوسبة الموفرة للطاقة. ومع تزايد اعتماد العالم على التكنولوجيا، فإن إيجاد طرق لسد هذه الفجوة أمر بالغ الأهمية لتحقيق مستقبل مستدام.

تاريخ موجز لحوسبة التشكيل العصبي (الحوسبة المستوحاة من الدماغ)

ظهر مفهوم حوسبة التشكيل العصبي (Neuromorphic (NM) computing) كوسيلة واعدة للتعامل مع كفاءة استخدام الطاقة. لقد مهدت التطورات في الدوائر، التي أتاحت إنشاء مصفوفات أصغر وأكثر كثافة من الترانزستورات، الطريق لمعالجة المزيد مع استهلاك طاقة أقل. وقد ولّد هذا اهتمامًا كبيرًا بتوسيع الخيارات المتاحة لمنصة أجهزة حوسبة التشكيل العصبي، خاصة مع التطبيقات المحتملة في الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.

اليوم، يقطع الباحثون خطوات كبيرة في تطوير ترانزستورات عالية الأداء ومنخفضة في استهلاك الطاقة لتلبية الطلب المتزايد على المعالجة دون زيادة مقابلة في متطلبات الطاقة. على سبيل المثال، يمكن أن يحاكي استخدام الترانزستورات النفقية ثنائية الأبعاد (2D tunnel-transistor) العمليات ذات الكفاءة العالية في استخدام الطاقة التي يقوم بها الدماغ البشري، مما يجعل متطلبات الطاقة تصل إلى المستوى الثاني (حوالي 100 مرة) فيما يتعلق بالدماغ البشري.

الحوسبة المستوحاة من الدماغ

تقديم ترانزستورات تأثير المجال النفقي ثنائية الأبعاد المعدنية الانتقالية (TFETs)

يكمن مفتاح معالجة المعلومات بنفس كفاءة استخدام الطاقة للدماغ البشري في ترانزستورات تأثير المجال النفقي ثنائية الأبعاد للمعادن الانتقالية ثنائية الكالكوجينيد (2D transition metal dichalcogenide (TMD)-based tunnel-field-effect transistors (TFETs)). تم تصميم هذه الترانزستورات النانوية الرفيعة ذريًا لتقليد العمليات ذات الكفاءة العالية في استخدام الطاقة للدماغ البشري، وهي تمتلك القدرة على إحداث ثورة في مجال الحوسبة المستوحاة من الدماغ.

إن (TFETs) هي من بنات أفكار البروفيسور كاوستاف بانيرجي في الجهود البحثية الطويلة الأمد لتطوير ترانزستورات عالية الأداء ومنخفضة في استهلاك الطاقة. تستجيب هذه الترانزستورات عند الفولتية المنخفضة، مما يمكنها من التشغيل وإيقاف التشغيل بسرعة وكفاءة. يعد هذا تحسنًا كبيرًا مقارنة بالترانزستورات التقليدية ذات التأثير الميداني لأشباه الموصلات المصنوعة من أكسيد المعدن (MOSFETs)، والتي تتميز بتيارات تسرب عالية مما يؤدي إلى هدر الطاقة.

ويكمن جمال (TFETs) في (subthreshold swing)، وهو معامل يصف مدى فعالية تحويل الترانزستور من وضع إيقاف التشغيل إلى وضع التشغيل. ويؤدي انخفاض ال(subthreshold swing) إلى انخفاض جهد التشغيل، مما يؤدي إلى تحويل أسرع وأكثر كفاءة.

كما أن (TFETs) تحاكي الخلايا العصبية في الدماغ، حيث تعمل فقط عند الضرورة. ويسمح هذا النظام القائم على الأحداث للكمبيوتر بمعالجة البيانات فقط عندما يتلقى المدخلات، بدلاً من سحب الطاقة باستمرار. في المقابل، تقوم أجهزة الكمبيوتر التقليدية ذات معمارية فون نيومان (von Neumann architecture) بمعالجة البيانات بشكل تسلسلي، مما يؤدي باستمرار إلى سحب الطاقة طوال العملية بأكملها.

مستقبل حوسبة التشكيل العصبي

بينما نقف على عتبة عصر جديد في حوسبة التشكيل العصبي، فإن الاحتمالات لا حصر لها. مع ظهور ترانزستورات تأثير المجال النفقي ثنائية الأبعاد للمعادن الانتقالية ثنائية الكالكوجينيد (TFETs)، نحن على استعداد لسد فجوة كفاءة استخدام الطاقة بين أجهزة الكمبيوتر والدماغ البشري. ويتمتع هذا الإنجاز بالقدرة على إحداث ثورة في الطريقة التي نتعامل بها مع الحواسيب، مما يتيح لأجهزة أسرع وأكثر ذكاءً معالجة كميات هائلة من البيانات مع استهلاك الحد الأدنى من الطاقة.

ومن خلال الاعتماد على (TFET)، يمكننا تصور مستقبل حيث يمكن لأجهزة الكمبيوتر أن تعمل بكفاءة مثل الدماغ، مما يمهد الطريق لاعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء على نطاق واسع. وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى تطورات غير مسبوقة في مجالات مثل الروبوتات ومعالجة اللغة الطبيعية (Natural language processing) والأمن السيبراني.

المصدر

Next platform for brain-inspired computing / science daily

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


تقنية

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 299
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *