Ad

في اكتشاف رائد، وجد فريق من علماء الفلك دليلاً على وجود بخار الماء في غلاف كوكب سميرتريوس الجوي. هذا الاكتشاف الاستثنائي، الذي تم الإعلان عنه في ورقة بحثية منشورة على خادم ما قبل الطباعة (arXiv)، يمكن أن يحمل المفتاح لكشف أسرار بنية هذا العالم الغريب وسيناريو تشكيله.

واستخدم فريق البحث، بقيادة سيد أ. رافي من جامعة طوكيو في اليابان، مطياف CARMENES في مرصد كالار ألتو لإجراء تحليل طيفي عالي الدقة للارتباط المتبادل (cross-correlation) لسميرتريوس. وكانت مهمتهم هي الحصول على رؤى أعمق حول تكوين الغلاف الجوي لهذا الكوكب الخارجي. من خلال تحليل بيانات كارمينيس، اكتشف الفريق إشارة مائية قريبة جدًا من المكان المتوقع لسميرتريوس.

كواكب المشتري الحار

تخيل عالمًا حيث لا تغيب الشمس أبدًا، وحيث درجات الحرارة شديدة، والجو مليء بالغازات الغريبة. مرحبًا بكم في عالم كواكب المشتري الحار (زحل الحار) (Hot Jupiter) وهي فئة من الكواكب الخارجية العملاقة الغازية. هذه العوالم المتطرفة لا تشبه أي شيء رأيناه من قبل في نظامنا الشمسي. إنها كواكب تدور بالقرب من نجومها لدرجة أن غلافها الجوي يسخن إلى درجات حرارة شديدة.

كواكب المشتري الحار تم اكتشافها لأول مرة في التسعينيات. وهذه الكواكب ضخمة، وغالبًا ما تكون أكبر من كوكب المشتري، وتدور حول نجومها خلال أيام قليلة فقط. وقربها من النجم يعني أنها تتعرض باستمرار لإشعاعات مكثفة، مما يؤدي إلى ظروف جوية قاسية. ومن المرجح أن تكون أسطح هذه الكواكب حارة وجافة، مما يجعلها غير صالحة للحياة كما نعرفها.

الكشف عن تاريخ أبحاث الغلاف الجوي للكواكب الخارجية

في أوائل التسعينيات، تم اكتشاف أول كوكب خارج المجموعة الشمسية (exoplanet)، مما أثار موجة جديدة من البحث في هذه العوالم الغامضة. في البداية، ركز العلماء على اكتشاف الكواكب الخارجية وتحديد مداراتها وكتلتها وأحجامها. ولكن مع تقدم التكنولوجيا، بدأ الباحثون في استكشاف إمكانية دراسة الغلاف الجوي لهذه الكواكب البعيدة.

وكان أحد الرواد في هذا المجال هو تلسكوب هابل الفضائي، الذي رصد في عام 2001 الغلاف الجوي لكوكب (HD 209458b)، وهو كوكب خارج المجموعة الشمسية يتبع فئة كوكب المشتري الحار. تمثل عملية الرصد هذه بداية أبحاث الغلاف الجوي للكواكب الخارجية، مما يمهد الطريق للاكتشافات المستقبلية.

لمحة عن كوكب سميرتريوس

كوكب (HD 149026 b)، المعروف أيصًا باسم سميرتريوس (Smertrios)، هو كوكب من فئة كوكب المشتري الحار ولا يشبه أي عالم واجهناه من قبل. بتركيبته الغنية بالمعادن، يدور هذا الكوكب حول نجمه (HD 149026) كل 2.876 يومًا، وتقدر درجة حرارة التوازن الكوكبي (Planetary equilibrium temperature) بحوالي 1693 كلفن.

غلاف كوكب سميرتريوس الجوي


ويقع سميرتريوس على مسافة حوالي 248.5 سنة ضوئية منا وهو أصغر من كوكب المشتري، حيث لديه نصف قطر يبلغ حوالي 0.81 نصف قطر المشتري. كما أن كتلته أقل بثلاث مرات من كتلة أكبر كوكب في نظامنا الشمسي. هذه الخصائص الفريدة تجعل سميرتريوس كوكبًا مثيرًا للاهتمام لعلماء الفلك، لأنه يوفر نافذة على تكوين وتطور كواكب المشتري الحار.

فك أسرار الغلاف الجوي لسميرتريوس

يعد اكتشاف بخار الماء في الغلاف الجوي لكوكب سميرتريوس، إنجازًا كبيرًا فتح الأبواب لفهم المزيد عن تكوين وبنية كواكب المشتري الحار خارج المجموعة الشمسية. وللتعمق أكثر في أسرار الغلاف الجوي لكوكب سميرتريوس، استخدم الباحثون مطياف (CARMENES) لإجراء تحليل طيفي عالي الدقة للارتباط المتبادل. وتعد هذه التقنية ضرورية لسبر أغلفة الكواكب الخارجية، لأنها تتيح للعلماء تحليل الضوء الذي يمر عبر الغلاف الجوي، والكشف عن وجود جزيئات محددة.

ركز الباحثون على طيف الإرسال عالي الدقة للأشعة القريبة من تحت الحمراء من سميرتريوس، والذي قدم رؤى قيمة حول تكوين الغلاف الجوي. ومن خلال تحليل البيانات، وجد الفريق دليلاً على وجود إشارة مائية قريبة جدًا من المكان المتوقع لسميرتريوس. وفي حين أن نسبة الإشارة إلى الضجيج (Signal-to-noise ratio) البالغة 4.8 تشير إلى اكتشاف قوي، لكن أشار علماء الفلك إلى أن هذه الإشارة المكتشفة لا يمكن اعتبارها في الوقت الحالي سوى دليل على وجود بخار الماء، وليس اكتشافًا مؤكدًا.

يثير هذا الاكتشاف الرائد تساؤلات مثيرة للاهتمام حول الظروف الجوية لكوكب سميرتريوس. حيث يشير وجود بخار الماء إلى أن نسبة الكربون إلى الأكسجين على الكوكب يجب أن تكون أقل من واحد، بافتراض وجود جو متجانس في حالة توازن كيميائي. وهذا بدوره يعني أن وفرة سيانيد الهيدروجين، وهو مركب يوجد غالبًا في أجواء الكواكب الخارجية، يجب أن تكون منخفضة جدًا. ولكن لم يسفر البحث عن سيانيد الهيدروجين في الغلاف الجوي لسميرتريوس عن أي دليل قاطع، مما يترك مجالًا لمزيد من التحقيق.

وسلطت الدراسة الضوء أيضًا على سرعتي سمرتريوس المدارية والسكونية (rest velocity)، والتي وجد أنها تبلغ حوالي 158.17 و2.57 كم/ث. وتطرح سرعة السكون المنزاحة نحو الأحمر (ظاهرة زيادة طول الموجة الكهرومغناطيسية القادمة إلينا من أحد الأجرام السماوية نتيجة سرعة ابتعاده عنا) (Redshift) لغزًا مثيرًا للاهتمام يعزى إلى ديناميكيات الغلاف الجوي الشاذة أو إلى مدار ذو انحراف مركزي غير صفري (non-zero eccentricity.). وبينما يواصل العلماء كشف أسرار الغلاف الجوي لكوكب سميرتريوس، فقد يكشفون أسرارًا تتحدى فهمنا الحالي لتكوين الكواكب الخارجية وتطورها.

المصدر:

Evidence of water vapor detected in the atmosphere of Smertrios / phys.org

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فلك فضاء

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 278
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *