Ad

في ظل أكبر عام انتخابي في التاريخ، ومع استضافة أكثر من 70 دولة للانتخابات الوطنية. بدأ خطر المعلومات المضللة يلوح في الأفق، ومع استمرار الذكاء الاصطناعي في تحويل المشهد الرقمي زادت الشكوك. لقد أصبح احتمال تأثير المعلومات المضللة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي على نتائج الانتخابات مصدر قلق ملح.

ففي تايوان، قام فريق متخصص في ​​عالم وسائل التواصل الاجتماعي بالبحث للكشف عن روايات المعلومات المضللة.  استهدفت هذه المعلومات العلاقة بين تايوان، والولايات المتحدة خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2024. قام الفريق بقيادة الأستاذ المساعد في العلوم الاجتماعية الكمية في دارتموث “هربرت تشانغ” بتحليل أكثر من 140 ألف منشور. كان ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي Line وPTT وFacebook لفهم مدى انتشار المعلومات الخاطئة.

كشفت النتائج التي توصلوا إليها، والتي نشرت في مجلة “مراجعة المعلومات الخاطئة” لمدرسة “هارفارد كينيدي” عن شبكة معقدة من الروايات المصممة. تهدف الروايات إلى تقويض الثقة في الولايات المتحدة وعلاقاتها مع تايوان. بينما يتصارع العالم مع آثار المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي على الانتخابات، تسلط هذه الدراسة الضوء على الجانب المظلم للمعلومات المضللة. بالتالي قدرتها على التشكيك في الرأي العام.

عاصفة الذكاء الاصطناعي تهب في موسم الانتخابات

كانت الانتخابات الرئاسية التايوانية بمثابة عاصفة كاملة من التقدم التكنولوجي، والتوترات السياسية، والفوضى المعلوماتية. مع استمرار الذكاء الاصطناعي في إحداث ثورة في المشهد الرقمي، أدى ذلك إلى خلق تهديد غير مسبوق للعمليات الديمقراطية.

لقد أدى التقارب بين موسم الانتخابات، والمحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي إلى ظهور حقبة جديدة من المعلومات المضللة. لقد أصبحت الحدود بين الحقيقة والأكاذيب غير واضحة على نحو متزايد.

ففي الماضي، كانت المعلومات المضللة تقتصر إلى حد كبير على المحتوى الذي ينتجه الإنسان، مثل الشائعات والأكاذيب والدعاية. مع ظهور الذكاء الاصطناعي أصبح إنتاج ونشر المعلومات الخاطئة أسرع، وأكثر تعقيدا، وأكثر غدرا. يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي إنشاء كميات هائلة من المحتوى. تتمثل في الصور، ومقاطع الفيديو والمشاركات المكتوبة، على نطاق وسرعة غير مسبوقين. استغلت الجهات الفاعلة الخبيثة هذه النقطة، وبدأت بإنشاء ونشر معلومات مضللة على نطاق صناعي. زاد هذه الأمر من صعوبة التمييز بين الحقيقة والخيال.

عندما بدأ المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي في إغراق منصات وسائل التواصل الاجتماعي، واجه الباحثون مهمة شاقة. تتمثل هذه المهمة في تتبع، وتحليل الكميات الهائلة من البيانات التي تم إنشاؤها خلال موسم الانتخابات. تم التحقق من صحتها بواسطة Cofacts، وهي منصة جماعية تعتمد على المتطوعين للتحقق من دقة المحتوى عبر الإنترنت.

أثار الحجم الهائل، والتعقيد الكبير لمشهد المعلومات المضللة مخاوف بشأن نزاهة العمليات الديمقراطية. هناك مخاوف أخرى بسبب إمكانية تشكيك المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي الرأي العام والتأثير على نتائج الانتخابات.

تعمق في عالم المعلومات المضللة ترى أن التقاطع بين المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي، وموسم الانتخابات خلق عاصفة من الخداع والارتباك. إنَّ السؤال الذي يدور في أذهان الجميع هو: كيف يمكننا التنقل في هذا المشهد الجديد وحماية نزاهة مؤسساتنا الديمقراطية؟

تاريخ موجز للمعلومات المضللة في الانتخابات

شهد القرن العشرين ظهور حملات الدعاية والتضليل، التي استخدمتها الحكومات والأحزاب السياسية. كان الهدف من ذلك التأثير على الرأي العام وتشكيل السرد. أصبحت بذلك منصات التواصل الاجتماعي أرضًا خصبة للأخبار الكاذبة والمحتوى المتلاعب به.

تعود إحدى أقدم الأمثلة المسجلة للمعلومات الخاطئة في الانتخابات إلى الانتخابات الرئاسية عام 1800م في الولايات المتحدة. لقد تم استخدام الشائعات، والدعاية الكاذبة لتشويه سمعة معارضي توماس جيفرسون في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين. استخدمت أيضا الأنظمة الفاشية في أوروبا الدعاية للتلاعب بالرأي العام، وتعزيز سلطتها.

وبالتقدم سريعًا إلى القرن الحادي والعشرين، أحدث ظهور وسائل التواصل الاجتماعي ثورة في طريقة انتشار المعلومات المضللة. لقد كانت الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 بمثابة لحظة فاصلة. استهدفت حملات التضليل المدعومة من روسيا الناخبين الأمريكيين. منذ ذلك الحين سلطت العديد من الدراسات الضوء على مخاطر المعلومات المضللة في الانتخابات. لاسيما عند استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى الانتخابات العامة الهندية. من خلال فهم تاريخ المعلومات المضللة في الانتخابات، يمكننا أن نقدر بشكل أفضل الفروق الدقيقة في هذه الظاهرة. نستنضع عندها وضع استراتيجيات لمكافحتها.

كيف تستهدف المعلومات المضللة العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان؟

إن روايات المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي ليست عشوائية. غالباً يتم تصميم هذه المعلومات بعناية لاستهداف مجالات محددة. قام الباحثون بتحليل ما يقرب من 11000 من المنشورات المرتبطة بالانتخابات التايوانية.

توصلت الدراسة إلى روايات مختلفة، مثل الولايات المتحدة والتهديد بالحرب خاصة فيما يتعلق بأوكرانيا. رواية أخرى هي التدهور الاقتصادي بسبب الإجراءات المالية التي اتخذتها الولايات المتحدة، وإمدادات اللقاح. أشارت بعض المنشورات إلى أن الولايات المتحدة تعمدت الحد من إمدادات لقاح كوفيد-19 أثناء الوباء. ذكر أشخاص آخرون أن جرعات اللقاح الأمريكية كانت أرخص محليًا مما كان على تايوان دفعه.

هذه الروايات ليست مجرد معلومات كاذبة، فهي مصممة للإضرار بسمعة الولايات المتحدة. الأمر الذي يجعل الجمهور التايواني يتساءل ما إذا كانت الولايات المتحدة ستساعده. قدمت الأبحاث السابقة أدلة على مثل هذه الأفعال، ومن الضروري فهم الدوافع وراء حملات المعلومات المضللة هذه.

كشفت الدراسة أن الكثير من المعلومات الخاطئة حول العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان يتم تداولها داخل الجماعات السياسية الصديقة للصين. تشير أيضًا إلى مجموعات المؤامرة التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها. إنَّ هذه النتيجة بالغة الأهمية، لأنها تسلط الضوء على الدور الذي تلعبه الجهات الخارجية في تشكيل السرد حول انتخابات تايوان.

من خلال فحص هذه الروايات، يمكننا الحصول على نظرة ثاقبة حول الأعمال الداخلية لحملات المعلومات المضللة، وكيفية استهدافها لعلاقات محددة. يعد هذا الفهم أمرًا بالغ الأهمية في تطوير استراتيجيات مكافحة المعلومات المضللة، وضمان نزاهة العمليات الديمقراطية.

عصر جديد من الخداع ناتج عن الذكاء الاصطناعي

لقد أحدث ظهور الذكاء الاصطناعي (AI) ثورة في الطريقة التي نعيش، ونعمل، ونتواصل بها.  أدى هذا التقدم التكنولوجي إلى ظهور حقبة جديدة من الخداع. يتم استخدام المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي في نشر معلومات مضللة على نطاق غير مسبوق.

إحدى النتائج الأكثر إثارة للدهشة التي توصلت إليها الدراسة هي أن المعلومات الخاطئة ممكن أن تكون متعددة الوسائط.  يعني ذلك أنه يجمع بين العناصر المرئية، والنصية لإنشاء رواية أكثر إقناعًا. هذا أمر مثير للقلق، حيث تبين أن المحتوى متعدد الوسائط أكثر جاذبية، وإقناعًا من المعلومات الخاطئة التقليدية القائمة على النصوص.

ولكن كيف تساهم خوارزميات الذكاء الاصطناعي في انتشار المعلومات الخاطئة؟ تكمن الإجابة في قدرتهم على إنشاء محتوى أكثر تعقيدًا وواقعية. يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي مثل “ChatGPT ” أن تفهم وتولد لغة شبيهة بالبشر. يصعب على البشر عندها التمييز بين الحقيقة والخيال. أدى هذا الأمر إلى انتشار المعلومات الخاطئة التي يولدها الذكاء الاصطناعي، والتي يمكن نشرها بسرعة عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي.

وجد الباحثون أن المستخدمين في الصين، ومناطق أخرى في آسيا قاموا بإخفاء مواقعهم الجغرافية عن عمد. تم ذلك باستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN) لجعلها تبدو كما لو كانوا مقيمين في الولايات المتحدة. سمح لهم هذا الإخفاء بنشر معلومات مضللة، مع تجنب اكتشاف منصات ومواقع التواصل الاجتماعي موضوع التحقق من المعلومات.

تأثير المعلومات المضللة على الرأي العام والانتخابات

تشير نتائج الدراسة إلى أن المعلومات الخاطئة يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الرأي العام، وعلى قرارات الناخبين. يؤدي هذا إلى التشكيك في مسار الانتخابات.

تخيل أنك في حفل عشاء كبير، ويهمس لك شخص ما بإشاعة مثيرة. قد لا تصدق ذلك في البداية، ولكن مع بدء المزيد من الأشخاص في إطلاق نفس الإشاعة، تبدأ في الشكوك الأولية. هذا ما يحدث بالضبط على وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن أن تنتشر المعلومات المضللة كالنار في الهشيم، يغذيها المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي، والروايات المصاغة بذكاء.

الآثار المترتبة على هذا الاكتشاف:

أولاً : يسلط الضوء على الحاجة الملحة لأن منصات وسائل التواصل الاجتماعي تتحمل مسؤولية مراقبة المعلومات المضللة على منصاتها. يمكن تحقيق ذلك من خلال الشراكة مع منظمات التحقق من المعلومات، ونشر خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تكتشف المحتوى الضار وتزيله.

ثانياً: يؤكد هذا على أهمية الثقافة الإعلامية لدى الناخبين. يمكن من خلال تثقيف الناس كيفية التعرف على المعلومات المضللة، وفضحها أن نصبح قادرين على اتخاذ قرارات صحيحة في صناديق الاقتراع. إنَّ هذا الأمر بالغ الأهمية بشكل خاص للناخبين الشباب الذين هم أكثر عرضة للتأثر بوسائل التواصل الاجتماعي. إنهم أيضًا أكثر تقبلاً لكشف الحقيقة، والتفكير النقدي.

وفي الختام، لا يمكن المبالغة في تقدير تأثير المعلومات المضللة على الرأي العام والانتخابات. بينما نحن نمضي قدما في هذا العصر الرقمي من الضروري أن نعطي الأولوية لمحو الأمية الإعلامية. يجب علينا أيضا كشف الحقائق لضمان عدم تأثر الناخبين بحملات التضليل المصممة بذكاء.

فمن خلال القيام بذلك يمكننا حماية سلامة عمليتنا الديمقراطية، والتأكد من أن الناخبين يتخذون قرارات صائبة تشكل مستقبل مجتمعاتنا.

المصدر

Misinformation swirled during Taiwan’s 2024 e | EurekAlert!

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


تقنية ذكاء اصطناعي

User Avatar

Sci News


عدد مقالات الكاتب : 3
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق