عندما يتعلق الأمر بتطبيقات الهاتف المحمول المفضلة لدينا، فغالبًا ما نعتبرها أمرًا مفروغًا منه. نحن نقوم بتحميلها واستخدامها وحتى الاستمتاع بها دون التفكير مرتين في التكلفة. ولكن الحقيقة هي أن هناك ثمنًا يجب دفعه مقابل هذه الخدمات “المجانية”. لقد تعمق الباحثون في الدراسة في التكاليف الخفية وراء هذه التطبيقات، وقد تجعلك النتائج التي توصلوا إليها تعيد التفكير في عاداتك الرقمية. فما هو الثمن الخفي للتطبيقات المجانية؟
محتويات المقال :
كيف تستغل التطبيقات اهتمامنا؟
في العصر الرقمي اليوم، أصبح اهتمامنا سلعة ثمينة. ومع ظهور تطبيقات الهاتف المحمول المجانية، أصبح من السهل الانشغال بالسهولة التي توفرها. حيث تجعل هذه التطبيقات حياتنا أسهل وأكثر متعة. ولكن هل توقفت يومًا عن التفكير فيما تدفعه حقًا مقابل هذه الخدمات “المجانية”؟
إن اهتمامنا هو العملة التي تستخدمها شركات مثل جوجل وفيسبوك لتوليد الإيرادات. ومن خلال تحليل أنماط سلوكنا الرقمي، تستطيع هذه الشركات توجيه إعلانات مخصصة مباشرة إلى محتوانا. وهذا يعني أنه في كل مرة تقوم فيها باستخدام هذه التطبيقات، أو تشاهد مقطع فيديو، أو تلعب لعبة، فإنك تمنح الشركات بيانات قيمة حول اهتماماتك وتفضيلاتك.
يتم بعد ذلك استخدام هذه البيانات لإنشاء إعلانات مخصصة مصممة لجذب انتباهك. وكلما زاد الاهتمام بهذه الإعلانات، زادت إيرادات الشركات. إنها حلقة مفرغة، حيث ينصب اهتمامنا على المنتج الذي يتم بيعه للمعلنين. لقد حقق مستخدمو اليوتيوب البالغ عددهم ثلاثة مليارات مستخدم شهريًا إيرادات هائلة للموقع بلغت 30 مليار يورو معظمها من الخدمات التي يُنظر إليها على أنها مجانية.
مفهوم الاقتصاد بلا سعر
يتمتع الاقتصاد بلا سعر، وهو المفهوم الذي أصبح مرادفًا للعصر الرقمي، بتاريخ رائع يعود إلى الأيام الأولى للإنترنت. وفكرته بسيطة، حيث تقدم الشركات خدماتها مجانًا، ولكن في المقابل، تقوم بجمع بياناتنا الشخصية وبيعها للمعلنين.
يمكن إرجاع جذور الاقتصاد بلا سعر إلى التسعينيات، عندما كان الإنترنت لا يزال في مهده. خلال هذا الوقت، ظهرت شركات مثل (Netscape) و(Yahoo!) وعرضوا خدماتهم مجانًا، معتمدين على عائدات الإعلانات لدعم أعمالهم. ومع نمو الإنترنت، زادت أهمية جمع البيانات. لقد بدأت الشركات تدرك أن القيمة الحقيقية لا تكمن في الخدمات نفسها، بل في البيانات التي يمكنها جمعها من المستخدمين.
جاءت نقطة التحول مع ظهور منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر. جمعت هذه المنصات كميات هائلة من البيانات الشخصية، بما في ذلك الإعجابات والمشاركات والتعليقات، والتي يمكنهم استخدامها بعد ذلك لاستهداف المستخدمين بواسطة الإعلانات بدقة غير مسبوقة. وكانت النتيجة تشبه منجم الذهب، مع مطالبة الشركات بوضع أيديها على أكبر قدر ممكن من بيانات المستخدم.
واليوم، أصبح الاقتصاد بلا سعر صناعة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، حيث تولد شركات مثل جوجل وفيسبوك إيرادات بمليارات الدولارات كل عام. ولكن مع تزايد اعتمادنا على هذه الخدمات، تزداد أيضًا التكاليف الخفية.
الثمن الخفي للتطبيقات المجانية
واحدة من أهم التكاليف الخفية هي التسويف. نعم، لقد قرأت ذلك بشكل صحيح! يمكن أن يؤدي إرسال الإشعارات المستمر، والتدفق الذي لا ينتهي لتحديثات وسائل التواصل الاجتماعي، والساعات التي لا نهاية لها إلى خسارة كبيرة في الإنتاجية. في الواقع، وجد الباحثون أن المماطلة هي أكبر تكلفة خفية مرتبطة بالتطبيقات المجانية.
ولكن هذا ليس كل شيء. الحرمان من النوم، وانخفاض التركيز، وفقدان الوقت الممتع مع الأصدقاء والعائلة هي أيضًا تكاليف مخفية تنشأ عن استخدامنا للتطبيقات المجانية. فكر في الأمر، كم عدد المرات التي سهرت فيها لوقت متأخر وأنت تتصفح هاتفك، ثم تستيقظ وأنت تشعر بالنعاس في صباح اليوم التالي؟ أو كم مرة ضحيت بوقتك مع أحبائك لمتابعة أحدث أخبار وسائل التواصل الاجتماعي؟
كما أن العديد من التطبيقات مصممة لجعلنا أكثر نعتمد عليها بشكل كبير. والأطفال والمراهقين معرضون للخطر بشكل خاص. ويجب أن تكون هناك قيود أكثر صرامة على العديد من التطبيقات ولكن أيضًا بعض المعلومات حول التكاليف الخفية.
المستخدمون يقدرون الخصوصية
أجرى الباحثون مقابلات مع 196 شخصًا في لينشوبينغ حول الحرم الجامعي والمنتزه العلمي. لذلك، لا يمكن القول إن الاختيار يمثل السكان بالكامل. ومع ذلك، لا يزال الباحثون يعتقدون أنهم يستطيعون الحصول على مؤشر جيد لكيفية نظر المستخدمين إلى التكاليف المخفية وبياناتهم الشخصية. وفقًا للباحثين، هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها فحص المستخدمين وموقفهم من الاقتصاد بلا سعر بهذه الطريقة.
ويرى الباحثون أن العديد من المستخدمين يقدرون الخصوصية والشفافية بشكل كبير. وعلاوة على ذلك، تظهر الدراسة أن المستخدمين يفضلون إجراء عمليات شراء لمرة واحدة لتطبيقاتهم المفضلة لحماية خصوصيتهم على استخدام الخدمات المجانية، التي تجمع البيانات الشخصية.
وعلى الرغم من أن نتائج الدراسة تشير إلى وجود ثمن خفي للتطبيقات المجانية، إلا أن الباحثين لا يزالوا يعتقدون أن العديد من المستخدمين يمكنهم الحصول على الكثير من الفوائد والمتعة من التطبيقات المجانية. حيث يمكنك العثور على المعلومات والدردشة وما إلى ذلك. كما يمكنك تغيير التطبيقات دون الكثير من المتاعب إذا لم يعجبك شيء ما. لذا، يمكن اعتبار ذلك موقفًا مربحًا للطرفين حيث يستفيد كل من الشركات والأفراد.
نحو تطبيقات تقدر الخصوصية
لقد حان الوقت لكسر دائرة الاستغلال والتحرك نحو تطبيقات تقدر الخصوصية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تطبيق لوائح أكثر صرامة على الشركات للكشف عن التكاليف الخفية المحتملة، على غرار رسائل التحذير المصورة على علب السجائر. ويجب على المستخدمين أيضًا تحمل مسؤولية فهم السعر الحقيقي لراحتهم واتخاذ خيارات مستنيرة. ومن خلال تقدير الخصوصية والمطالبة بمزيد من الشفافية، يمكن للمستخدمين استعادة السيطرة على حياتهم الرقمية.
المصادر
Exploring the hidden costs of free apps | techxplore
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :