مملكة مؤاب، واحدة من أهم الممالك في منطقة الشرق الأوسط خلال العصور القديمة، وقد تأسست في منطقة الأردن الحالية. كانت مملكة مؤاب تقع على مسارات التجارة الرئيسية في المنطقة. مما جعلها مركزًا اقتصاديًا وثقافيًا حيويًا.دعونا نستكشف سوياً غنى تراثها وتاريخها عبر العصور.
محتويات المقال :
جغرافية ونشأة المملكة
مملكة موآب، هي مملكة قديمة كانت تقع في الأراضي التي تعرف اليوم باسم الأردن، في منطقة جبلية تمتد بمحاذاة الضفة الشرقية للبحر الميت من مدينة الكرك شمالًا حتى مدينة الشوبك، وكان يحدها من الشمال وادي حسبان الذي كان يفصل بينها وبين دولة عمون، بينما كان يحدها وادي الموجب من ناحية الجنوب، حيث كان يفصل بينها وبين دولة أدوم، أما من ناحية الشرق فكانت تحدها بادية الشام، وكانت ديبون أو ذيبان هي عاصمة الدولة المؤابية.
تأسست المملكة المؤابية في القرن الثالث عشر قبل الميلاد واستمرت حوالي 9 قرون قبل أن تسقط في القرن الرابع قبل الميلاد. كما إن حدود الدولة المؤابية لم تكن مرسومة بدقة، حيث كان الاعتماد الأساسي على رسم الحدود قائم على الفواصل الطبيعية، لهذا كانت تبعية الأراضي في كثير من الأحيان تتداخل معًا.
إلى جانب أن الدولة المؤابية تعرضت للعديد من التغيرات على مر تاريخها بسبب الحروب التي دخلت فيها، ومرورها بفترات من القوة والضعف، وتوسعها حينًا على حساب الأراضي المجاورة. وخسرانها لجزء من أراضيها حينًا أخرى، وبحسب ما تقول التوراة فإن مملكة مؤاب كانت مشتركة في الحدود مع البحر الميت من الغرب، ومدينة عمون والصحراء العربية من الشرق، ومملكة إدوم من الجنوب، لكن هناك اختلاف بين العلماء فيما يتعلق بالحدود.
اللغة المؤابية
كانت اللغة المؤابية لغة كنعانية منقرضة لها علاقة وثيقة باللغة العبرية التوراتية والعمونية والأدومية، وكانت تستخدم في هذا الوقت في مؤاب (المنطقة التي تشمل وسط الأردن وغربه الآن)، في النصف الأول من الألفية الأولى قبل الميلاد، وكتبت اللغة بالأبجدية الفينيقية، وهذا بحسب ما يشير إليه نقش ميشع الذي يعد النص الوحيد المعروف لهذه اللغة والذي سنتحدث عنه بشكل مفصل في نهاية المقال.
أشهر الملوك وأعمالهم
تمتاز مملكة مؤاب بتاريخها العريق وبملوكها الذين تركوا بصماتهم في تاريخ المنطقة. يعتبر الملك مؤاب بن عدي واحدًا من أبرز هؤلاء الملوك، حيث كان له دور بارز في توسيع نفوذ المملكة وتعزيز هويتها الوطنية. فقد كان يتمتع بشخصية قيادية قوية ورؤية استراتيجية، حيث نجح في توسيع حدود مملكته.
شرع الملك ميشع ببناء حصون إضافية تضمن حماية مملكته من أي اعتداء خارجي جديد مثل (حصن بعل يمون، حصن كرجتان، حصن بيت بموت، حصن برز، حصن مادبا، وحصن بيت دبلتان)، ثم أعاد بناء جميع المدن والقرى التي هدمتها الحرب، ومن أهم هذه المدن مدينة ذيبان التي اتخذها عاصمة له، وبنى بها ضاحية جديدة سماها قرحي، ضمت قصره الجديد، بالإضافة لمعبد ضخم للإله كموش. عدا عن المؤسسات الادارية، وبيوت الوزراء والقادة.
الحياة الدينية في المملكة
اعتمد المؤابيون كثيراً على آلهتهم في الحروب، حيث شنّوا الحروب باسمها، واستنصروها في حالات الضعف أو قبيل المعارك الهامة. إلا أن ذلك لم يكن يمنعهم من احترام الديانات والآلهة المختلفة التي تعبدها الشعوب المجاورة. كما توافرت قواسم مشتركة عديدة بين الديانة المؤابية وديانات جيرانهم، وبالأخص ديانات أشقائهم في الممالك الأردنية المجاورة (مملكة أدوم ، مملكة عمون ).
كما أن أحد أهم مميزات الديانة الأردنية المؤابية هو عدم تعدد الآلهة وكثرتها مثل الشعوب المجاورة في تلك الحقبة الزمنية. حيث اكتفوا المؤابيون بالإله كموش وزوجته الإلهة عشتر- كموش. وقد امتاز الإله كموش وزوجته عشتر- كموش بهالة من القدسية. حيث سمي الأشخاص والمدن تيمناً بهم، وأنشئت لهم معابد ضخمة، وقدّمت لهم الأضاحي والقرابين.
علاقاتها مع الممالك المجاورة
مملكة مؤاب كانت تتمتع بعلاقات معقدة مع الممالك الأخرى في المنطقة خلال العصور القديمة. إذ كان لها علاقات دبلوماسية وتجارية مع الممالك المجاورة مثل مملكة مملكة يهوذا ( مملكة اسرائيل القديمة). وكانتا جارتين في العصور القديمة وتتشاركان الحدود والتأثيرات الثقافية والسياسية. وتتصارعان أحيانًا للسيطرة على المناطق الحدودية. ومع ذلك، كانت العلاقات بينهما تتغير مع تقلبات السياسة والتحالفات في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، كانت مملكة مؤاب تتفاعل مع الإمبراطوريات العظمى. مثل الآشورية والبابلية.و كانت تقوم بتبادل الهدايا الرسمية مع الممالك الأخرى كجزء من علاقاتها الدبلوماسية بين المملكتين.
الحالة الاقتصادية في المملكة
اقتصاد مملكة مؤاب كان متنوعاً ونشطاً. كانت المملكة موقعاً هاماً للتجارة بين الشرق والغرب، مما جعلها مركزاً تجارياً مزدهراً. كما كان لديها موارد طبيعية غنية مثل الزراعة وتربية الماشية، بالإضافة إلى الصناعات اليدوية مثل النسيج والفخار والمعادن. استفادت المملكة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي على طرق التجارة الرئيسية في المنطقة، مما سهل تبادل البضائع والثقافة مع الشعوب الأخرى.
الفنون والعمارة
في فترة مملكة مؤاب، شهدت الفنون والعمارة تطوراً ملحوظاً. كانت المملكة تضم مجموعة من المعابد والمباني الدينية الرائعة، مثل المعبد الذي عُرف باسم “الدير” في مدينة العاصمة الحالية عمان. كما كانت هناك تحف فنية مهمة مثل التماثيل البرونزية والنقوش الحجرية التي تعكس الحضارة والفنون في تلك الفترة. تُعتبر النقوش الصخرية في مواقع مثل مدينة بقيعة وتل العيس شاهدًا مهمًا على الفنون والحياة اليومية في مملكة مؤاب.
أهم الاكتشافات الاثرية في المملكة
مملكة مؤاب في الأردن تمتلك تاريخاً غنياً بالاكتشافات الأثرية المهمة. ومنها:
قلعة الكرك
كانت قلعة الكرك من أهم مدن مملكة مؤاب سواء قبل أو بعد حكم الملك ميشع المؤابي، وكان اسمها كير مؤاب وبقي حتى الاحتلال الصليبي لبلاد الشام (1096 – 1291). خلال هذه الفترة غير الصليبيين اسم كير مؤاب إلى قلعة المؤابيين وهو الاسم الحالي للمدينة. يعود تاريخ إنشاء أساسات قلعة الكرك إلى عصر المؤابيين نحو عام 860 ق م. وقد استخدمها الأنباط بدليل وجود تماثيل نبطية منقوشة في الأسس الأولى بالقلعة. وظلت في العصر الروماني ومن ثمَّ البيزنطي درعًا واقيًا للأردن، حيث أشارت إليها خريطة مادبا الفسيفسائية بين مجموعة قلاع هذه المنطقة.
مسلة ميشع
ازدهر تاريخ هذه الدولة في عهد الملك المؤابي «ميشع» (855 -810ق.م). الذي تعود إليه مسلة ميشع التي عثر عليها في ذيبان، والموجودة اليوم في متحف اللوڤر في باريس. وتُعدّ هذه المسلة من أشهر المسلات والنقوش التي عثر عليها في الأردن، وتعود أهميتها إلى الانتصارات التي حققها الملك المؤابي ميشع على اليهود الذين كانوا يطمعون في الاستيلاء على أرض مؤاب. يعود تاريخ هذه المسلة إلى عام 842ق.م، وقد عثر عليها في منطقة ذيبان، وتعدّ هذه المسلة المحطمة إلى أجزاء من أهم الوثائق المتعلقة بتاريخ مؤاب.
بالإضافة إلى معبد ديني يعود لعصر الحديد، وقد عُثر عليه في العاصمة الحالية للمملكة الأردنية عمان. كما تشمل الاكتشافات الأخرى مقابر وآثار تعود لفترات مختلفة من التاريخ المؤابي، مثل مدينة تل العيس ومدينة بقيعة، التي تعود إلى العصور البرونزية والحديدية.
سقوط المملكة
وبحلول عام 591 قبل الميلاد. قام المؤابيون بعقد تحالف مع مصر ضد بابل، فقام نبوخذ نصر بشن حملة على هذا الحلف سنة 589 قبل الميلاد. واستطاع احتلال الطرق التي تؤدي لمصر. ونجح في السيطرة على عدة مدن ثم وصل إلى مؤاب وعمون وأسر العديد من شعبها معه إلى بابل، بينما فر الكثير منهم لمصر، وكان هذا في أواخر القرن السادس قبل الميلاد، حيث انهارت مؤاب تمامًا ولم يعد يذكر اسمها تقريبًا، وأصبحت الأراضي التي كانت تتبعها ضمن مملكة الانباط.
1. Britannica.com
2. Historyfile.com
3. Britannica.com
4. Researcher
5. Researcher
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :