تلقت عملية مكافحة التلوث البلاستيكي دفعة كبيرة مع اكتشاف حشرة آكلة للبلاستيك حيث تستهلك هذه الحشرة البوليسترين (Polystyrene)، وهو نوع من البلاستيك يستخدم عادة في التعبئة والتغليف. هذا الإنجاز هو نتيجة بحث أجراه فريق من العلماء من المركز الدولي لعلم وظائف الأعضاء والبيئة الحشرية، لقد سلطت الدراسة الضوء على قدرة دودة الدقيق الصغرى على تحطيم البوليسترين، حيث أن لديها القدرة على إحداث ثورة في الطريقة التي نتعامل بها مع إدارة النفايات البلاستيكية.
لقد أثبتت بالفعل بعض أنواع الحشرات، مثل دودة جريش الذرة الصفراء (yellow mealworms) والديدان العملاقة (superworms)، قدرتها على استهلاك البلاستيك. فهي قادرة على تحليل مواد مثل البوليسترين بمساعدة البكتيريا الموجودة في أمعائها. ولكن هذا البحث فريد من نوعه لأنه يركز على أنواع الحشرات الأصلية في أفريقيا، والتي لم تتم دراستها على نطاق واسع في سياق تحلل البلاستيك.
محتويات المقال :
أصبح التلوث البلاستيكي قضية عالمية ملحة، حيث يتم إنتاج ملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية كل عام. ولا تضر هذه النفايات بالبيئة فحسب، بل تشكل أيضًا تهديدات خطيرة على صحة الإنسان. وتتفاقم المشكلة بشكل خاص في أفريقيا، حيث يؤدي الافتقار إلى البنية التحتية الفعالة لإدارة النفايات والموارد المحدودة إلى تفاقم الوضع.
وفي أفريقيا، غالبا ما يتم التخلص من النفايات البلاستيكية في الأماكن المفتوحة، مما يؤدي إلى تكوين مكب نفايات ضخم يلوث التربة والمياه والهواء. وهذا بدوره يؤثر على الزراعة والحياة البرية والبشرية. على سبيل المثال، يضر الحطام البلاستيكي في المحيطات والأنهار بالحياة البحرية، في حين تم ربط الجزيئات البلاستيكية الدقيقة الموجودة في مياه الشرب بمشاكل صحية خطيرة. كما أن التكاليف الاقتصادية للتلوث البلاستيكي مذهلة أيضا، حيث تشير التقديرات إلى أنه يكلف البلدان الأفريقية مليارات الدولارات سنويا.
تراكم النفايات البلاستيكية يرجع إلى طبيعتها غير القابلة للتحلل. إن الطرق التقليدية للتخلص من البلاستيك، مثل مدافن النفايات والحرق، ليست غير فعالة فحسب، بل تساهم أيضًا في انبعاثات الغازات الدفيئة وتلوث الهواء. لذلك، من الضروري استكشاف حلول بديلة وصديقة للبيئة لمعالجة مشكلة البلاستيك.
دودة الدقيق الصغرى (lesser mealworm) هي الشكل اليرقي لخنفساء القمامة، وهو نوع شائع في حظائر تربية الدواجن الدافئة والتي يمكنها توفير إمداد ثابت من الغذاء. تستمر فترة اليرقات ما بين 8 إلى 10 أسابيع، تتغذى خلالها على المواد العضوية وتنمو.
ورغم الاعتقاد بأن دودة الدقيق الصغرى نشأت في أفريقيا، إلا أنه يمكن العثور عليها في العديد من البلدان حول العالم. ومع ذلك، فإن النوع الذي تم تحديده في الدراسة قد يكون نوعاً فرعياً من جنس “Alphitobius”. ويتم إجراء المزيد من التحقيقات لتأكيد هذا الاحتمال.
لقد أجرى الباحثون تجربة استمرت لأكثر من شهر. حيث تم تغذية اليرقات إما على البوليسترين وحده، أو النخالة (طعام غني بالعناصر الغذائية) وحدها، أو مزيج من البوليسترين والنخالة.
وقد وجدوا أن اليرقات التي تتغذى على نظام غذائي من البوليسترين والنخالة بقيت على قيد الحياة بمعدلات أعلى من تلك التي تتغذى على البوليسترين وحده. كما وجدوا أنها تستهلك البوليسترين بكفاءة أكبر من تلك التي تتغذى على نظام غذائي يحتوي على البوليسترين فقط. وهذا يسلط الضوء على فوائد ضمان استمرار الحشرات في اتباع نظام غذائي غني بالعناصر الغذائية.
في حين أن النظام الغذائي الذي يحتوي على البوليسترين فقط دعم بقاء اليرقات على قيد الحياة، إلا أنها لم تحصل على ما يكفي من التغذية لجعلها فعالة في تحليل البوليسترين. وقد عزز هذا الاكتشاف أهمية اتباع نظام غذائي متوازن للحشرات لاستهلاك البلاستيك وتحلله بشكل مثالي. قد تأكل الحشرات البوليسترين لأنه يتكون في الغالب من الكربون والهيدروجين، مما قد يوفر لها مصدرًا للطاقة.
تمكنت اليرقات التي تناولت نظامًا غذائيًا من البوليسترين والنخالة من تحليل ما يقرب من 11.7٪ من إجمالي البوليسترين خلال فترة التجربة.
كشف تحليل الفريق لأمعاء اليرقة عن وجود مجتمع متنوع من البكتيريا، مع وجود بعض الأنواع أكثر بروزًا من غيرها. لقد وجدنا أن أحشاء اليرقات التي تتغذى على البوليسترين كانت موطنًا لمستويات أعلى من الزائفات (Proteobacteria) ومتينات الجدار (Firmicutes)، وهي بكتيريا يمكنها التكيف مع بيئات مختلفة وتفتيت مجموعة واسعة من المواد المعقدة. ويشير هذا إلى أن هذه البكتيريا تلعب دورًا حاسمًا في تحلل البلاستيك.
كما كانت البكتيريا مثل كليفيرا (Kluyvera) والمكورة اللبنية (Lactococcus) والليمونية (Citrobacter) وكلبسيلا (Klebsiella) وفيرة بشكل خاص ومن المعروف أنها تنتج إنزيمات قادرة على هضم البلاستيك الصناعي. ولن تكون البكتيريا ضارة بالحشرة أو بالبيئة عند استخدامها على نطاق واسع.
يمكن لهذه البكتيريا تحليل البلاستيك بواسطة الإنزيمات التي تنتجها. والإنزيمات هي جزيئات بيولوجية تحفز تفاعلات كيميائية محددة، مما يسمح للبكتيريا بتحطيم الجزيئات المعقدة مثل البوليسترين. يشير البحث إلى أن البكتيريا الموجودة في أمعاء اليرقة تنتج إنزيمات قادرة على تحليل المواد البلاستيكية الاصطناعية.
التأثير المحتمل لهذه الحشرة الآكلة للبلاستيك هائل. ومع تراكم ملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية في مدافن النفايات والمحيطات في جميع أنحاء العالم، فإن هذا الحل الطبيعي يمكن أن يغير طريقة تعاملنا مع النفايات البلاستيكية. ومن خلال تسخير قوة هذه الحشرات وبكتيريا الأمعاء، يمكننا إنشاء طريقة مستدامة وصديقة للبيئة لإدارة النفايات البلاستيكية على نطاق واسع.
لكن كيف ننتقل من المختبر إلى مكب النفايات؟ يتمثل أحد الأساليب في عزل البكتيريا والإنزيمات المحددة المسؤولة عن تكسير البلاستيك وإنتاجها على نطاق واسع. وهذا من شأنه أن يسمح لنا بإنشاء حلول يمكن تطبيقها مباشرة على النفايات البلاستيكية، مما يسرع عملية التحلل.
هناك نهج آخر يتمثل في استكشاف طرق لاستخدام اليرقات نفسها في مرافق إدارة النفايات. وقد يتضمن ذلك إنشاء برامج تربية واسعة النطاق لإنتاج كميات هائلة من اليرقات، والتي يمكن بعد ذلك إطلاقها في مدافن النفايات لتتغذى على النفايات البلاستيكية.
Plastic-eating insect discovered in Kenya | the conversation
الورق هو جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وله تاريخ غني يمتد لآلاف السنين. لقد…
لعدة قرون، اعتقد الناس أن النعام، عندما يواجه الخطر، يدفن رأسه في الرمال للاختباء. وقد…
توصل باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى اكتشاف رائد يسلط الضوء على العلاقة بين التمارين…
تبدأ قصة الصفائح التكتونية بسؤال، كيف تتحرك قارات الأرض، وما الذي يحرك حركتها؟ لعدة قرون،…
تنفجر النجوم الضخمة التي يزيد حجمها عن حجم الشمس بنحو ثمانية أضعاف في نهاية حياتها…
إن أسرع حيوان على الأرض هو الفهد، حيث يمكنه الوصول إلى سرعات قصوى تبلغ 104…