الانفلونزا الإسبانية أم الأوبئة الحديثة
في خريف عام 1918، بلغت الحرب العالمية الأولى منتهاها، وكانت بوادر السلام تظهر في الأفق، انضم الأمريكيون للقتال، مما كان يبشر بغلبة الحلفاء على الألمان، عاش هؤلاء الرجال في ظروف الحرب القاسية وكانت اسوأ ما يمكن توقعه قبل أن تبدأ أعراض الانفلونزا بالانتشار، لكنها لم تكن مجرد انفلونزا عادية، ربما كان وباء انفلونزا هو أكثر الأوبئة خطورة في التاريخ، فقد تجاوز عدد ضحاياها عدد الحرب العالمية الأولى بعدد قتلى حوالي 50 مليون شخص حول العالم،
محتويات المقال :
الأنفلونزا فيروس شديد العدوى، يستهدف خلايا الجهاز التنفسي، ينتقل عبد الرذاذ الذي ينتقل عند “سعال أو عطس أو كلام”الفرد المصاب، كما ينتقل عبر ملامسة الأسطح المصابة.
في الولايات المتحدة، يمتد موسم الانفلونزا بشكل عام من أواخر الخريف إلى الربيع، في عام عادي يدخل أكثر من 200000 أمريكي إلى المستشفى بسبب مضاعفات الانفلونزا، وفقا ل “مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها” (CDC). يواجه الرضع والكبار الذي تجازوت أعمارهم ال65 سنة والنساء الحوامل والأشخاص ذوي الأمراض المزمنة كأمراض القلب والربو والسكري، خطرا أكبر للإصابة بالمضاعفات المرتبطة بالانفلونزا.
حدثت الموجة الأولى من الجائحة عام 1918 في الربيع، وكانت خفيفة بشكل عام، وعادة مايتعافى المصابون بالأعراض المعروفة، وعموما كان معدل الوفيات منخفضا.
في خريف نفس العام، ظهرت الموجة الثانية في معسكر “ديفينز” وهو معسكر لتدريب الجيش، فإشتدت الأعراض بقسوة، تحول لون جلد المصابين للون الأزرق وامتلأت رئتيهم بالسوائل مما يسبب الإختناق، بين سبتمبر ونوفمبر بلغت الموجة الثانية للوباء ذروتها، هذه الموجة هي الأشد فتكا، وهي المسؤولة عن معظم الوفيات؛ قتل الفيروس في ذلك العام حوالي 195000 أمريكي خلال شهر أكتوبر فقط وفي غضون عام واحد فقط انخفض متوسط العمري في أمريكا 12 عاما.
في خريف عام 1918 واجهت الولايات المتحدة أزمة نقص الممرضات المحترفات كما أصدر فرع “شيكاغو” للصليب الأحمر إعلانا لطلب المتطوعين وبدأ مسؤولوا الصحة ولجان الجمعية الأمريكية للصحة العامة بحملات توعوية وبرامج تثقيفية تضمنت إرتداء الأقنعة الواقية وتنظيم ساعات فتح وغلق المتاجر وكذا إغلاق دور السينما والتنقل سيرا بدلا من استخدام المواصلات العامة، انتشرت الجائحة على مستوى العالم على مسار ناقلات البشر على طول طرق التجارة وخطوط الشحن فاجتاحت أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا وافريقيا.
من غير المعروف بالضبط من أين جاءت سلالة الانفلونزا الاسبانية فقد لوحظت أول مرة في أوروبا وأمريكا ومناطق من آسيا قبل الانتشار.
على الرغم من أنها لم تنحصر في مكان واحد إلا أنها أصبحت معروفة باسم الانفلونزا الاسبانية عالميا حيث تضررت اسبانيا بشدة من المرض.
ولا يزال العلماء لا يعرفون على وجه اليقين من أين نشأت الإنفلونزا الإسبانية، على الرغم من أن النظريات تشير إلى فرنسا أو الصين أو بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية.
بالطبع لم تنطق الجائحة من اسبانيا على الرغم من التغطية الاعلامية لها فخلال الحرب العالمية الأولى كانت اسبانيا دولة محايدة لديها وسائل اعلام حرة تغطي الجائحة حيث كانت أول من أبلغ عنها في مدريد في أواخر مايو من عام 1918 وفي الوقت نفسه، كان لدى دول الحلفاء ودول المركز مراقبين في زمن الحرب قاموا بالتستر على أخبار الأنفلونزا للحفاظ على الروح المعنوية عالية. نظرًا لأن مصادر الأخبار الإسبانية كانت الوحيدة التي أبلغت عن الأنفلونزا، اعتقد الكثيرون أنها نشأت هناك (في غضون ذلك، اعتقد الإسبان أن الفيروس جاء من فرنسا وأطلقوا عليه اسم “الأنفلونزا الفرنسية”).
عندما ظهرت الانفلونزا كان العلماء والأطباء غير متأكدين من سببها أو كيفية علاجها على عكس اليوم فلم تكن هنالك لقاحات فعالة أو أدوية مضادة للفيروسات إضافة الى أن الحرب العالمية قد خلفت عجزا في المنظومة الصحية الأمريكية ونقصا في عدد الأطباء وعمال الصحة.
كذلك نقص المستشفيات مما أوجب تحويل المباني لأخرى لمستشفيات لاستقبال المرضى. وفرض بعض المسؤولون الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة وإغلاق الأماكن العامة وأوقفت المكاتب حضر الكتب وعلقت لافتات تمنع البصق
بحلول صيف 1919 إنتهت الجائحة فمن المصابين من مات ومنهم من طور مناعة ضد الفيروس.
بعد 90 عاما في عام 2008 أعلن الباحثون اكتشاف ما جعل الانفلونزا مميتة للغاية فقد مكنت 3 جينات فيروسية من إضعاف رئتي الضحية وأنابيب الشعب الهوائية وتمهيد الطريق للالتهاب الرئوي الميكروبي فمنذ عام 1918 كان هنالك العديد من الأوبئة الاخرى على الرغم من وجود أي جوائح قاتلة تسببت جائحة أخرى في الفترة من 1957 إلى 1958 في مقتل حوالي 2 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك حوالي 70،000 شخص في الولايات المتحدة، كما قتلت جائحة أخرى من 1968 إلى 1969 ما يقرب من مليون شخص ، بما في ذلك حوالي 34000 أمريكي.
لقي أكثر من 12000 أمريكي حتفهم خلال وباء H1N1 (أو “إنفلونزا الخنازير”) الذي حدث في الفترة من 2009 إلى 2010. ينتشر وباء فيروس كورونا الجديد لعام 2020 في جميع أنحاء العالم حيث تتسابق البلدان لإيجاد علاج لـ COVID-19 وتوفير مأوى للمواطنين في محاولة لتجنب انتشار المرض ، وهو مرض مميت بشكل خاص لأن العديد من حاملي المرض لا تظهر عليهم أعراض لعدة أيام قبل أن يدركوا أنهم مصابون
يبدو الآن أن عدد قليل من الوفيات لم يكن بسبب الفيروس، إنما بسبب عقار يستخدم في علاجه، الأسبرين! نشرت الدكتورة”كارين ستاركو” مؤلفة واحدة من الأوراق البحثية التي ترتبط باستخدام الاسبرين بمتلازمة راي، مقالاً يشير إلى أن الجرعات الزائدة من “العقار المعجزة” الجديد حينها قد يكون مميتًا ما أثار شكوك الدكتور ستاركو هو أن كميات الأسبرين غير الآمنة اليوم كانت تستخدم في الماضي بشكل عادي، إضافة إلى صعوبة التمييز بين أعراض الانفلونزا وأعراض الجرعة الزائدة من الأسبرين، لكن تظل تلك الفرضية غريبة بعض الشيء نظرًا لعدد الضحايا الضخم.
المصادر
CDC
CDC
STANFORD
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…
View Comments