هندسة

الخدع الثلاث الأساسية لصناعة واقع افتراضي

هذه المقالة هي الجزء 3 من 9 في سلسلة ما هو الواقع الافتراضي وكيف سيشكل مستقبلنا؟

يعتمد عمل الواقع الافتراضي بشكل كبير على خداع الحواس والعقل لتوليد الإدراك. ونقصد بالخِدع هنا أن العقل قد أُوهم بأن ما يراه صحيحًا. ويتم تصنيف الخدع إلى ثلاث أنواع سنتحدث عنها في هذا والمقال وهي بمثابة الخدع الثلاث الأساسية لصناعة واقع افتراضي، فما هي؟

الخدع الثلاث الأساسية لصناعة واقع افتراضي

1- خدعة المكان «Place Illusion»

تعمل هذه الخدعة على خلق تأثير أو حالة من الشعور بأن الشخص قد انتقل من مكانه إلى مكان آخر كلياً. لتحقيق هذه الحالة يجب أخذ عدّة عوامل بعين الاعتبار، وهذه العوامل هي:

1- جودة العرض

كما نعلم فإن دقة العرض تلعب دورًا مهمًا في توليد الإدراك، لذلك يجب أن تكون الدقة عالية بالإضافة إلى عامل آخر مهم وهو معدل الإطار. نعلم أن معدل الإطار الطبيعي للعين هو في المجال بين 30 إلى 60 إطار بالثانية، لذلك يجب توليد رسوميات بمعدل إطار بين 75 إلى 120 إطار بالثانية، وكلما زادت القيمة كلما كانت الحركة أقرب إلى الواقعية أكثر.[1]

2- تتبع الحركة وزوايا الميل

تتعلق جودة التتبع بمقياس مهم وهو درجة الحرية التي توفرها أداة التحكم. درجة الحرية هي الحركات والزوايا التي تستطيع الأداة قياسها، وبالتالي كلما زادت كلما كان لدى المستخدم حرية أكبر في الحركة. فمثلًا، لو كان للأداة درجة حرية منخفضة وقام المستخدم بحركة معينة ولم يستجيب لها الجهاز، سيلغى الشعور بالواقعية مباشرةً مما قد يؤثر سلبًا على جودة استخدامه للواقع الافتراضي.

3- أدوات التحكم

وهذا يتعلق بالبندين المذكورين سابقًا، أي لتحقيق جودة عرض عالية و تتبع حركة دقيق، يجب استخدام أدوات ذات جودة عالية تلبي هذه المطالب للإبقاء على الوهم بدون توليد شكوك حول صحته. أيضًا المؤثرات السمعية ذات أهمية كبيرة لتعزيز الوهم المكاني وتوليد الإدراك المطلوب لدى المستخدم.[2]

2- خدعة المعقولية «Plausibility Illusion»

تعمل هذه الخدعة على مبدأ خلق بيئة معقولة يمكن تصديق وجودها وأن كل ما فيها يحدث فعلاً. وهي أهم نوع من الخدع لأنها تستهدف إدراك الدماغ مباشرة وليس الحواس. مثلًا، لو دخلت لتجريب واقع افتراضي يسمح لك بالسفر إلى بلد آخر، ورأيت مخلوقات غريبة، سوف يدرك دماغك أنه محض خيال ويقوم بإلغاء الإدراك بأن ما تراه واقعي. العوامل المؤثرة بالخداع المكاني تؤثر أيضًا على هذا النوع ولكن من الممكن أن يلغى وهم المعقولية في حالتين:

Related Post

1- البيئة لا تتجاوب

في حال كانت البيئة الافتراضي لا تتجاوب مع تفاعل المستخدم معها بشكل صحيح وواقعي، سيؤدي هذا إلى خلل في الإدراك فمثلًا، لو كنت تسير في غابة افتراضية وعبرت من خلال شجرة بشكل طبيعي دون الإحساس بعائق يوقفك، فإن عقلك سيلاحظ الخطأ المنطقي الحاصل وسيؤدي هذا إلى إفساد كامل التجربة.

2- حركة العناصر

إذا كانت حركة العناصر عبارة عن حركات مكررة إلى حد كبير أو غير منطقية سيلاحظ العقل الأخطاء المنطقية مباشرةً ويلغي الإدراك فمثلًا، لو كنت في الغابة ولاحظت أن مجموعة من الحيوانات يقومون بنفس الحركات بالضبط دون أي تغيير لمسافة معينة ثم يعودون لنقطة البداية، ستلاحظ الخطأ مباشرةً لأن العشوائية هي سمة الطبيعة. [2]

إن تجنب حدوث هكذا أخطاء يتطلب مقدرة كبيرة على محاكاة الطبيعة ضمن أنظمة الواقع الافتراضي. فالمحاكاة الصحيحة هي نواة النظام وفشلها يؤدي إلى فشله مباشرةً. ولكن ما الفرق بين خدعة المكان وخدعة المعقولية؟

في خدعة المكان وكما ذكرنا سابقًا، يجب أن يشعر المستخدم أنه قد انتقل إلى عالم آخر تمامًا. وفي حال حدوث شيء أدى إلى إفساد هذه الخدعة، فيمكن إعادته لأن الأمر يعتمد على خداع الحواس قبل الدماغ. أما خدعة المعقولية، فهي تعتمد على أن المستخدم يصدق بواقعية وصحة ما يراه. وفي حال حدوث شيء أدى إلى إزالة هذه الخدعة مؤقتًا، فإن العقل سيبدأ بالتشكيك بكل ما يراه بعدها. وبالمحصلة سيركز العقل على ملاحظة الأشياء غير الواقعية، مما يؤدي إلى فشل هذه الخدعة بشكل كامل وصعوبة استرجاعها. [2] لذلك من المهم والضروري العمل على تحقيق أعلى مستويات الدقة عند تصميم أنظمة الواقع الافتراضي.

3-خدعة التجسيد «Embodiment Illusion»

وظيفة هذه الخدعة هي خلق إحساس لدى المستخدم بالانتماء الجسدي بالواقع الافتراضي. ويعتمد هذا بشكل أساسي على تتبع الحركة و زوايا الميل كي تنتقل الحركة الحقيقية بشكل كامل ودقيق إلى الواقع الافتراضي. أحد العوامل الأساسية ضمن هذه الخدعة هو التغذية العكسية اللمسية. تولد التغذية العكسية اللمسية شعور واقعي عند ملامسة العناصر المختلفة ضمن الواقع الافتراضي.[3]

تحقيق التوافق بين الخدع الثلاث مهم بدرجة كبيرة لخلق إدراك قوي بواقعية التجربة. وكما نلاحظ فإن التكامل بين جميع العوامل مهم، وأي خلل في إحداها سيؤدي إلى خلل كامل المنظومة.

المصادر:

1- NCBI
2- Geeks For Geeks
3- Virtual Body Works

Author: Hasan Abdulrahman

مهندس اختصاصي في الهندسة الطبية الحيوية ، مهتم بالبرمجة والذكاء الصنعي ودمجهما مع الطب.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Hasan Abdulrahman

مهندس اختصاصي في الهندسة الطبية الحيوية ، مهتم بالبرمجة والذكاء الصنعي ودمجهما مع الطب.

View Comments

Share
Published by
Hasan Abdulrahman

Recent Posts

إعادة إحياء جين بشري قديم: ثورة محتملة في علاج “داء الملوك”

خطوة هائلة إلى الأمام في مجال الطب التجديدي والعلاجات الجينية يُعرف مرض النقرس (Gout) باسم…

16 ساعة ago

“القمر الدموي” يزين سماء مصر والوطن العربي.. أطول خسوف قمري في القرن الحادي والعشرين

يترقب عشاق الفلك في جميع أنحاء العالم، وخاصة في المنطقة العربية، حدثاً فلكياً نادراً ومثيراً…

يوم واحد ago

أسرار “الذهب الأسود”: القهوة العربية.. كنز علاجي لمكافحة السكري ومفتاح للسعادة

ارتبطت القهوة، هذا المشروب العتيق الذي يوقظ الحواس ويدفئ الأرواح، بالطقوس الصباحية واللقاءات الاجتماعية. لكن…

4 أيام ago

القاهرة عاصمة الابتكار الأفريقية: جامعة القاهرة تتصدر المشهد بحضور أكاديمي رفيع من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا

في إنجاز علمي وتكنولوجي جديد يؤكد على مكانة مصر المتنامية كمركز إقليمي ودولي للابتكار، أعلنت…

4 أيام ago

التكاثر في الفضاء: حلم المستقبل أم كابوس الأجيال القادمة؟

دراسة يابانية رائدة تفتح آفاقاً جديدة وتثير مخاوف جوهرية كان التوسع خارج كوكب الأرض حلماً…

6 أيام ago

ثورة الأنسجة الذكية: علماء يبتكرون حاسوبًا متكاملًا في خيط قماش قابل للغسل!

لوقت طويل كانت الأنسجة الذكية حلمًا يراود العلماء والمبتكرين، ومؤخرا، تطورت فكرة دمج التكنولوجيا المتطورة…

7 أيام ago