آثار

“لوحات المومياوات” نموذج ثلاثي الأبعاد يكشف لنا مدى دقتها!

[ai_quiz id=”1″]

في مطلع الألفية الأولى بعد الميلاد، أصيب طفل كان يعيش في مصر بمرضٍ أدى لوفاته. تم تجهيز جسده الصغير للتحنيط والدفن، و أُزيلت بعض أعضائه، ولُفَّ رفاته بشرائط كتانية متقاطعة، وأُلصقت صورته على مقدمة المومياء.

كانت “لوحات المومياوات” جزءاً من تقليد شائع بين بعض المصريين في الفترة الرومانية، انتشرت من حوالي القرن الأول وحتى القرن الثالث بعد الميلاد. ولكن ما مدى دقة هذه اللوحات؟
لمعرفة ذلك، فحص فريق من العلماء في النمسا وألمانيا جسد الطفل الصغير، لإنشاء نموذج رقميا ثلاثي الأبعاد لوجهه.

المومياء وظروف اكتشافها

لوحات المومياوات

المومياء معروضة في متحف ميونخ، ومسجلة برقم ÄS 1307، وهي موجودة في المتحف منذ عام 1912م عندما تبرع بها عالم المصريات الشهير السير فلندرز بتري للمجموعة الملكية البافارية للآثار. تشير السجلات إلى أن السير قد اكتشفهافي ثمانينات القرن التاسع عشر في مقبرة قريبة من هرم هوارةفي الوجه البحري، بالقرب من منطقة الفيوم التي كانت مكانًا للعديد من المستوطنات في الفترة الرومانية.

يبلغ طول المومياء 78سم، وعرضها 26سم، الجسد مغطى بالكامل بشرائط الكتان المتقاطعة، وتعود إلى الفترة ما بين عام 50-100 قبل الميلاد. وتُظهر اللوحة طفلاً صغيرًا مجعد الشعر ومصفف بجديلتين صغيرتين تمتدان من قمة الرأس إلى الأذنين. عيناه كبيرتان وأنفه دقيق وطويل، فمه صغير وشفاهه ممتلئة، يحيط برقبته عقد بقلادة صغيرة.

الفحوصات والأشعة

عملية التصوير المقطعي للمومياء

درس الفريق صور الأشعة السينية المأخوذة لجسد المومياء بالكامل عام 1984م، بالإضافة لتصويرها مقطعيًا، لفحص الأعضاء الداخلية والأحشاء بدون الحاجة إلى فك شرائط الكتان وتشريح المومياء.

كشف التصوير المقطعي عن استئصال الدماغ، وبعض الأعضاء في البطن، وهي ممارسة شائعة عند المصريين القدماء خلال عملية التحنيط.
كما كشف نمو الأسنان والعظام عن عمر الصبي عند وفاته، ويرجح العلماء سبب الوفاة إلى التهاب رئوي، حيث تمت ملاحظته من خلال بقايا أنسجة الرئة في الأشعة المقطعية.

صورة مقطعية للرأس

إعادة بناء الوجه

أنشأ العلماء نموذجاً ثلاثي الأبعاد للجمجمة اعتماداً على الصور المأخوذة من التصوير المقطعي، اعتمد الباحثون لإعادة بناء الوجه على معايير مأخوذة من الأطفال المعاصرين الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و 8 سنوات.
اعتمد تكوين النموذج ثلاثي الأبعاد على شكل الجمجمة والأسنان بشكل أساسي، بينما اعتمد على اللوحة لتحديد لون الشعر وطبيعته.

Related Post


نتائج الفحوصات

إعادة بناء الوجه

وكانت النتيجة أن نموذج الوجه ثلاثي الأبعاد مشابه إلى حد كبير للوجه في اللوحة. فالبعد ما بين الجبهة وخط العين، والمسافة ما بين الأنف والفم متماثلة تماماً ما بين اللوحة والنموذج. مع ذلك كانت هناك بعض الاختلافات ما بين عرض جسر الأنف وحجم فتحة الفم، فكلاهما أكثر رشاقة وضيقاً في اللوحة عن إعادة البناء الإفتراضية. هناك اختلاف آخر وهو جعل الطفل يبدو أكبر من عمره بثلاث أو أربع سنوات.

النتيجة النهائية لإعادة إنشاء الوجه


ربما كان تصوير الأطفال على أنهم أكبر سناً؛ تقليداً فنياً في تلك الفترة، ومع ذلك فإنه من الصعب معرفة إذا ما كان هذا التقليد شائعاً عند المصريين القدماء من خلال صورة هذا الطفل فقط. لذلك ستكون مومياء هذا الصبي الأولى من ضمن مشروع لمقارنة المومياوات مع لوحاتها.

المصادر:
plos
Live science
Archaeology

Author: Batoul sirees

حاصلة على ماجستير في آثار الشرق القديم من جامعة حلب، مهتمة بالقراءات المتعلقة بآثار وتراث الحضارات والثقافات المتنوعة.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Batoul sirees

حاصلة على ماجستير في آثار الشرق القديم من جامعة حلب، مهتمة بالقراءات المتعلقة بآثار وتراث الحضارات والثقافات المتنوعة.

View Comments

Share
Published by
Batoul sirees

Recent Posts

مملكة أورارتو القديمة: موقعها، تاريخها وأهم آثارها

تعد مملكة أورارتو واحدة من أبرز الحضارات الحديدية في الشرق القديم، إذ نشأت في القرن…

يوم واحد ago

المتحف المصري الكبير رمز لاستمرارية البصمة الجينومية للحضارة المصرية

لطالما مثلت مصر، بموقعها الاستراتيجي عند ملتقى قارات إفريقيا وآسيا وأوروبا، نقطة محورية للتفاعل البشري…

3 أيام ago

المتحف المصري الكبير: معجزة الألفية التي تُعيد كتابة قصة مصر بـ “لغة الشمس”

على مشارف هضبة الجيزة التاريخية، حيث تقف الأهرامات شامخةً كشاهد على عبقرية الماضي، وُلدت أيقونة…

3 أيام ago

لغز الانتشار العالمي للإنسان الحديث؟ فرضية الهجرة الساحلية من جنوب إفريقيا تكشف أسرار الانتشار العالمي!

لطالما كان أصل الإنسان ورحلاته الأولى حول العالم من أكثر الألغاز إثارةً للجدل والبحث في علم…

4 أيام ago

حصان طروادة” كوني أم “بجعة سوداء”: صخرة أم سفينة؟

في عالمنا المزدحم بالأخبار والأحداث، قد ننسى أحيانًا أن أعظم الأسرار والمفاجآت تأتي من أعماق…

أسبوع واحد ago

هل يستبدل “الروبوت العالم” الباحث البشري؟ الذكاء الاصطناعي يُطلِق أول مؤتمر علمي “مكتمل آلياً”

مؤتمر "وكلاء من أجل العلم": رائدو الذكاء الاصطناعي يتولون تأليف ومراجعة الأوراق البحثية لم يعد…

أسبوعين ago