تسارع تمدد الكون: خطأ أينشتاين الأعظم ومعضلتنا الكبرى
منذ ما يزيد على القرن كان أينشتاين قد وضع نموذجاً للكون في معادلاته للنسبية العامة في العام 1917م، ينص على أن الكون ساكن لا يتمدد ولا ينكمش ولا نهائي زمانياً وأن كان محدوداً مكانياً. ولكن لم يدم هذا طويلاً إذ اكتشف الفلكي الأمريكى إدوين هابل في عشرينات القرن الماضي أن المجرات تسير مبتعدة إحداها عن الآخرى بسرعة متزايدة باستمرار، وهو ما يؤكد على أن الكون ديناميكي وليس مجموعة ساكنة من النجوم كما تصور الوسط العلمي من قبل. ويُؤرخ هذا الاكتشاف كأحد أهم الاكتشافات الفلكية في التاريخ، ويلي ما قام بطرحه الفلكي البولندي كوبرنيكوس بأن الأرض تدور حول الشمس وليست مركز الكون. وفي العام 1998م اكتشف العلماء أن الكون لا يتمدد فحسب بل أنه يتسع ويتسارع بفعل قوة مجهولة تفوق قوة الجاذبية. أطلق العلماء على تلك الطاقة الغامضة “الطاقة المظلمة”.
في العام ١٩٢٩م تم اقتراح ثابت لمعدل تسارع تمدد الكون وهو ما يُعرف بثابت هابل والذى ينص على وجود علاقة تناسبية طردية بين المسافات بين المجرات وسرعة تبعادها عن بعض البعض. في عام 2001م قد استنتج فريق بحثي تابع لجامعة شيكاغو أن قيمة ثابت هابل يبلغ 72 كيلومتراً لكل ثانية لكل ميجابارسك، واعتمد في حساباته على نوع من النجوم المتغيرة تعرف بالنجوم القيفاوية وهي نجوم تتمدد وتنكمش خلال فترة زمنية قصيرة ويتم حساب بعد لنجم قيفاوي بقياس معدل التغير في لمعانه.
في العام 2009م تم إطلاق القمر الصناعي بلانك التابع للوكالة الأوروبية لأبحاث الفضاء، والذي ركز في رصده على إشعاع الخلفية الكونية الميكروي لتفسير ما بعد الانفجار العظيم وعمر الكون، بالإضافة إلى وضع ما يعرف النموذج القياسي لعلم الكونيات والذي يشير إلى أن كوننا بدأ في التوسع بسرعة، ومن ثم تباطأ بسبب قوى جاذبية ما يعرف بالمادة المظلمة، قبل أن يتسارع أخيراً مرة أخرى بفعل الطاقة المظلمة. ومنه استنتج أن سرعة التمدد هي 67.4 كيلومتراً لكل ثانية لكل ميجابارسك.
ولكن في شهر أبريل لهذا العام خلصت دراسة تابعة لمرصد هابل التابع لوكالة ناسا 74 كيلومتراً لكل ثانية لكل ميجابارسك اعتماداً على دراسة 70 نجم من نوع النجوم القيفاوية إلى أن كوننا يتمدد بمعدل أسرع بنسبة 9% من نتائج النموذج القياسي لعلم الكونيات. وفي دراسة نشرت مؤخراً لمجلة “أستروفيزيكال جورنال” لفريق بحثي بجامعة شيكاغو اعتماداً على رصد نجوم تعرف بالعمالقة الحمراء في مجرتنا كالشمس، فإن قيمة ثابت هابل قدرت ب 70 كيلومترا في الثانية لكل ميغابارسك.
وفي تخمين مقترح من قبل عالم الفيزياء النظرية ماسيمو سيردونيو بجامعة بادوا الإيطالية أن سر تضارب تلك القياسات يرجع إلى تغير كمية وكثافة المادة المظلمة ما يؤدي إلى تغير في تسارع تمدد الكون مع الزمن والتي مع الأسف الشديد ما زال الوسط العلمي عاجز عن تفسير ماهيتها وعن رصدها.
المصادر
مواضيع ذات صلة: بيانات هابل الجديدة وثابت جديد لمعدل توسع الكون اللانهائي
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…
View Comments