فضاء

اكتشاف نجم تخطى مرحلة المستعر الأعظم وتحول إلى ثقب أسود مباشرة!

تنفجر النجوم الضخمة التي يزيد حجمها عن حجم الشمس بنحو ثمانية أضعاف في نهاية حياتها على هيئة مستعرات أعظمية. وتخلّف هذه الانفجارات وراءها ثقبًا أسود أو نجمًا نيوترونيًا، وهي شديدة الطاقة لدرجة أنها قد تطغى على المجرات المضيفة لها لشهور. ومع ذلك، يبدو أنه تم رصد نجم تخطى مرحلة المستعر الأعظم الانفجار وتحول مباشرة إلى ثقب أسود.

يثير هذا الاكتشاف العديد من الأسئلة حول فهمنا الحالي للمستعرات العظمى وكيفية حدوثها. ما الذي يجعل النجم يفشل في الانفجار على شكل مستعر أعظم، حتى لو كانت الكتلة المناسبة للقيام بذلك؟ كيف يؤثر هذا على فهمنا للكون وخلق العناصر الثقيلة؟

المستعرات العظمى المنهارة

إن النجوم تعمل على الموازنة بين القوة الخارجية للاندماج والقوة الداخلية لجاذبيتها. فعندما يدخل نجم ضخم مراحله التطورية الأخيرة، يبدأ في نفاد الهيدروجين، ويضعف اندماجه. ولا تستطيع القوة الخارجية الناتجة عن اندماجه مواجهة جاذبية النجم القوية، فينهار النجم على نفسه. والنتيجة هي انفجار مستعر أعظم، وهو حدث كارثي يدمر النجم ويترك وراءه ثقبًا أسود أو نجمًا نيوترونيًا.

ومع ذلك، يبدو أن هذه النجوم تفشل أحيانًا في الانفجار كمستعر أعظم وتتحول بدلاً من ذلك مباشرة إلى ثقوب سوداء. وتُسمى هذه الأنواع من المستعرات العظمى بالمستعرات العظمى المنهارة (core-collapse supernovae)، والمعروفة أيضًا باسم مستعر أعظم من النوع الثاني (Type II supernova). وهي نادرة نسبيًا، حيث يحدث واحد منها كل 100 عام تقريبًا في مجرة ​​درب التبانة. ويهتم العلماء بالمستعرات العظمى لأنها مسؤولة عن تكوين العديد من العناصر الثقيلة، ويمكن أن تؤدي موجات الصدمة الخاصة بها إلى تكوين النجوم. كما أنها تخلق أشعة كونية يمكن أن تصل إلى الأرض.

نجم تخطى مرحلة المستعر الأعظم

كان النجم المعني، “M31-2014-DS1″، عملاقًا ضخمًا مستنفدًا للهيدروجين في مجرة ​​المرأة المسلسلة. وقد لوحظ سطوعه في منتصف الأشعة تحت الحمراء في عام 2014، ولمدة 1000 يوم، ظل لمعانه ثابتا. ثم تلاشت بشكل كبير خلال الألف يوم التالية. وبحلول عام 2023، لم يتم اكتشافه في عمليات الرصد البصرية العميقة وبالتصوير القريب من الأشعة تحت الحمراء. وأثار هذا السلوك غير المعتاد فضول علماء الفلك، الذين شرعوا في التحقيق في سبب اختفائه.

ووجد الباحثون أن النجم ولد بكتلة أولية تبلغ حوالي 20 كتلة نجمية، ووصل إلى مرحلة الاحتراق النووي النهائية بحوالي 6.7 كتلة نجمية. ومع ذلك، بدلاً من أن ينفجر على شكل مستعر أعظم، اختفى ببساطة. ويقترح الفريق أن النجم محاط بقشرة غبار تم إطلاقها مؤخرًا، على غرار ما يمكن توقعه من انفجار مستعر أعظم، ولكن بدون الانفجار البصري المميز.

كيف يمكن أن يفشل النجم في الانفجار؟

إذًا، ما الذي يجعل النجم يفشل في الانفجار كمستعر أعظم، حتى لو كانت الكتلة المناسبة للانفجار؟ تكمن الإجابة في عملية النيوترونات المعقدة، حيث تتحد الإلكترونات مع البروتونات لتكوين النيوترونات والنيوترينوات. تخلق هذه العملية انفجارًا قويًا من النيوترينوات التي تحمل حوالي 10٪ من طاقة الكتلة الساكنة للنجم، والمعروفة باسم صدمة النيوترينو.

عندما يبدأ نجم ضخم في الموت، ينهار قلبه. وهذا يخلق انفجارًا قويًا من الجسيمات الصغيرة تسمى النيوترينوات. يمكن لهذه النيوترينوات تسخين المادة المحيطة، مما يخلق موجة صدمة.

عادةً ما تكون موجة الصدمة هذه قوية بما يكفي لتفجير الطبقات الخارجية من النجم في الفضاء، مما يتسبب في حدوث مستعر أعظم. ومع ذلك، في بعض الأحيان لا تكون موجة الصدمة قوية بما يكفي.

إذا فشلت موجة الصدمة في الإحياء، يستمر قلب النجم في الانهيار، ليشكل في النهاية ثقبًا أسود. يحدث هذا لأن النواة تصبح كثيفة للغاية بحيث لا يمكن لأي شيء، حتى الضوء، الإفلات من جاذبيتها.

لذا، قد يفشل النجم في الانفجار كمستعر أعظم إذا لم تكن صدمة النيوترينو قوية بما يكفي للتغلب على قوة الجاذبية. هذا حدث نادر، لكنه مثال رائع للعمليات المعقدة التي تشكل كوننا.

Related Post

الملاحظتان الوحيدتان المؤكدتان

لا يعد “M31-2014-DS1” هو المستعر الأعظم الفاشل الوحيد الذي اكتشفه علماء الفلك. في عام 2009، اكتشف علماء الفلك المستعر الأعظم الفاشل الوحيد المؤكد الآخر. كان نجمًا أحمر عملاقًا في مجرة “NGC 6946”. أطلق عليه اسم “N6946-BH1” وله حوالي 25 كتلة شمسية. بعد اختفائه عن الأنظار، لم يترك سوى توهج خافت بالأشعة تحت الحمراء. في عام 2009، زاد سطوعه إلى مليون سطوع شمسي، ولكن بحلول عام 2015، اختفى في الضوء البصري.

رصد مسح باستخدام التلسكوب الثنائي الكبير 27 مجرة ​​قريبة، بحثًا عن نجوم ضخمة تختفي. وتشير النتائج إلى أن ما بين 20% و30% من النجوم الضخمة قد تنتهي حياتها على هيئة مستعرات عظمى فاشلة. ومع ذلك، فإن النجمين “M31-2014-DS1″ و”N6946-BH1” هما الملاحظتان الوحيدتان المؤكدتان.

المصادر

Star’s disappearance in Andromeda marks the birth of a black hole | phys.org

The disappearance of a massive star marking the birth of a black hole in M31 | arxiv

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
أخبار علمية

Share
Published by
أخبار علمية

Recent Posts

إعادة إحياء جين بشري قديم: ثورة محتملة في علاج “داء الملوك”

خطوة هائلة إلى الأمام في مجال الطب التجديدي والعلاجات الجينية يُعرف مرض النقرس (Gout) باسم…

9 ساعات ago

“القمر الدموي” يزين سماء مصر والوطن العربي.. أطول خسوف قمري في القرن الحادي والعشرين

يترقب عشاق الفلك في جميع أنحاء العالم، وخاصة في المنطقة العربية، حدثاً فلكياً نادراً ومثيراً…

يوم واحد ago

أسرار “الذهب الأسود”: القهوة العربية.. كنز علاجي لمكافحة السكري ومفتاح للسعادة

ارتبطت القهوة، هذا المشروب العتيق الذي يوقظ الحواس ويدفئ الأرواح، بالطقوس الصباحية واللقاءات الاجتماعية. لكن…

3 أيام ago

القاهرة عاصمة الابتكار الأفريقية: جامعة القاهرة تتصدر المشهد بحضور أكاديمي رفيع من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا

في إنجاز علمي وتكنولوجي جديد يؤكد على مكانة مصر المتنامية كمركز إقليمي ودولي للابتكار، أعلنت…

4 أيام ago

التكاثر في الفضاء: حلم المستقبل أم كابوس الأجيال القادمة؟

دراسة يابانية رائدة تفتح آفاقاً جديدة وتثير مخاوف جوهرية كان التوسع خارج كوكب الأرض حلماً…

5 أيام ago

ثورة الأنسجة الذكية: علماء يبتكرون حاسوبًا متكاملًا في خيط قماش قابل للغسل!

لوقت طويل كانت الأنسجة الذكية حلمًا يراود العلماء والمبتكرين، ومؤخرا، تطورت فكرة دمج التكنولوجيا المتطورة…

6 أيام ago