تأملات في فن الرواية للكاتبة رضوى عاشور
عرّفت الكاتبة المصرية رضوى عاشور أثناء محاضرةٍ ألقتها عام 2004م، في الجامعة الأمريكية في بيروت الرواية على أنها النوع الأدبي الأكثر اشتباكًا بالواقع. حيث أن لها القدرة على ربط الخاص بالعام، وربط الفكرة المجردة بالحياة التي تستعصي على التجريد. وأقرت أن ما يميز الرواية حقًا هو علاقتها الأخص بالواقع الاجتماعي في امتداده وحقيقته.
محتويات المقال :
نشأة الرواية
سردت رضوى عاشور مسار نشأة الرواية كجنس أدبي. وذلك منذ بداية صدورها في إطار واقع اقتصادي وسياسي بعينه في أوروبا. حيث ارتبط ظهورها بصعود البرجوازية، ونشأت مجموعة من الثورات الفكرية التي تخص إدراك الإنسان لذاته وللزمن، ولعلاقته بالوجود.
ويصف بعض الرواد ذلك الفن الحديث بناءًا على ظروف نشأته. حيث عرّفها فيلنج -أحد رواد الرواية الإنجليزية في القرن الثامن عشر- على أنها ملحمة ساخرة تُكتب نثرًا. ووصفها هيجل ولوكاتس بالملحمة البرجوازية.
ولم تجد رضوى إجابة عما كان يجب علينا نحن العرب أن نسمي رواياتنا من حيث النشأة، فقد كانت السير الشعبية التي تُعتبر الشكل المرادف للملحمة عندنا منفية في الأدب الرفيع، ومحصورة في الهامش بفعل صفاتها الشفهية، بالإضافة إلى أن برجوازيتنا لم يُتح لها الاكتمال لإبداع نوع أدبي جديد قد يُنسب إليها.
ورأت رضوى أنه كان من الصعب دراسة الرواية العربية في معزل عن الواقع الاستعماري وقت نشأتها، حيث شكلت منذ بدايتها سجلًا تاريخيًا للمسار الوطني.
ظهور مصطلح “رواية”
استقر الرواد في بدايات القرن العشرين على استخدام مصطلح “الرواية” للتعبير عن ذلك الشكل الأدبي المستجد للكتابة العربية، وتشيد رضوى بالتسمية، فهو مصطلح أكثر إحاطة ومرونة ونفعًا من مصطلح “Roman” المصطلح الفرنسي الذي يعبر عن الرواية، والذي يرتبط بجنس أدبي سابق انسلت منه الرواية، وكان محوره قصص الفروسية والحب.
وفود هذا الأدب جديدًا على الثقافة العربية أضفى عليه نوعًا من المرونة، فقد كان متحررًا من تلك القوالب والقيود المتأصلة في موروثنا الأدبي، لذلك كان لنا حرية التعبير والحركة في كتابة الرواية.
أصبحت الرواية فن مفتوح مرن وفضفاض، فتسمح بنيتها ونسيجها بمزج المُتخيّل بالوثائقي، والمشهد النابض بالفعل والحركة والمشاعر بالفكر والتأمل، وبتفاصيل تاريخية أو قانونية أو علمية.
الحدود بين الرواية والتاريخ
أكدت الكاتبة على أن الحدود التي تفصل بين التاريخ والرواية، وبين التأريخ والرواية هي حدود هشة قابلة لإعادة النظر فيها.
إن الفن الروائي فن مفتوح وقادر على تجاوز الأشكال المعتادة والقيود المفروضة على الفنون الأدبية. سواء كانت بالشكل الكلاسيكي الواقعي المعروف، أو كانت بالشكل الذي اصطُلح على تسميته بالحداثة وما بعد الحداثة.
الرواية العربية في القرن الواحد والعشرين
أضافت رضوى أن الرواية العربية أصبحت في القرن الواحد والعشرين مفتوحة على إمكانيات تجريبية هائلة، فقد أتيحت لها الفرصة للانفتاح على العالم وعلى التاريخ، حيث سقطت في ذلك الوقت الحدود الصارمة بين الأنواع الأدبية.
وأنهت محاضرتها بإضافة، أن الأصل في الرواية إتاحتها إمكانية حكيّ حكايتنا الدالة على موقعنا في الزمان والمكان. أي في التاريخ، وعلى أنها إسهام في أرشيف الإنسانية الدال على عذاباتها، ومخاوفها وأسئلتها ومساراتها، وأشكال تطلعها وعنادها.
اقرأ أيضًا:
ملخص رواية “ثلاثية غرناطة” للكاتبة رضوى عاشور
ملخص رواية “الطنطورية” للكاتبة رضوى عاشور
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :