هندسة

السمات المعماريّة والأداء الزلزالي للمنشآت

تدفع الرغبةُ في إنشاء مبنىً جميلٍ وفعّالٍ وظيفيًّا المهندسين المعماريّين لتصوّر منشآت رائعة وخياليّة. أحيانًا، يلفتُ شكل المبنى انتباه الزائر، وأحيانًا يلفته «النظام الإنشائي-Structural System»، وفي حالاتٍ أخرى يعمل كلٌّ من الشكل والنظام الإنشائيّ معًا لجعل المُنشأ أعجوبةً.
إنّ لكلٍّ من خيارات الشكل والنظام الإنشائيّ هذه؛ تأثيرًا كبيرًا على الأداء الزلزالي للمنشآت أثناء الزلازل القويّة. وتعدّ المجموعة الواسعة من الأضرار الإنشائيّة الملاحَظَة أثناء الزلازل الماضية في جميع أنحاء العالم؛ مفيدةً للغاية في تحديد التصاميم الإنشائيّة المرغوبة، وتلك التي يجب تجنّبها. [1]

قياسات المُنشأة

يكون الأداء الزلزالي للمنشآت التالية سيّئًا:

في المباني الشاهقة ذات نسبة (الارتفاع إلى مساحة القاعدة) الكبيرة، تكون الحركة الأفقيّة للطوابق أثناء اهتزاز الأرض كبيرة. (الشكل 1a). وفي المباني قصيرة الارتفاع ذات الامتداد الأفقيّ الطويل، تكون الأضرار أثناء اهتزاز الزلزال كثيرة؛ (الشكل 1b). وفي المباني ذات المساحة الكبيرة كالمستودعات، يمكن أن تكون القوى الزلزاليّة الأفقيّة كبيرةً جدًّا بحيث لا تستطيع الأعمدة والجدران تحمّلها؛ (الشكل 1c). [1]

المباني التي يكون أحد أبعادها أكبر بكثير أو أصغر بكثير من البُعدَين الآخرَين، يكون أداؤها الزلزالي سيّئًا

التخطيط الأفقيّ للمنشأة

بشكلٍ عام، كان الأداء الزلزالي للمنشآت ذات الشكل الهندسي البسيط جيّدًا أثناء الزلازل القويّة؛ (الشكل 2a). أمّا المباني ذات الزوايا (أي التي يكون مسقطها الأفقيّ بشكل U, V, H أو+)؛ فقد تعرّضت لأضرار كبيرة؛ (الشكل 2b). كثيرًا ما نتجنّب التأثيرات السيّئة لهذه الزوايا الداخليّة في المساقط الأفقيّة للمباني بتقسيم المبنى إلى قسمين (كتلتين). على سبيل المثال، يمكن تقسيم المخطّط ذي الشكل L إلى مستطيلَين بفصلهما عند موضع التقاطع (الشكل 2c). غالبًا ما يكون المخطّط بسيطًا، لكنّ الأعمدة و/أو الجدران غير موزّعة بشكل مناسب. تميل هذه المنشآت إلى «الالتواء-Twisting» (الدوران حول المحور الشاقوليّ Z) أثناء اهتزاز الزلزال. [1]

Related Post
تؤدّي الأبنية ذات المخطّط البسيط أداءً جيّدًا أثناء الزلزال

التخطيط الشاقوليّ للمنشأة

تحتاج القوى الزلزاليّة التي تطوّرت في مستويات طوابق مختلفة أن تنزل إلى الأرض بأقصر مسار. يؤدّي أيّ انحراف أو «انقطاع-Discontinuity» في مسار نقل الحمولة هذا؛ إلى ضعف أداء المبنى. وتسبّب المباني ذات الانتكاسات الشاقوليّة (مثل مباني الفنادق ذات الطوابق القليلة الأعرض من البقيّة) قفزةً مفاجئة في قوى الزلازل عند مستوى الانقطاع؛ (الشكل 3a).

تميل المباني التي تحتوي على عدد قليل من الأعمدة أو الجدران في طابق محدّد أو ذات طوابق عالية بشكل غير عادي -كالأبنية ذات الطوابق الأرضيّة المخصّصة لوقوف السيارات- إلى الانهيار بدءًا من ذلك الطابق؛ (الشكل 3b).

أما المباني على «الأرض المنحدرة-Slopy Ground» فلها ارتفاعٌ غير متساوٍ للأعمدة على طول المنحدر. يسبّب هذا الارتفاع غير المتساوي تأثيرات سيّئة مثل الانفتال والتضرّر في الأعمدة القصيرة؛ (الشكل 3c). وللمباني ذات الأعمدة المستندة على جيزان في طابق متوسّط، ولا تصل إلى الأساس، انقطاعاتٌ في مسار نقل الحمولة؛ (الشكل 3d).

تمتلك بعض المباني جدران خرسانيّة مسلّحة لنقل حمولات الزلزال إلى الأساس. والمباني التي لا تصل فيها هذه الجدران إلى الأرض، وتتوقّف عند مستوى أعلى؛ معرّضة للتضرّر الشديد أثناء الزلازل؛ (الشكل e3). [1]

تؤدّي الانحرافات المفاجئة في مسار نقل الحمولة على طول الارتفاع إلى ضعف أداء المباني

تجاور المنشآت

عند وجود مبنيَين قريبَين جدًّا من بعضهما، فقد يصدمان بعضهما البعض أثناء الاهتزاز الشديد. ومع زيادة ارتفاع المبنى، يمكن أن يكون هذا الاصطدام مشكلةً أكبر. عندما لا يتطابق ارتفاعا المبنيَين (الشكل 4)، فقد يصدم سقف المبنى الأقصر أحد أعمدة المبنى الأطول في منتصفه؛ يمكن ان يكون هذا خطيرًا جدًّا. [1]

يمكن أن يحدث الاصطدام بين المبنيَين المتجاورَين بسبب اهتزازاتهما الأفقيّة

الفتل في المنشآت

يطلق المهندسون الإنشائيّون على الالتواء (الالتفاف) في المباني اسم «الفتل-Torsion». إذ يحرّك الفتل أجزاءً مختلفة في نفس مستوى الطابق أفقيًّا بقيم مختلفة. يؤدّي هذا التحريك إلى مزيد من الضرر في «الإطارات-Frames» (وهي جملة الأعمدة والجيزان) والجدران في الجانب الذي يتحرّك أكثر.

تأثّرت العديد من المباني بشدّة من هذا السلوك الالتوائيّ المفرط أثناء الزلازل الماضية. لذلك، من الأفضل تقليل هذا الالتواء (إن لم نتمكّن من تجنّبه تمامًا)؛ بضمان تناظر المباني في المسقط (أي توزيع الكتلة والنظام الإنشائيّ المقاوم للحمولات الجانبيّة، بانتظام). إذا تعذّر تجنّب هذا الالتواء، فيجب إجراء حسابات خاصّة لقوى القصّ الإضافيّة عند تصميم المباني. ولكن بالتأكيد، سيكون أداء المباني ذات الالتواءات سيّئًا أثناء الاهتزاز القويّ للزلزال. [2]

تتعرّض العناصر الشاقوليّة (الأعمدة والجدران الحاملة) التي تتحرّك أفقيًّا بمقدار أكبر؛ لضرر أكبر.

المصادر
[1] How Architectural Features affect Buildings during Earthquakes?
[2] How Buildings twist during Earthquakes?

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Zain Al-Abedien Hammoud

Share
Published by
Zain Al-Abedien Hammoud

Recent Posts

استخدام حرارة الجسم لشحن الأجهزة القابلة للإرتداء في المستقبل

توصل باحثون إلى اكتشاف رائد يمكن أن يحدث ثورة في عالم التكنولوجيا القابلة للارتداء. لقد…

يومين ago

عصام حجي يقترح طريقة علمية لتقاسم موارد النيل

مع تصاعد التوترات حول نهر النيل، الذي يشكل شريان حياة بالغ الأهمية لملايين البشر في…

يومين ago

سوء استخدام الإنسان للذكاء الاصطناعي سيجعله أكثر خطورة

من المتوقع أن تشهد البشرية في السنوات القليلة المقبلة تطورات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي.…

يومين ago

المشي حافيًا قد يجعلك أكثر عرضة لمقاومة المضادات الحيوية

مقاومة المضادات الحيوية، التي تمثل تهديدًا صحيًا عالميًا متزايدًا، لها سبب مفاجئ وهي التربة. حيث…

يومين ago

كيف حاول السهروردي وابن عربي شرح طبيعة الإله؟

في عالم الفلسفة الإسلامية، تم التغاضي عن مفهوم رائع لعدة قرون. لقد كانت الأحادية (monism)،…

3 أيام ago

دراسة تكشف أن الحياة لا تحتاج إلى وجود كوكب!

من خلال إعادة التفكير في افتراضاتنا حول الحياة خارج الأرض، يتحدانا عالمان للنظر في إمكانية…

3 أيام ago