Ad

اكتشف الباحثون طريقة لتحويل الخلايا المخزنة للدهون لخلايا حارقة لها. ويمكن أن يؤدي هذا الإنجاز إلى تطوير علاجات جديدة لإنقاص الوزن لدى البشر.
الدراسة، التي نشرت في مجلة التحقيقات السريرية، قادها باحثون من كلية الطب بجامعة ستانفورد، وكان الدكتور بريان فيلدمان أحد المؤلفين الرئيسيين. يعد اكتشاف الفريق بمثابة تغيير في قواعد مكافحة السمنة، لأنه يوفر وسيلة جديدة واعدة لعلاج هذا الوباء الصحي العالمي. إذًا، ما هي هذه الأنواع المختلفة من الخلايا الدهنية بالضبط، وكيف تمكن الباحثون من تحقيق هذا التحول؟

الأسباب الخفية لزيادة الوزن

لقد مررنا جميعًا بتلك اللحظة، حيث نقف على الميزان ونتساءل كيف تسلل هذا الوزن الزائد إلينا. ولكن هل توقفت يومًا عن التفكير في الأسباب الصغيرة وراء زيادة الوزن؟ نحن لا نتحدث عن شريحة البيتزا الإضافية أو جلسة التمارين الرياضية التي فوتها، بل نتحدث عن الخلايا الدهنية الصغيرة الموجودة داخل أجسامنا. هناك ثلاثة أنواع من الخلايا الدهنية، البيضاء والبنية والبيج (الرملي)، وفهم أدوارها أمر بالغ الأهمية لكشف أسرار فقدان الوزن.

الخلايا الدهنية البيضاء (white fat cells) هي السبب الرئيسي وراء زيادة الوزن. تقوم هذه الخلايا بتخزين الدهون وتتضاعف عندما نستهلك سعرات حرارية أكثر مما نحرق. من ناحية أخرى، الخلايا الدهنية البنية (Brown fat cells) هي الخلايا الجيدة، حيث تحرق السعرات الحرارية لتبقينا دافئين. ولكن ماذا عن الخلايا الدهنية البيج (beige fat cells)؟ هذه الخلايا قادرة على تخزين الطاقة عند الحاجة وحرقها عند الطلب.

إن خلاياك الدهنية تشبه فريق من العمال، لكل منهم وظيفة محددة. تشبه الخلايا الدهنية البيضاء فريق التخزين، حيث تقوم بتخزين الطاقة لاستخدامها لاحقًا. من ناحية أخرى، تشبه الخلايا الدهنية البنية فريق الحرق، حيث تحول الطاقة إلى حرارة لتبقيك دافئًا. وتشبه الخلايا الدهنية ذات اللون البيج فريق المهام المتعددة، فهي قادرة على تخزين وحرق الطاقة. يكمن مفتاح فتح هذا التحول في بروتين يسمى KLF-15، الموجود بتركيزات أعلى في الخلايا الدهنية البنية والبيج.

تحويل الخلايا المخزنة للدهون لخلايا حارقة

بروتين واحد يحمل المفتاح

يكمن سر تحويل الخلايا الدهنية البيضاء إلى الخلايا الدهنية البيج في بروتين واحد يسمى (KLF-15). ووجد الباحثون أن تثبيط هذا البروتين يقوم بتحويل الخلايا الدهنية البيضاء إلى خلايا دهنية بيج، مما يجبرها فعليًا على حرق السعرات الحرارية بدلاً من تخزينها. ولكن كيف يمتلك هذا البروتين مثل هذه القوة على مصير الخلايا الدهنية؟

لفهم ذلك، دعونا نعود خطوة إلى الوراء وننظر إلى دور (KLF-15) في الخلايا الدهنية البني والبيج. تم تصميم هذه الخلايا لحرق السعرات الحرارية لإبقائنا دافئين، ويوجد (KLF-15) بتركيزات أعلى بكثير في هذه الخلايا مقارنة بالخلايا الدهنية البيضاء. في الخلايا الدهنية البنية والبيج، يعمل (KLF-15) كمفتاح، حيث يقوم بتشغيل الجينات التي تمكن من حرق الطاقة وإيقاف الجينات التي تعزز تخزين الطاقة.

أما في الخلايا الدهنية البيضاء فالعكس هو الصحيح. مع المستويات العالية من (KLF-15)، يتم تغيير دوره، وتعطي الخلايا الأولوية لتخزين الطاقة على الحرق. ومن خلال تثبيط (KLF-15) في الخلايا الدهنية البيضاء، تمكن الباحثون من تحويل الخلايا البيضاء إلى خلايا دهنية بيج تحرق السعرات الحرارية بدلاً من تخزينها.

ولكن ماذا يعني هذا لفقدان الوزن؟ الآثار المترتبة على ذلك كبيرة. إذا تمكن العلماء من تطوير طريقة لقمع (KLF-15) دوائيًا في الخلايا الدهنية البيضاء البشرية، فقد يكونون قادرين على إنشاء علاج يجبر الجسم على حرق الدهون، بدلاً من تخزينها. قد يكون هذا بمثابة تغيير في قواعد مكافحة السمنة.

من الفئران إلى البشر

السؤال الكبير الذي يدور في أذهان الجميع هو: هل يمكن تكرار هذه المعجزة لحرق الدهون لدى البشر؟ وبينما نجح الباحثون في تحويل الخلايا الدهنية البيضاء إلى خلايا دهنية بيج في الفئران، فإن الهدف النهائي هو تطوير علاج آمن وفعال للبشر. والخبر السار هو أن نتائج الدراسة تقربنا خطوة واحدة من تحقيق هذا الهدف.

وللتحقق مما إذا كانت الآلية نفسها يمكن أن تعمل عند البشر، فحص الباحثون دور (KLF-15) في الخلايا الدهنية البشرية المزروعة (cultured human fat cells). وقد وجدوا أن البروتين يتفاعل مع مستقبل يسمى (Adrb1)، والذي يلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على توازن الطاقة. يعد هذا الاكتشاف مهمًا لأنه يشير إلى أن استهداف (Adrb1) يمكن أن يكون وسيلة أكثر فعالية لتحويل الخلايا الدهنية البيضاء إلى خلايا بيج، مما قد يؤدي إلى فقدان الوزن.

المحاولات السابقة لتطوير أدوية تستهدف مستقبلًا ذي صلة يسمى (Adrb3) لم تنجح، لذا فإن التركيز على (Adrb1) يمكن أن يغير قواعد اللعبة. ويعتقد مؤلفو الدراسة أن الأدوية التي تتفاعل مع (Adrb1) قد يكون لديها فرصة أفضل لمحاربة السمنة بنجاح. على الرغم من أننا لم نصل إلى هذا الهدف بعد، إلا أن الباحثين متفائلون بشأن التأثير المحتمل لاكتشافهم.

إحداث ثورة في علاج فقدان الوزن

ماذا يعني هذا بالنسبة للشخص العادي؟ يمكن أن يؤدي ذلك إلى جيل جديد من علاجات فقدان الوزن التي تكون أكثر فعالية واستدامة من الخيارات الحالية. لا مزيد من الحميات الغذائية القاسية أو أنظمة التمارين المملة، مجرد دواء بسيط. يمكن أن يغير هذا بشكل خاص حياة الأشخاص الذين جربوا كل شيء لإنقاص الوزن ولكن يبدو أنهم لا يستطيعون التخلص من السمنة.

وبطبيعة الحال، لا تزال هذا البحث تحت الدراسة، وهناك العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها قبل أن يصبح هذا الاكتشاف حقيقة. ومع ذلك، فإن حقيقة تحقيق التحول في الفئران والخلايا الدهنية البشرية المزروعة هي علامة واعدة. ومع استمرار الباحثين في تحسين نهجهم، قد نشهد قريبًا ظهور فئة جديدة من علاجات فقدان الوزن التي تستهدف السبب الجذري للسمنة، وليس الأعراض فقط.

المصادر:

Self-Burning Fat Cells Could Revolutionize Weight Loss Treatment / iflscience

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


طب أحياء

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 278
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *