لم يعد هناك مهرب من التكنولوجيا في عصرنا الحديث. لقد أصبحت محط اهتمام الجميع ومن كافة الفئات العمرية أطفالا ومراهقين وبالغين. لكن ما الذي تحمله وسائل التكنولوجيا المختلفة من آثار سلبية وإيجابية على صحة أبنائك النفسية والجسدية؟! لنتعرف على ذلك معا.
محتويات المقال :
تعتبر هذه الفترة العمرية حساسة جدا فيما يخص تطور الطفل ونضجه السلوكي واللغوي والاجتماعي، وفيما لا تزال كل من الذاكرة والرمزية والاعتماد على الذات غير مكتملة وظيفيا فلا يستطيع الأطفال في هذه المرحلة اكتساب المهارات والتعلم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية كما في التفاعل المباشر وجها لوجه.
يجب بالتأكيد أن تتواجد رقابة لصيقة من الأهل ومقدمي الرعاية عند استخدام الأجهزة الذكية من قبل صغار الأطفال لضمان تفاعل وتطور أفضل. حيث يمكن للطفل البالغ من العمر 15 شهرا أن يتعلم كلمات جديدة من خلال التطبيقات الالكترونية التعليمية، ولكنه لا يستطيع أن يسقطها على العالم الواقعي.
أما بعمر 24 شهرا فيمكن أن يتعلم كلمات جديدة بشكل جيد من خلال محادثة عن طريق الفيديو مع شخص بالغ أو من خلال التطبيقات التفاعلية التي توجه الطفل لاختيار إجابة من متعدد.
يعتبر تواجد الأهل مع الطفل وإعادة توجيه المحتوى الالكتروني بشكل تفاعلي حاسما في تسهيل التعلم من خلف الشاشات الذكية أو المتلفزه.
يمكن لبرامج التلفاز والتطبيقات التعليمية أن تحسن من نتائج الإدراك والتواصل الاجتماعي عند الأطفال بين الثالثة و الخامسة من العمر. لكن من سلبياتها أنها على الأرجح لا تستند على مناهج تعليمية واضحة ولا على نصائح خبراء التطور والتعليم، إضافة إلى أن هذه التطبيقات ليست مصممة في الغالب لمشاهدين إثنين وبالتالي لا تتيح تفاعل أب-ابن.
إن الكتب الالكترونية وخاصة تلك التي تم تحسينها لتتضمن محتوى تفاعليا قد تقلل من فهم الطفل للمحتوى و من تفاعل الأهل كذلك مع النص وذلك بسبب تشتتهم بالمؤثرات البصرية. لذلك ينصح الأهل أن يتعاملوا مع هذه الكتب كما لو كانوا يقرؤون كتابا عاديا.
من المهم أن يفهم الآباء أن مهارات التفكير العالي ومبادئ إتمام المهام الضرورية للنجاح المدرسي كالتحكم بالاندفاع وضبط الانفعالات والمواظبه على الواجبات والتفكير المرن والإبداعي، كلها يتم تعليمها من خلال اللعب الاجتماعي غير الالكتروني والتواصل المباشر بينهم و بين أطفالهم.
تم من خلال إحصائية أجريت على المدرسين في الولايات المتحدة الأمريكية حول ما يمكن أن يقدمه تواجد أجهزة ذكية في جو الصف الدراسي التوصل إلى ثلاق فوائد:
يعتبر المراهقون والشباب وخاصة بين 16-24 عاما الفئة الأكثر إدمانا على وسائل التواصل الاجتماعي.
تفسر الدراسات هذا الشيوع بين المراهقين بأنها تؤثر على مراكز المكافأة في الدماغ التي تعتبر بالأصل نشطة بشدة لديهم.
يمكن لوسائل التواصل الاجتماعية من خلال ما تعرضه من معلومات وأفكار جديدة أن تزيد الوعي حول القضايا والأحداث الراهنة. كما أنها تتيح فرصة للعمل الجماعي، فيمكن للطلاب أن يتشاركوا بحل الواجبات والمشاريع العلمية على العديد من المنصات الالكترونية.
كما تتيح هذه الوسائل فرصة للوصول للعديد من شبكات الدعم المختصة بذوي الأمراض المزمنة أو الحالات الخاصة.
يضاف لهذه الفوائد إمكانية البحث عن المعلومات عامة والصحية خاصة وبالتالي المساهمة في نشر الوعي حول العديد من العادات الصحية كالإقلاع أو الابتعاد عن التدخين واتباع أنظمة غذائية متوارنة.
كما ويمكن للمراهقين إيجاد بيئات الكترونية موازية بالاهتمامات مما قد يقلل شعورهم بالإقصاء الاجتماعي ويزيد من ثقتهم بنفسهم.
كما ذكرنا آنفا فإن استخدام الأجهزة الذكية عند صغار الأطفال يقلل من التفاعل المباشر بينهم وبين الآباء، وينقص من مشاركتهم مع العائلة في الواجبات المنزلية. هذا سينجم عنه تأخر في التطور المعرفي واللغوي والاجتماعي.
فيما يعتبر البدء المبكر جدا باستخدام وسائل التواصل وازدياد عدد ساعات الجلوس وراء الشاشات الالكترونية من المؤشرات السلبية لتطوير أداء مدرسي منخفض لاحقا.
يعتبر كل من المحتوى وتواجد الأهل حاسمين في هذه النقطة، فكل من المحتوى العنيف والمتابعة السيئة من قبل الأهل ذوي أثر سلبي تراكمي في هذه الناحية.
تشير الدراسات أن ارتفاع نسبة قضاء الوقت خلف الشاشات المتلفزة أو الالكترونية يعتبر عامل خطر للبدانة عند المراهقين والأطفال. هذا يرتبط غالبا بازدياد تناولهم لوجبات عالية السعرات الحرارية أثناء الجلوس خلف هذه الشاشات.
تؤثر الأشعة الزرقاء المنبعثة من الأجهزة الالكترونية سلبا على حلقة النوم مما يؤدي عند استخدامها مساءا إلى الأرق واضطرابات النوم الأخرى. كما وجدت الدراسات أن هذا الأثر السلبي يمتد حتى على حديثي الولادة، فأولئك الذين تواجد حولهم جو من الأجهزة الذكية استغرقوا وقتا أقل في النوم.
إن اضطرابات النوم هذه ستنعكس سلبا على المزاج والقدرة على التفكير والتفاعل مع الآخرين.
يعرض استخدام المراهقين للانترنت لسلوكيات اجتماعية ونفسية خطيرة، ففيما تم ربطه قي العديد من الدراسات بارتفاع معدلات الاكتئاب والتوتر بينهم، فإنه كذلك قد يؤدي إلى اضطرابات الطعام وأذية الذات والتنمر الالكتروني، وقد يزيد من احتمال تناولهم للمشروبات الكحولية والتدخين.
قد يؤدي الاستخدام الشديد للأجهزة الذكية لجفاف وإجهاد العين والصداع وتشوش الرؤية. قد تتحول هذه الآثار السلبية إلى آثار دائمة إن لم يتم التعامل مع التكنولوجيا بحذر. لذلك ينصح بإبقاء مسافة بين 18-24 إنشا عن الأجهزة الذكية وبأخد استراحة 20 ثانية كل 20 دقيقة.
المصادر:
Healthy Children.org: Where we stand
AAP: Media Use in School-Aged Children and Adolescents
APA: Digital Guidelines: Promoting Healthy Technology Use for Children
AAO: Is Too Much Screen Time Harming Children’s Vision
Concordia University: Examining the Effect of Smartphones on Child Development
اقرأ المزيد:
كيف يمكن لإدمانك على استخدام الأجهزة الذكية أن يؤثر سلبا على طفلك؟
في عالم الكم، لم تعد قواعد الفيزياء الكلاسيكية قابلة للتطبيق. واحدة من أكثر الحالات الرائعة…
أظهرت دراسة جديدة أن المرضى يجدون الذكاء الاصطناعي أكثر تعاطفاً وتفهماً من الأطباء النفسيين وخبراء…
باتت التجارب الرقمية أكثر عمقًا وانغماسًا مع دمج الحواس البشرية في البيئات الافتراضية. ويأتي نظام…
في اكتشاف رائد، كشف باحثون من جامعة أتينيو دي مانيلا عن أدلة على وجود شكل…
درس العلماء الأسماك الغضروفية الحديثة، مثل أسماك القرش وأسماك الزلاجات. وقارنوها بنظيراتها عديمة الفك، مثل…
تحول دماغ شاب إلى زجاج منذ ما يقرب من 2000 عام، وهي ظاهرة يعتقد العلماء…
View Comments
محتوى ممتاز ورسالته في التوعية تساهم في الحفاظ على السلوك والصحة النفسية لأطفالنا وأسرنا ، شكرا للاكاديمية وشكرا للجميلة سمرا نوفل ..