فلك

اكتشاف إمكانية تواجد طبقة سميكة من الألماس تحت سطح عطارد!

تشير دراسة جديدة إلى أن سطح عطارد الغني بالكربون ربما يخفي كنزًا سريًا، وهو طبقة من الألماس يبلغ سمكها كيلومترات تحت سطح عطارد. وبقيادة يونغجيانغ شو من المركز الصيني لأبحاث الضغط العالي والتكنولوجيا المتقدمة، شرع فريق من الباحثين في التحقيق فيما حدث للكربون في عطارد أثناء تكوينه. وكشفت المركبة الفضائية (MESSENGER)، التي دارت حول عطارد بين عامي 2011 و2015، أن سطح عطارد غني بالجرافيت. يشكل الكربون 1-4% من وزن الكوكب، أي أكثر بحوالي 100 مرة من وزن الأرض. ويشير توزيع الجرافيت على سطح عطارد إلى أن الكربون كان موجودًا منذ تكوين الكوكب. أي أنه لم يصل إلى عطارد عن طريق المذنبات أو الكويكبات. وتم نشر الدراسة مفتوحة المصدر في مجلة (Nature Communications).

ماضي عطارد

عطارد هو أصغر كوكب في نظامنا الشمسي، وسطحه مغطى بالجرافيت. والجرافيت هو أحد أشكال الكربون الذي يمنحه مظهرًا داكنًا رماديًا. ولكن لماذا يعتبر عطارد غنيًا بالكربون، خاصة عند مقارنته بالأرض؟ لفهم ذلك، نحتاج إلى العودة بالزمن إلى وقت تشكل الكوكب.

منذ حوالي 4.5 مليار سنة، كان عطارد عبارة عن كرة ساخنة من الحمم، حيث ارتفعت درجات الحرارة إلى أكثر من 1000 درجة مئوية (1800 درجة فهرنهايت). وخلال هذه الفترة، تم توزيع العناصر الأساسية للكوكب، بما في ذلك الكربون، في جميع أنحاء محيط الحمم. ومع تبريد الكوكب، بدأ محيط الحمم في التصلب، وبدأ الخليط الغني بالكربون في الانفصال إلى طبقات مختلفة.

ويشير وجود الجرافيت على سطح عطارد إلى أن الكوكب احتفظ بكمية كبيرة من الكربون أثناء تكوينه. لكن كيف حدث هذا؟ أحد الاحتمالات هو أن الكربون كان موجودًا على شكل ثاني أكسيد الكربون وغازات الميثان في الغلاف الجوي المبكر. وربما قد تكثفت تلك الغازات وتصلبت في النهاية مع تبريد الكوكب.

البحث العلمي عن تكوين الألماس

كان يونغجيانغ شو مفتونًا بوفرة الجرافيت على سطح عطارد. وتساءل عما حدث لكل هذا الكربون خلال الفترة التي تمايز فيها عطارد إلى لب وقشرة من الفوضى الساخنة الأصلية. قام شو وفريقه بالتحقيق في إمكانية تكوين الألماس تحت سطح عطارد، وهو الأمر الذي بدا غير مرجح بسبب الجاذبية المنخفضة للكوكب والضغط غير الكافي.

ومع ذلك، تشير النماذج الجديدة لحقل جاذبية عطارد إلى أن الضغط في محيط ووشاح الحمم القديمة ربما كان أعلى مما كان يعتقد سابقًا. أثار هذا فكرة تجربة العناصر التي ربما كانت موجودة في عطارد في ذلك الوقت، وإخضاعها لظروف قاسية تبلغ 7 جيجا باسكال من الضغط وما يقرب من 2000 درجة مئوية (3600 درجة فهرنهايت).

اكتشف الباحثون أن هناك سيناريوهين محتملين لتكوين الألماس على عطارد. الاحتمال الأول هو أنه نتج من محيط الحمم. الأمر الذي تطلب كمية كبيرة من الكبريت في محيط الحمم لتغيير الكيمياء وجعل إنتاج الألماس ممكنا.

أما السيناريو الثاني، والذي يعتبر أكثر ترجيحًا، يتضمن قلب عطارد. فعندما تشكل اللب الداخلي الصلب، اضطر الكربون إلى الخروج غالبًا، مما أدى إلى تشكل طبقة من الألماس يبلغ سمكها كيلومترات. وربما قد حدثت هذه العملية عند الفاصل بين النواة ووشاح السيليكات. حيث كانت درجات الحرارة مرتفعة بما يكفي لحرق الأجزاء الخارجية من طبقة الألماس وتحويله مرة أخرى إلى جرافيت. وقد تم الاحتفاظ بالألماس المتبقي، مما يشكل طبقة سميكة موصلة يمكن أن تساهم في المجال المغناطيسي لعطارد. لا يزال حجم هذه الماسات لغزًا، ولكن هناك شيء واحد مؤكد، وهو أن كنز عطارد المخفي جوهرة لا مثيل لها.

Related Post

الآثار المترتبة على طبقة الألماس في عطارد

تثير إمكانية وجود طبقة من الألماس يبلغ سمكها كيلومترات تحت سطح عطارد تساؤلات مثيرة للاهتمام حول الديناميكيات الداخلية للكوكب والآثار المحتملة على فهمنا لتكوين الكواكب. إذا كانت هذه الطبقة موجودة، فمن الممكن أن تلعب دورًا حاسمًا في المجال المغناطيسي لعطارد، وهو أضعف بكثير من المجال المغناطيسي للأرض. ويمكن أن تساهم موصلية الألماس في هذا المجال، مما يؤثر بدوره على تفاعل الكوكب مع الرياح الشمسية.

إن مجرد وجود الألماس على عطارد يتحدى فهمنا الحالي للتمايز الكوكبي، حيث تغوص العناصر الأثقل مثل الحديد في القلب، تاركة وراءها مواد أخف مثل السيليكات. في هذا السيناريو، لربما كان الكربون محصورًا في النواة، ثم أُجبر على الخروج عندما تصلبت النواة. وربما قد أثرت طبقة الألماس الناتجة على التطور الحراري للكوكب، أو أثرت على تكوين القشرة والوشاح.

إن اكتشاف طبقة الألماس على عطارد من شأنه أن يفتح أيضًا آفاقًا جديدة للأبحاث البيولوجية الفلكية. على الرغم من أنه لا يرتبط مباشرة بالحياة، إلا أنه يمكن أن يوفر نافذة فريدة على التاريخ الكيميائي للكوكب. ويقدم نظرة ثاقبة للظروف التي دعمت الحياة على الأرض. ومن خلال دراسة تكوين وبنية طبقة الألماس لعطارد، يمكن للعلماء الحصول على فهم أعمق للعلاقات المعقدة بين تكوين الكواكب، وتوزيع العناصر، وظهور الحياة.

A Thick Layer Of Diamonds May Lurk Beneath Mercury’s Surface / iflscience

أخبار علمية

Share
Published by
أخبار علمية

Recent Posts

تقنية مفاتيح المرور تزيح كلمات المرور عن عرشها!

اكتسبت تقنية "مفاتيح المرور" (Passkey) زخمًا على مدار العامين الماضيين، حيث طورها اتحاد صناعة التكنولوجيا…

7 ساعات ago

كيف يتعاون الوعي واللاوعي معًا في إدارة العقل؟

أثار السؤال القديم حول ما إذا كان وعينا متفرجًا سلبيًا أم مشاركًا نشطًا في تشكيل…

7 ساعات ago

علماء يوظفون التحرير الجيني لعلاج داء الورم الحبيبي المزمن

في جهد تعاوني رائد بين المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية التابع للمعاهد الوطنية للصحة (NIAID)…

8 ساعات ago

جنسك يحدد طريقة تسكين الألم!

توصل الباحثون في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا سان دييغو إلى اكتشاف رائد يمكن أن يحدث…

8 ساعات ago

فاطمة الفهرية، مؤسسة أول جامعة في العالم

تُعتبر فاطمة الفهرية واحدة من أبرز الشخصيات النسائية في التاريخ الإسلامي، حيث أسست جامعة القرويين في عام 859 ميلادية، والتي تُعد أقدم…

13 ساعة ago

أول تمثيل لنواة ذرية مكونة من الكواركات والغلونات!

لقد كانت النواة الذرية، وهي قلب الذرة، موضع اهتمام العلماء لفترة طويلة. تتكون النواة من…

يوم واحد ago