Ad

الجاذبية، وهي القوة الأساسية التي تحكم سلوك الأجسام في الكون، كان يُعتقد منذ فترة طويلة أنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالكتلة. من قوانين السير إسحاق نيوتن الرائدة إلى نظرية النسبية العامة الثورية لألبرت أينشتاين، كان مفهوم الجاذبية متجذرًا بعمق في وجود الكتلة. ومع ذلك، هناك دراسة جديدة مثيرة من المقرر أن تحطم هذه الفكرة السائدة منذ فترة طويلة، مما يشير إلى إمكانية تواجد الجاذبية بلا كتلة في الواقع.

العلاقات التقليدية بين الجاذبية والكتلة

لعدة قرون، ارتبط مفهوم الجاذبية ارتباطًا وثيقًا بمفهوم الكتلة. من قوانين نيوتن الثورية التي تصف تأثير الجاذبية العالمي إلى النظرية النسبية الثورية لألبرت أينشتاين، كانت فكرة أن الكتلة هي المحرك الأساسي للجاذبية ركيزة أساسية لفهمنا للكون.

إن فكرة أن كل نقطة كتلة تجتذب كل نقطة أخرى بواسطة قوة تعمل على طول الخط الذي يتقاطع مع النقطتين كانت حجر الزاوية في الميكانيكا الكلاسيكية. في القرن العشرين، اعتمد عمل أينشتاين على أسس نيوتن، حيث قدم مفهوم انحناء الزمكان في وجود الكتلة والطاقة. لقد عززت المعادلة الشهيرة (E=mc²) العلاقة بين الكتلة والطاقة، مما يعني أن أي جسم له كتلة يشوه نسيج الزمكان، مما يؤدي إلى ظهور القوة التي نختبرها كالجاذبية. هذه العلاقة المعقدة بين الكتلة والطاقة وانحناء الزمكان قادنا إلى الاعتقاد بأن الجاذبية، بحكم تعريفها، هي مظهر من مظاهر الكتلة. ومع ذلك، فإن الدراسة الأخيرة تقترح بديلًا جذريًا، يتحدى فهمنا التقليدي لعلاقة الجاذبية بالكتلة.

الجاذبية بدون كتلة

لغز المادة المظلمة

لعدة قرون، كان العلماء يتصارعون مع لغز المادة المظلمة، وهي مادة افتراضية يُعتقد أنها تشكل 85% من إجمالي كتلة الكون. تم تقديم المادة المظلمة في البداية لتفسير سبب تماسك المجرات معًا على الرغم من دورانها عالي السرعة. ومع ذلك، على الرغم من قبولها على نطاق واسع، تظل المادة المظلمة كيانًا بعيد المنال، مع عدم ملاحظاتها بشكل مباشر حتى الآن.

أدى البحث عن المادة المظلمة إلى قيام الفيزيائيين باقتراح مجموعة متنوعة من الأفكار غير التقليدية لتجنب هذه المادة الغامضة كوسيلة لسد الثغرات في النظريات الحالية. إحدى هذه الأفكار هي مفهوم العيوب الطوبولوجية، والذي يمكن أن يوفر منظورًا ثوريًا جديدًا حول الجاذبية وعلاقتها بالكتلة. يشير نهج ليو الثوري إلى أن العيوب الطوبولوجية، وليس المادة المظلمة، يمكن أن تكون مسؤولة عن قوة الجاذبية التي تربط المجرات والأجرام السماوية الأخرى معًا.

أثارت فرضية المادة المظلمة جدلاً حادًا داخل المجتمع العلمي، حيث جادل البعض بأن وجودها ضروري لتفسير السلوك المرصود للكون. ويقترح آخرون، مثل عالم الفيزياء الفلكية ريتشارد ليو، حلولاً بديلة تتحدى فهمنا التقليدي للجاذبية وعلاقتها بالكتلة.

العيوب الطوبولوجية

تدور الفكرة الثورية لعالم الفيزياء الفلكية ريتشارد ليو حول مفهوم العيوب الطوبولوجية، وهي طبقات رقيقة تشبه القشرة قد تحدث في مناطق مدمجة من الفضاء ذات كثافة عالية للغاية. تحتوي هذه القشور متحدة المركز على طبقة رقيقة من الكتلة الموجبة مدسوسة داخل طبقة خارجية من الكتلة السالبة. الجانب اللافت للنظر في هذه الهياكل هو أن الكتلتين تلغي بعضهما البعض، مما يؤدي إلى كتلة إجمالية تساوي صفر. ويمكن اعتبار هذه الظاهرة بمثابة “الجاذبية عديمة الكتلة”، حيث توجد الجاذبية دون الحاجة إلى أجسام ضخمة.

يعد اقتراح ليو بمثابة تغيير جذري، لأنه يتحدى فهمنا الحالي للجاذبية ودور المادة المظلمة. إذا تم تأكيد ذلك، فقد يجعل البحث عن المادة المظلمة أمراً عفا عليه الزمن، ويفتح آفاقاً جديدة لأبحاث الجاذبية. إن الآثار المترتبة عميقة، ودراسة ليو هي خطوة مهمة نحو إعادة التفكير في فهمنا للكون.

مستقبل أبحاث الجاذبية

إن الآثار المترتبة على اكتشاف ليو بعيدة المدى، والتطبيقات المحتملة في حياتنا اليومية واسعة. تخيل مستقبلًا يسمح لنا فيه فهمنا للجاذبية باستغلال قوتها وتسخيرها لإنشاء مصادر طاقة مستدامة، وإحداث ثورة في وسائل النقل، وحتى إنشاء مستعمرات في الفضاء. الاحتمالات لا حصر لها، وكل ذلك يبدأ بفهم أعمق للجاذبية بدون كتلة.

يمكن أن يكون أحد أهم الإنجازات في مجال استكشاف الفضاء. ومع القدرة على خلق جاذبية اصطناعية دون الحاجة إلى أجسام ضخمة، يمكن للبشرية بناء هياكل ضخمة تتحدى قيود قوى الجاذبية التقليدية. وهذا يمكن أن يتيح إنشاء سفن توليد ضخمة، وأنظمة بيئية مكتفية ذاتيًا يمكن أن تدعم حياة الإنسان لفترات طويلة، مما يجعل السفر بين النجوم حقيقة واقعة.

علاوة على ذلك، فإن إمكانية التلاعب بالجاذبية يمكن أن تؤدي إلى تطوير تقنيات متقدمة تغير الطريقة التي نعيش بها ونعمل بها. تخيل مدنًا بها ناطحات سحاب مقلوبة، تتحدى الجاذبية، أو أنظمة نقل تستخدم الجاذبية الاصطناعية لدفع المركبات بسرعات لا تصدق. الاحتمالات لا حصر لها، ومستقبل أبحاث الجاذبية يحمل المفتاح لفتح الإمكانات الحقيقية للبشرية.

المصادر:

Wild New Study Suggests Gravity Can Exist Without Mass / science alert

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فيزياء فلك فضاء

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 100
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق