في القرن الثامن عشر انتشر عدد من الأوبئة خلال الحملات العسكرية ومنها التهاب الكبد الفيروسي، وخلال الحرب الأهلية الأميركية بين العامين ١٨٦١ و ١٨٦٥، أصاب التهاب الكبد الفيروسي حوالي ال٥٢ ألف حالة، أما في الحرب العالمية الثانية، فسبب التهاب الكبد وفاة حوالي ١٦ مليون شخص. انطلاقا من أهمية هذا الموضوع سنتكلم في هذا المقال عن تاريخ اكتشاف فيروسات التهاب الكبد الوبائي.
محتويات المقال :
التهاب في الكبد، ينتج عن عدوى فيروسية، وهو يُعد مرض خطير، وقد يؤدي إلى الوفاة. هناك ٥ أنواع من فيروسات التهاب الكبد هي: A و B و C وD وE، وتختلف هذه الأنواع من الفيروسات في طريقة انتقالها وفي خطورتها و أعراضها، إلا أنه يعد التهاب الكبد B وC الاكثر انتشارًا، وهما السبب الأكثر شيوعًا لتشمع الكبد وسرطان الكبد.
منذ ٥٠٠٠ عام، تم وصف اليرقان الناتج عن التهاب الكبد في الحضارة السومرية على أنه شيطان يغزو الكبد، أما في العصور الوسطى، كان مرض اليرقان (أي الصفرة) معروفًا ولكنه كان يُعتبر كعقاب إلهي، فكان مرضى اليرقان يُعزلون كونهم “غير طاهرين”.
في القرن الثالث قبل الميلاد، وصف ابوقراط اليرقان الوبائي الذي سبب فشل الكبد لعدد من المرضى، وكان ذلك في القرن الثالث قبل الميلاد، أما في القرن الرابع عشر، بدأ الحديث عن الأمراض المُعدية يزداد، وبدأت فكرة العزل لهذه الأمراض أكثر شيوعًا.
بعد انتشار التهاب الكبد بشكل كبير ووصف الحالات التفصيلي بدأت ملامح المرض وأسبابه تبدو أوضح للعلماء، في عام ١٨٨٥، لاحظ لوهرمان الذي كان يتابع انتشار الأوبئة في سفينة حربية، أن الأشخاص الذين أصيبوا بالتهاب الكبد هم الذين حصلوا على لقاح الجدري، اما الاشخاص الذين لم يحصلوا على اللقاح فلم يصابوا بالمرض، مما جعله يتأكد أنه ينتقل عبر بلازما الدم.
بعد الانفجار الوبائي في قوات البحرية الأميركية، حيث أصاب أكثر من ٥٦ ألف شخص منهم عام ١٩٤٢، اكتُشف أن سبب الانتشار الوبائي كان أيضا اللقاح ضد الحمة الصفراء، وكان اللقاح يحمل فيروسات التهاب الكبد.
عام ١٩٤٧، اكتشف ماك كالوم البريطاني وهو أخصائي بأمراض الكبد، لاول مرة وجود نوعين من التهاب الكبد،
و تم تأكيد هذه النظرية من خلال مجموعة من الاختبارات، وأهمها بين العامين ١٩٦٤ و ١٩٦٧ التي أُجريت من قِبل “سول كروغمان- Saul Krugman” والتي ميزت بين نوعين من التهاب الكبد، الأول ذو فترة حضانة قصيرة (30 إلى 45 يوم) و الثاني ذو فترة حضانة طويلة (60 إلى 90 يوم).
رغم أن التهاب الكبد الفيروسي يُعد من أقدم الأمراض، إلا أن تحديد الفيروسات المختلفة المسؤولة عنه لم يحصل إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ويُعتبر اكتشاف فيروسات التهاب الكبد واحد من اهم الانجازات العلمية و الطبية في الخمسين سنة الفائتة، حيث اُكتشف فيروس التهاب الكبد B عام ١٩٦٥ من قبل العالم باروتش بلومبرغ وهو طيبب و عالم اميركي الذي فاز بجائزة نوبل لهذا الاكتشاف في عام ١٩٧٦، وقد شكل ثورة في عالم الطب الوبائي.
أما فيروس التهاب الكبد A، فقد تم اكتشافه من حوالي الخمسين عامًا في ابحاث تشبه التي استخدمت في اكتشاف الفيروس B.
بالنسبة لاكتشاف الفيروس C حدث من خلال جهود علماء عدة وهم هارفي ألتر وتشارلز رايز (أمريكيان) ومايكل هاوتون (البريطاني) وقد فاز هذا الاكتشاف، بعد سنوات عديدة، بجائزة نوبل في هذا العام.
اكتشف فيروس التهاب D في منتصف السبعينات في ايطاليا. اما فيروس التهاب E، فاكتُشف عام ١٩٧٨ في الهند.
ينتج عن فيروس التهاب الكبد (HAV)، وهو شديد العدوى، إذ تنتقل العدوى عن طريق الطعام والشراب الملوثين، وتم الكشف عن الفيروس في براز ودماء الأشخاص المصابين.
تشمل الأعراض التي يعاني منها المرضى: تعب وغثيان وآلام في المعدة ويرقان، وقد تستمر هذه الأعراض لمدة تصل إلى شهرين، والجدير بالذكر أن هذا النوع من التهاب الكبد لا يتطور لمرض مزمن.
يسببه فيروس التهاب الكبد (HBV)، وتنتقل هذه العدوى عن طريق الدم وسوائل الجسم، ليس كل الأشخاص المصابين حديثًا بالفيروس لديهم أعراض، إذ قد يصاب المريض بمضاعفات خطيرة بصمت ودون ظهور أعراض، ويمكن أن تشمل الأعراض في حال ظهرت: التعب وفقدان الشهية وآلام في المعدة وغثيان ويرقان.
هذا النوع من التهاب الكبد يمكن أن يصبح عدوى مزمنة طويلة الأمد وقد تؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة، بل ومهددة للحياة مثل تليف الكبد أو سرطان الكبد، وأفضل طريقة للوقاية من التهاب الكبد B هي التطعيم.
يسببه فيروس التهاب الكبد (HCV)، وتنتقل العدوى عن طريق الدم أو سوائل الجسم كما هو الخال في التهاب الكبد B.
قد يتطور التهاب الكبد C إلى عدوى مزمنة طويلة الأمد، ويسبب مشاكل صحية خطيرة، بل ومهددة للحياة مثل تليف الكبد وسرطان الكبد.
غالبًا لا يعاني الأشخاص المصابون من أعراض ولا يشعرون بالمرض، وعندما تظهر الأعراض، فإنها غالبًا ما تكون علامة على مرض الكبد المتقدم، أما بالنسبة للوقاية فأفضل ما يمكن فعله تجنب السلوكيات التي من الممكن أن تسبب المرض، إذ لا يوجد لقاح، ويعد إجراء اختبار التهاب الكبد C أمرًا مهمًا، لأنه في غضون 8 إلى 12 أسبوعًا قد يُعالج معظم المصابين به.
تحدث عدوى فيروس التهاب الكبد D (HDV) فقط في الأشخاص المصابين بفيروس HBV، يمكن أن تؤدي العدوى المزدوجة لـ HDV و HBV إلى مرض أكثر خطورة ونتائج أسوأ، توفر لقاحات التهاب الكبد B الحماية من عدوى HDV.
يسببه فيروس التهاب الكبد (HEV)، وتنتقل العدوى في الغالب عن طريق المياه أو الطعام الملوث، فيروس التهاب الكبد الوبائي هو سبب شائع لتفشي التهاب الكبد في البلدان النامية من العالم ويتم التعرف عليه بشكل متزايد كسبب مهم للمرض، ولقد تم تطوير لقاحات آمنة وفعالة للوقاية من عدوى هذا الفيروس ولكنها غير متوفرة على نطاق واسع.
كان للعلماء دور عظيم في رحلة الاكتشافات هذه، والتي قادت لعدد إصابات أقل ووفيات أقل، وكما وضحت بعض الأسباب لباقي حالات التهاب الكبد المزمنة، وأُتيح أيضًا إجراء فحوصات دم وأدوية جديدة أنقذت حياة الملايين من المرضى.
للمزيد حول: اكتشاف فيروس التهاب الكبد الوبائي سي
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…