ماذا سيحدث لو انقرض النحل؟
منذ حوالي 130 مليون سنة خلال أوائل «Cretaceous period- العصر الطباشيري» يحدث شيء غير متوقع إلى حد ما، لقد أزهرت زهرة. كان هذا بلا شك غريب بالنسبة للكوكب، فلم ير أحد زهرة من قبل. كانت النباتات في كل مكان من الطحالب وأشجار الصنوبر والسراخس و «Cycads-السيكايات» [1] لماذا وكيف حدث هذا؟ الإجابة غير واضحة تمامًا.
محتويات المقال :
يبدو ظهور النباتات المزهرة المعروفة مجتمعة باسم كاسيات البذور مختلفًا تمامًا عن أي نباتات أخرى في ذلك الوقت وبدون أسلاف تطورية واضحة وقد أسماها داروين عام 1879 “اللغز البغيض” [2]، حيث غزت النباتات المزهرة في 100 مليون سنة كل موطن على سطح الأرض تقريبًا، اليوم تمثل 9 من كل عشر أنواع نبات على هذا الكوكب، لقد أعادوا تعريف المناظر الطبيعية وشكلوا الأسس لنظم بيئية جديدة.
ولكن هل تسطيع كاسيات البذور فعل كل هذا بمفردها؟
تحتاج النباتات إلى المساعدة على التكاثر، وبالطبع أكبر المساهمين في زيادة نشاط النبات هو النحل.
تعود أعشاش النحل المتحجرة، أو المخلوقات الشبيهة بالدبابير الموجودة في «غابات أريزونا المتحجرة – petrified forest of Arizona» إلى حوالي 220 مليون سنة قبل ظهور الزهور بالشكل الذي نعرفه اليوم. يعتقد العلماء أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك الكثير من التعاون بين النحل فبدأت الزهور بالتطور. اقترحت دراسة أن النباتات الزيتية من فصيلة كاسيات البذور تطورت حوالي 28 مرة لتصبح أكثر جاذبية للحشرات الطائرة وخاصة النحل. وهي عملية يُعتقد أنها مسؤولة جزئيًا عن التنويع السريع والانتشار في الكوكب.
استجابة لذلك تطور شكل النحل وبنيته وسلوكه لتحسين وصوله إلى حبوب الطلع والرحيق.[3]
يصنف العلماء النحل كنوع ضروري لبقاء الحياة على الأرض، فهو مهم للنظام البيئي وقد ينهار من دونه. تعتمد 90% من المحاصيل المزروعة تجارياً على تلقيح النحل والحشرات الأخرى. تقدر إحدى الدراسات الدولية أيضاً أن الإنتاج الغذائي العالمي السنوي الذي يعتمد على الملقحات يبلغ نصف تريليون دولار. بدون النحل، لن يكون هناك لوزٌ، كما سيختفي التفاح، والتوت الأزرق، والكرز، والأفوكادو، والخيار، والبصل، والعنب، والبرتقال، والقرع.
لن ينهار نظامنا الغذائي بدون النحل، ولكن سيعاني الكثيرون من الجوع. سنظل قادرين على زراعة المواد الغذائية الأساسية مثل الحبوب التي يتم تلقيحها بواسطة الرياح. رغم ذلك، لن تتوفر الفواكه والخضار، أو لن نستطيع تحمل تكلفتها، ومن المحتمل أنك لن تستطيع شرب القهوة أيضًا.
في منتصف نوفمبر عام 2006م، قام مربي النحل الأمريكي ديف هاكنبرغ «Dave hackenberg» باكتشاف من شأنه أن يهز عالم تربية النحل. في فحص روتيني ل2400 خلية، وجد 400 خلية منها مهجورة تمامًا، لم يمت النحل، ولكنه رحل وترك خليته.
بحلول فبراير 2007 أبلغت العديد من عمليات تربية النحل الكبيرة في الولايات المتحدة عن حالات مماثلة، حيث فقد البعض ما يصل إلى 90% من مستعمراتهم. حدثت حالات اختفاء مشابهة على مدار تاريخ تربية النحل، حيث يعود تاريخ أول حالة إلى عام 1869. حملت على هذه الظاهرة عدة أسماء منها: «مرض الاختفاء – disappearing disease» و«مرض مايو -May disease». رغم ذلك، ما حدث عام 2006 كان غير مسبوق في حجمه فأطلقوا عليها اسمًا جديدًا وهو «اضطراب انهيار المستعمرات – CCD».
على مدى السنوات التسعة التالية قضى اضطراب انهيار المستعمرات تقريبًا على حوالي ثلث مستعمرات النحل في الولايات المتحدة الأمريكية كل عام دون أن يتمكن أحد من معرفة السبب. تفيد التقارير أن مربي النحل فقدوا 105,240 مستعمرة نحل بسبب اضطراب انهيار المستعمرة خلال الأشهر الأولى من عام 2020. في 1 أبريل 2020، فقد النحالون 44٪ من مستعمراتهم، وهذا هو ثاني أعلى معدل للخسائر منذ بدء هذه الدراسات الاستقصائية في عام 2006.
الولايات المتحدة ليست الوحيدة التي تعاني من اضطراب انهيار المستعمرات، فهناك نمط عالمي. أحد أبرز الأمثلة مقاطعة هانيوان-الصين المعروفة بعاصمة الإجاص في العالم. مع انخفاض أعداد النحل المحلية بشكل حاد، يتم التلقيح السنوي اللازم لضمان محصول كامل من الفاكهة الآن يدويًا، زهرة واحدة في كل مرة.
وجدت دراسة استمرت عقودًا للمحميات الطبيعية أن 75% من الحشرات الطائرة قد ماتت خلال الثلاثين عامًا الماضية. يظن بعض العلماء أن هذا كله جزء من حدث انقراض جماعي يموت فيه غالبية أنواع الكوكب، وهذا حدث خمس مرات قبل أن نكون أحياء لنعلم به، وها نحن نشهد المرة السادسة.
تتناقص أعداد الحيوانات في جميع أنحاء الكوكب بسرعة كبيرة لدرجة أن الباحثين يقولون أننا في حالة «إبادة بيولوجية – Biological annihilation».تشكل الحشرات حوالي 90% من جميع أنواع الحيوانات على هذا الكوكب، وأكثر من نصف جميع الكائنات الحية. تشير التقديرات إلى وجود ما يقارب من 1.4 مليار حشرة لكل إنسان على وجه الأرض.[4]
الخطوة الأولى هي فهم المشكلة، وهي ليست كما اقترح البعض تحصل بسبب الهواتف المحمولة، أو الإشعاع الكهرومغناطيسي.
حدد العلماء عددًا من الأشياء التي يمكن أن تؤثر على مجموع الملقحات من الحشرات، ربما يكون المرشح الأكثر وضوحًا هو تغير المناخ، الذي يؤثر على جميع النظم البيئية. رغم ذلك، لا يوجد حتى الآن الكثير من الأدلة التي تربط بشكل مباشر بين تغير المناخ وموت النحل الحشرات.
حيث يميل البشر إلى الاستيلاء على البيئات الطبيعية لبناء مرافقهم. مواقف السيارات، ومراكز التسوق تترك مساحة أقل للأنواع الأخرى للعيش والنمو.
ترتبط الزراعة الحديثة ارتباطًا وثيقًا بهذا الأمر، حيث أن هناك مساحات متزايدة من الأراضي، غالبًا ما تكون غابات، يتم تطهيرها وإعادة استخدامها لزراعة المحاصيل الغذائية.
تعتمد الزراعة التجارية بشكل كبير على استخدام المبيدات الحشرية، من المنطقي أن النحل، كونه من الحشرات، لا يتفاعل بشكل جيد مع هذه المواد. تنتشر فئة جديدة نسبيًا من المبيدات الحشرية وهي «مبيدات النيونيكوتين – neonicotinoids» على نطاق واسع في الزراعة اليوم. قد تكون هذه الفئة قاتلة للنحل، حيث تبين أن هذه المواد الكيميائية لها تأثير إدمان غير مقصود يشبه النيكوتين على النحل يجعلها تعود مرارًا للحصول عليه. من الممكن أن تجعل هذه المواد النحل يواجه مشاكل مع الطيران والتنقل.
تشمل الأعراض أيضاً انخفاض حاسة التذوق، وبطئ تعلم المهام الجديدة، وكلها تؤثر على القدرة على إيجاد الطعام وإنتاجية الخلية. [5] لمبيدات الحشرات الأخرى تأثيرات أقل فتكًا، لكنها تعمل على إضعاف جهاز المناعة لدى النحل، مما يجعله عرضة للإصابة بالأمراض والطفيليات وهو ما قد يؤدي إلى انقراض النحل في النهاية.
ومن الأسباب الأخرى التي تؤدي لموت النحل الانخفاض الكبير في جودة تغذية النحل، حيث تميل أساليب الزراعة الحديثة إلى تفضيل «الزراعة الأحادية-Monoculture». هذه الممارسة هي زراعة مساحات شاسعة من الأرض بنوع واحد من النباتات. في أسوأ الحالات، قد تكون هناك آلاف الهكتارات من الأراضي المزروعة بمحاصيل تجارية لا يتم تلقيحها بواسطة الحشرات كفول الصويا أو الذرة.
كما أن الزراعة الأحادية للمحاصيل المزهرة ليست أفضل بكثير، لأن غذاء النحل يصبح أحادي البعد، ويفتقر إلى التنوع الغذائي الكافي، نتيجة لذلك، تصبح أجهزة المناعة لدى النحل ضعيفة. ضعف الجهاز المناعي قد يؤدي إلى انقراض النحل بمجرد تعرضه لأي مرض أو طفيليات.
مع كل هذه المشاكل ظهر العدو الأقوى للنحل، وهو «عث الفاروا المدمر – Varroa Destructor Mite». يبلغ طول هذا المخلوق 1.2 ملم فقط، لكنه قادر على إحداث أضرار جسيمة. يخترق هذا العث جسم النحل، ويحقن مزيجًا من الأنزيمات الهاضمة التي تعمل على امتصاص دهون الجسم. حقيقًة، تتجسد خطورة عث الفاروا في انتقاله إلى الخلية ويقضي على أكثر من 20% من المستعمرة، مما يؤدي إلى موت الخلية بالكامل.[6]
لذلك نحتاج إلى اتخاذ خطوة جدية للمواجهة ظاهرة انقراض النحل، والمحافظة على استمرارية الحياة على كوكب الأرض.
المصادر:
[1] digitalcommons
[2] ecoevocommunity.nature
[3]royalsocietypublishing
[4] Science
[5] springer
[6] pnas
إذا كنت تريد القيام برحلة ذهاب فقط إلى المريخ، فستستغرق حوالي تسعة أشهر، ولكن الرحلة…
حقق العلماء طفرة في تكنولوجيا التبريد، حيث قاموا بتطوير جهاز تبريد قابل للإرتداء يمكنه ضخ…
الخلية البشرية عبارة عن نظام معقد وظل لفترة طويلة لغزا للعلماء. ومع وجود عشرات التريليونات…
إن الرحلة إلى المريخ والعودة منه ليست بالرحلة التي تناسب ضعيفي القلوب. فنحن لا نتحدث…
اكتشف الباحثون ما يُعتقد أنه أقدم خريطة ثلاثية الأبعاد في العالم، حيث يعود تاريخها إلى…
قام الباحثون في جامعة جيمس كوك بالتحقيق في دور التعاطف في التفاعلات بين الإنسان والروبوت،…