يعد سرطان الثدي أحد أكثر الأمراض المدمرة التي تؤثر على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من التقدم الكبير في الأبحاث الطبية، إلا أن الآليات الدقيقة وراء انتشاره لا تزال غير واضحة. وقد سلطت دراسة حديثة نشرت في مجلة (Nature) المرموقة الضوء على استغلال سرطان الثدي للخلايا العصبية. حيث اكتشف باحثون في جامعة روكفلر في مدينة نيويورك أن أنواعا معينة من الخلايا العصبية المسؤولة عن حواسنا تساعد سرًا خلايا سرطان الثدي في التسلل إلى أجزاء أخرى من الجسم. ويفتح هذا الاكتشاف غير المسبوق آفاقًا جديدة لفهم هذا المرض الفتاك ومكافحته.
الدراسة التي أجراها الدكتور سهيل توزوي، طبيب الأورام وعالم الأحياء السرطاني، كانت مدفوعة بملاحظة مثيرة للاهتمام، وهي أن الجينات المشاركة في الجهاز العصبي كانت مرتبطة باستمرار بانتشار السرطان. وكشف الفريق أن أورام الثدي التي تحتوي على المزيد من الألياف العصبية كانت أكثر عرضة للانتشار إلى مناطق أخرى.
محتويات المقال :
لطالما كان يُنظر إلى السرطان على أنه العقل المدبر، الذي ينظم انتشاره ونموه. ولكن ماذا لو قلنا لك أن السرطان لديه شريك صامت يختبيء على مرأى من الجميع؟ لقد وُجد أن الجهاز العصبي، المسؤول عن حواسنا وعواطفنا ووظائف الجسم، يلعب دورًا حاسمًا في انتشار السرطان. قد يبدو هذا مفاجئًا، لأن الجهاز العصبي لا يرتبط عادة بالسرطان. ومع ذلك، فقد أظهرت الأبحاث أن الألياف العصبية يمكن أن تعزز نمو وانتشار الخلايا السرطانية.
فكر في الأمر كنظام للطرق السريعة. حيث تعمل الألياف العصبية كطرق، مما يسمح للخلايا السرطانية بالسفر والانتشار إلى مواقع جديدة. وكلما زاد عدد الألياف العصبية الموجودة، زادت الطرق التي يتعين على الخلايا السرطانية استخدامها، مما يزيد من فرص انتشارها. ولكن كيف تسهل الألياف العصبية هذه العملية؟
لفهم هذه العلاقة المعقدة، استخدم الباحثون بقيادة سهيل توزوي، عالم الأورام وعالم الأحياء السرطاني في جامعة روكفلر، نهجًا مبتكرًا. لقد شاركوا في زراعة خلايا سرطان الثدي لدى الفئران والخلايا العصبية الحسية في نفس طبق زراعة الأنسجة، مما سمح لهم بدراسة التواصل بين هذين النوعين من الخلايا.
ووجد الباحثون أن خلايا سرطان الثدي يمكن أن تحفز الأعصاب الحسية لإنتاج جزيء يسمى المادة P، والذي يشارك عادة في استجابات الألم والالتهاب. وهذا الجزيء بدوره يطلق سلسلة من التفاعلات التي تُنشط الجينات المرتبطة بالانتشار، مما يسمح للخلايا السرطانية بالتحرر من الورم الرئيسي والانتشار إلى أجزاء أخرى من الجسم.
يُستخدم الدواء، المسمى أبريبيتانت (aprepitant)، بشكل شائع لعلاج الغثيان لدى الأشخاص الذين يخضعون للعلاج الكيميائي. ولكن في هذه الدراسة، وجد الباحثون أنه يمكن أيضًا أن يبطئ نمو الورم ويقلل من إمكانية انتشار الخلايا السرطانية.
حيث يستهدف أبريبيتانت المادة P، والتي تنتجها الخلايا العصبية استجابةً لوجود الخلايا السرطانية. وتطلق المادة P سلسلة من التفاعلات الجزيئية التي تنشط الجينات المرتبطة بالانتشار، مما يسمح للخلايا السرطانية بالانتشار بسهولة أكبر. وعن طريق منع المادة P، يمكن للأبريبيتانت كسر هذا التفاعل المتسلسل ومنع الخلايا السرطانية من الانتشار.
اختبر الباحثون عقار أبريبيتانت على الفئران، ووجدوا أنه يبطئ نمو الورم ويقلل من احتمالية انتشار وغزو الخلايا السرطانية. وفي حين أن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد هذه النتائج على البشر، إلا أن النتائج واعدة. وإذا ثبت أن عقار بريبيتانت فعال في التجارب السريرية، فإنه يمكن أن يصبح أداة قيمة في مكافحة سرطان الثدي.
هذا الاكتشاف يعتبر رائدًا جدًا لأنه يسلط الضوء على أهمية إعادة استخدام الأدوية الموجودة لاستخدامات جديدة. حيث تمت الموافقة بالفعل على استخدام أبريبيتانت في مكافحة الغثيان، لذا فهو يتمتع بمواصفات أمان راسخة. وهذا يعني أنه من الممكن تسريع استخدامه في علاج السرطان، مما يقلل الوقت والتكلفة المرتبطين بتطوير أدوية جديدة من الصفر.
مع إصابة الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم بسرطان الثدي، فإن أي تقدم في العلاج يمكن أن يكون له تأثير كبير على الصحة العامة. ومن خلال إعادة استخدام الأدوية القديمة، يستطيع العلماء الاستفادة من المعرفة والموارد الموجودة، وتسريع تطوير علاجات جديدة للسرطان.
علاوة على ذلك، يمكن لهذا النهج أيضًا أن يمهد الطريق لعلاجات أكثر استهدافًا وفعالية، مما يقلل الحاجة إلى العلاج الكيميائي وآثاره الجانبية المنهكة. ومع استمرار الباحثين في كشف الشبكة المعقدة من التفاعلات بين الخلايا السرطانية والأعصاب والجهاز المناعي، فقد يكشفون عن المزيد من الفرص لتسخير الأدوية الموجودة لمكافحة السرطان.
إن مستقبل علاج السرطان مشرق، وأصبح دور الأدوية المعاد استخدامها في هذه الحدود الجديدة واضحًا بشكل متزايد. وبينما يتخطى العلماء حدود فهمنا، فإنهم يعيدون كتابة القواعد الخاصة برعاية مرضى السرطان، مما يوفر الأمل لملايين الأشخاص حول العالم.
Breast-cancer cells enlist nerves to spread throughout the body | nature
Neuronal substance P drives metastasis through an extracellular RNA–TLR7 axis | nature
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…