أفجع وباء الجدري البشرية تاريخيا لقرون عديدة، وقادها كذلك لمحاولة مواجهته من خلال العديد من الممارسات الطبية البدائية التي قد تكون أشعلت أولى شرارات التمنيع. ولتتبع آثار هذه الشرارات فمن المفيد أخذ لمحة سريعة عن تاريخ مرض الجدري.
محتويات المقال :
رغم أن زمن ظهور مرض الجدري في التاريخ القديم غير معروف، لكن يعتقد أنه أعلن عن نفسه أمام الإنسان حوالي عام 10000 ق.م، بما يتوافق مع وقت ظهور المستوطنات الزراعية الأولى في شمال شرق إفريقيا. و يبدو من المعقول أنه انتشر من هناك إلى الهند عن طريق التجار المصريين القدماء. حيث تم العثور على أول دليل عن وجود آفات جلدية مشابهة لتلك التي نجدها في الجدري على الوجه المحنط لمومياء الفرعون المصري رمسيس الخامس ( توفي عام 1157 ق.م ).
في الوقت نفسه وجدت معلومات عن الجدري في الثقافات الآسيوية القديمة، حيث تم وصفه في وقت مبكر في عام 1122 ق.م في الصين. كما أنه مذكور في النصوص السنسيكريتية القديمة في الهند.
أما بالنسبة لأوروبا فيعتقد أنه انتشر إليها عبر طرق التجارة في وقت ما بين القرنين الخامس والسابع، حيث كان غالبا ما يتكرر على شكل أوبئة في العصور الوسطى.
كان معروفا بشكل واسع بالنسبة للإنسان القديم أن الناجين من مرض الجدري يكتسبون مناعة ضد المرض. ففي بدايات 430 ق.م كان يستدعى الناجون من الجدري لتمريض المصابين به.
فيما أن أنجح طرق الوقاية قديما كانت تعرف بالتحصين “inoculation” أو التجدير “variolation” وهو عبارة عن تعريض شخص غير مصاب بالمرض لآثار مأخوذة من آفات الجدري.
هناك فرضيتان مختلفتان للأصول الأولى للتجدير:
تقريبًا في منتصف القرن السابع عشر، تم نشر أدلة توضح تقنيات التجدير. وهي ذات الفترة التي قام بها الإمبراطور Khang بتلقيح عائلته بأكملها وجيشه ومجموعات أخرى ، وتبين أنهم مروا جميعًا بجدري معتدل. اعتمدت أغلب التقنيات على نفخ المواد المستخرجة من الآفة الجلدية في أنف الشخص المراد تحصينه.
حيث كان يتم طحن القشرة الجافة للآفة إلى مسحوق. وفي أوقات أخرى كان يتم استخراج القشرة إلى الماء ، وأحيانا يتم بثق محتوى البثرة على سدادة قطنية ووضعها في الأنف.
حسنا، رغم أن هذه الطريقة قد قللت من شدة الإصابة، إلا أنها لا تمنع انتقال العدوى من شخص لآخر وبالتالي قد تساهم بانتشار المرض. إضافة إلى المخاوف المتعلقة بالإصابة بالأمراض المنتقلة بالدم كالتهابات الكبد.
بسبب استمرار انتشار وباء الجدري، لم يكن أمام البشرية إلا طريقة التجدير للحد من شدة الوباء رغم مخاطرها، إلى أن أتى إدوارد جينر.
طبيب إنكليزي، ولد عام 1749، و هو أول من صنع لقاحا فعالا لمرض الجدري.
بدأت القصة عندما كان جينر يراقب العاملة سارا نيلمس وهي تحلب بقرة تدعى ” بلوسوم “، لم يكن جلدها يحمل أيا من الآفات النازفة المميزة للجدري والتي تشير لخطورة الإصابة، باستثناء يديها. كان هذا النمط من الإصابة يدعى ب ” جدري البقر “. وفيما كانت سارا وزميلاتها منيعات ضد الإصابة بالجدري البشري، فإن هذا بالنسبة لجينر لم يكن مصادفة.
قام جينر في الرابع عشر من أيار عام 1796م بحقن عينة صغيرة مستخرجة من البثرات العائدة لسارا نيلمس في ذراع الطفل جيمس فيبس البالغ من العمر ثمانية أعوام.
أصيب فيبس في وقت لاحق بحمى خفيفة وحس انزعاج في الإبطين. بعد تسعة أيام من الإجراء شعر بالبرد وفقد شهيته ، ولكن في اليوم التالي كان أفضل بكثير. في حزيران 1796، قام جينر بحقن الصبي مرة أخرى، هذه المرة مع مادة من آفة جديدة للجدري البشري. وكانت النتيجة المدهشة بأن فيبس بقي سليما.
رغم أن جينر كما وجدنا ليس مكتشف التمنيع ولكنه أول من وضع أسسا علمية دقيقة له وتابع أبحاثه في هذا المجال لينقل العالم بذلك إلى حقبة جديدة، حقبة التلقيح vaccination.
المصادر:
NCBI: The origins of inoculation
History of vaccines: Early Chinese Inoculation
NCBI: Edward Jenner and the history of smallpox and vaccination
Smithsonian Magazine: The Mysterious Origins of the Smallpox Vaccine
في عالم الكم، لم تعد قواعد الفيزياء الكلاسيكية قابلة للتطبيق. واحدة من أكثر الحالات الرائعة…
أظهرت دراسة جديدة أن المرضى يجدون الذكاء الاصطناعي أكثر تعاطفاً وتفهماً من الأطباء النفسيين وخبراء…
باتت التجارب الرقمية أكثر عمقًا وانغماسًا مع دمج الحواس البشرية في البيئات الافتراضية. ويأتي نظام…
في اكتشاف رائد، كشف باحثون من جامعة أتينيو دي مانيلا عن أدلة على وجود شكل…
درس العلماء الأسماك الغضروفية الحديثة، مثل أسماك القرش وأسماك الزلاجات. وقارنوها بنظيراتها عديمة الفك، مثل…
تحول دماغ شاب إلى زجاج منذ ما يقرب من 2000 عام، وهي ظاهرة يعتقد العلماء…
View Comments