Ad

تنفجر النجوم الضخمة التي يزيد حجمها عن حجم الشمس بنحو ثمانية أضعاف في نهاية حياتها على هيئة مستعرات أعظمية. وتخلّف هذه الانفجارات وراءها ثقبًا أسود أو نجمًا نيوترونيًا، وهي شديدة الطاقة لدرجة أنها قد تطغى على المجرات المضيفة لها لشهور. ومع ذلك، يبدو أنه تم رصد نجم تخطى مرحلة المستعر الأعظم الانفجار وتحول مباشرة إلى ثقب أسود.

يثير هذا الاكتشاف العديد من الأسئلة حول فهمنا الحالي للمستعرات العظمى وكيفية حدوثها. ما الذي يجعل النجم يفشل في الانفجار على شكل مستعر أعظم، حتى لو كانت الكتلة المناسبة للقيام بذلك؟ كيف يؤثر هذا على فهمنا للكون وخلق العناصر الثقيلة؟

المستعرات العظمى المنهارة

إن النجوم تعمل على الموازنة بين القوة الخارجية للاندماج والقوة الداخلية لجاذبيتها. فعندما يدخل نجم ضخم مراحله التطورية الأخيرة، يبدأ في نفاد الهيدروجين، ويضعف اندماجه. ولا تستطيع القوة الخارجية الناتجة عن اندماجه مواجهة جاذبية النجم القوية، فينهار النجم على نفسه. والنتيجة هي انفجار مستعر أعظم، وهو حدث كارثي يدمر النجم ويترك وراءه ثقبًا أسود أو نجمًا نيوترونيًا.

ومع ذلك، يبدو أن هذه النجوم تفشل أحيانًا في الانفجار كمستعر أعظم وتتحول بدلاً من ذلك مباشرة إلى ثقوب سوداء. وتُسمى هذه الأنواع من المستعرات العظمى بالمستعرات العظمى المنهارة (core-collapse supernovae)، والمعروفة أيضًا باسم مستعر أعظم من النوع الثاني (Type II supernova). وهي نادرة نسبيًا، حيث يحدث واحد منها كل 100 عام تقريبًا في مجرة ​​درب التبانة. ويهتم العلماء بالمستعرات العظمى لأنها مسؤولة عن تكوين العديد من العناصر الثقيلة، ويمكن أن تؤدي موجات الصدمة الخاصة بها إلى تكوين النجوم. كما أنها تخلق أشعة كونية يمكن أن تصل إلى الأرض.

نجم تخطى مرحلة المستعر الأعظم

كان النجم المعني، “M31-2014-DS1″، عملاقًا ضخمًا مستنفدًا للهيدروجين في مجرة ​​المرأة المسلسلة. وقد لوحظ سطوعه في منتصف الأشعة تحت الحمراء في عام 2014، ولمدة 1000 يوم، ظل لمعانه ثابتا. ثم تلاشت بشكل كبير خلال الألف يوم التالية. وبحلول عام 2023، لم يتم اكتشافه في عمليات الرصد البصرية العميقة وبالتصوير القريب من الأشعة تحت الحمراء. وأثار هذا السلوك غير المعتاد فضول علماء الفلك، الذين شرعوا في التحقيق في سبب اختفائه.

ووجد الباحثون أن النجم ولد بكتلة أولية تبلغ حوالي 20 كتلة نجمية، ووصل إلى مرحلة الاحتراق النووي النهائية بحوالي 6.7 كتلة نجمية. ومع ذلك، بدلاً من أن ينفجر على شكل مستعر أعظم، اختفى ببساطة. ويقترح الفريق أن النجم محاط بقشرة غبار تم إطلاقها مؤخرًا، على غرار ما يمكن توقعه من انفجار مستعر أعظم، ولكن بدون الانفجار البصري المميز.

نجم تخطى مرحلة المستعر الأعظم

كيف يمكن أن يفشل النجم في الانفجار؟

إذًا، ما الذي يجعل النجم يفشل في الانفجار كمستعر أعظم، حتى لو كانت الكتلة المناسبة للانفجار؟ تكمن الإجابة في عملية النيوترونات المعقدة، حيث تتحد الإلكترونات مع البروتونات لتكوين النيوترونات والنيوترينوات. تخلق هذه العملية انفجارًا قويًا من النيوترينوات التي تحمل حوالي 10٪ من طاقة الكتلة الساكنة للنجم، والمعروفة باسم صدمة النيوترينو.

عندما يبدأ نجم ضخم في الموت، ينهار قلبه. وهذا يخلق انفجارًا قويًا من الجسيمات الصغيرة تسمى النيوترينوات. يمكن لهذه النيوترينوات تسخين المادة المحيطة، مما يخلق موجة صدمة.

عادةً ما تكون موجة الصدمة هذه قوية بما يكفي لتفجير الطبقات الخارجية من النجم في الفضاء، مما يتسبب في حدوث مستعر أعظم. ومع ذلك، في بعض الأحيان لا تكون موجة الصدمة قوية بما يكفي.

إذا فشلت موجة الصدمة في الإحياء، يستمر قلب النجم في الانهيار، ليشكل في النهاية ثقبًا أسود. يحدث هذا لأن النواة تصبح كثيفة للغاية بحيث لا يمكن لأي شيء، حتى الضوء، الإفلات من جاذبيتها.

لذا، قد يفشل النجم في الانفجار كمستعر أعظم إذا لم تكن صدمة النيوترينو قوية بما يكفي للتغلب على قوة الجاذبية. هذا حدث نادر، لكنه مثال رائع للعمليات المعقدة التي تشكل كوننا.

الملاحظتان الوحيدتان المؤكدتان

لا يعد “M31-2014-DS1” هو المستعر الأعظم الفاشل الوحيد الذي اكتشفه علماء الفلك. في عام 2009، اكتشف علماء الفلك المستعر الأعظم الفاشل الوحيد المؤكد الآخر. كان نجمًا أحمر عملاقًا في مجرة “NGC 6946”. أطلق عليه اسم “N6946-BH1” وله حوالي 25 كتلة شمسية. بعد اختفائه عن الأنظار، لم يترك سوى توهج خافت بالأشعة تحت الحمراء. في عام 2009، زاد سطوعه إلى مليون سطوع شمسي، ولكن بحلول عام 2015، اختفى في الضوء البصري.

رصد مسح باستخدام التلسكوب الثنائي الكبير 27 مجرة ​​قريبة، بحثًا عن نجوم ضخمة تختفي. وتشير النتائج إلى أن ما بين 20% و30% من النجوم الضخمة قد تنتهي حياتها على هيئة مستعرات عظمى فاشلة. ومع ذلك، فإن النجمين “M31-2014-DS1″ و”N6946-BH1” هما الملاحظتان الوحيدتان المؤكدتان.

المصادر

Star’s disappearance in Andromeda marks the birth of a black hole | phys.org

The disappearance of a massive star marking the birth of a black hole in M31 | arxiv

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فلك فضاء

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 550
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *