تواجه ناسا، وكالة الفضاء الأمريكية الشهيرة، تهديدًا خطيرًا لمستقبلها. وقد دق تقرير حديث صادر عن الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب ناقوس الخطر، حيث سلط الضوء على أزمة وكالة ناسا حيث تتآكل قدرات الوكالة، والتمويل لا يكفي، والمرافق قد تم إهمالها.
ويحذر التقرير، الذي تم بتكليف من الكونجرس، من أن تفكير ناسا قصير المدى ونقص الاستثمار في البنية التحتية والقوى العاملة والتكنولوجيا يعرض للخطر قدرتها على متابعة برامجها الطموحة في الاستكشاف والعلوم.
محتويات المقال :
في السنوات الستين التي تلت تأسيسها، حققت وكالة ناسا بعضًا من أبرز الإنجازات في تاريخ البشرية، بدءًا من الهبوط على سطح القمر وحتى إرسال الروبوتات إلى المريخ. ومع ذلك، فإن قدرات الوكالة تتآكل بمعدل ينذر بالخطر، مما يهدد إرثها.
يكمن أصل المشكلة في عدم التوافق بين طموحات وكالة ناسا وتمويلها. لعقود من الزمن، أعطت الوكالة الأولوية للمهام قصيرة المدى على الاستثمارات طويلة المدى في البنية التحتية والقوى العاملة والتكنولوجيا. وقد أدى هذا النهج قصير النظر إلى تراجع القدرات الأساسية لوكالة ناسا، مما جعل من الصعب على الوكالة تحقيق أهدافها.
ظل تمويل ناسا ثابتًا لعقود من الزمن، بعد تعديله ليتناسب مع التضخم، في حين أصبحت مهامها أكثر تعقيدًا وتكلفة. وتتراوح ميزانية الوكالة حول 0.1% من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي، وهو جزء صغير مما كان عليه خلال عصر أبولو. هذا النقص في الاستثمار له عواقب، حيث أن مراكز ناسا أصبحت الآن قادرة فقط على بذل “جهود منخفضة إلى متوسطة المستوى” لدراسة التقنيات الناشئة.
البنية التحتية لوكالة ناسا ليست مجرد مجموعة من المباني؛ إنه العمود الفقري لعمليات الوكالة. ومع ذلك، فإن عقودًا من نقص الاستثمار والتفكير قصير المدى قد ألحقت أضرارًا مدمرة بمرافق الوكالة، مما ترك قوتها العاملة تعاني من المعدات القديمة والمباني المتهالكة والموارد غير الكافية.
ومن بين المشاكل الرئيسية التي حددها التقرير إهمال مرافق وكالة ناسا، حيث تجاوز 83% منها العمر الافتراضي المحدد لها. وتتعرض محاولات إصلاح وتحسين البنية الأساسية للوكالة للاختناق بسبب قاعدة تتطلب عملية مراجعة طويلة ومكثفة العمالة لجميع الطلبات التي تزيد قيمتها عن مليون دولار، وهو رقم لم يتغير منذ بدء تطبيق القاعدة على الرغم من زيادة التكاليف بنسبة 30% بسبب التضخم.
العواقب المترتبة على إهمال البنية التحتية لوكالة ناسا تتجاوز مجرد الإزعاج. حيث يمكن أن تشكل المرافق القديمة خطراً على سلامة الموظفين، ويمكن أن تؤدي الموارد غير الكافية إلى الحد من قدرة الوكالة على الابتكار وتوسيع حدود استكشاف الفضاء. وكما أشار مؤلفو التقرير، فإن العواقب طويلة المدى لإهمال البنية التحتية هي انخفاض جودة القوى العاملة، وانخفاض فعالية العمليات، وتآكل قدرة الوكالة على تحقيق أهدافها. إنها حلقة مفرغة لا يمكن كسرها إلا من خلال الاستثمار المستدام في البنية التحتية لناسا.
تعد شبكة ناسا لمراقبة الفضاء العميق (DSN) مكونًا مهمًا في البنية التحتية لوكالة ناسا، حيث تعمل كنظام اتصالات عالمي يتيح الاتصال بين المركبات الفضائية والأرض. ومع ذلك، تواجه الشبكة أزمة حادة، حيث انخفضت ميزانيتها من 250 مليون دولار في عام 2010 إلى 200 مليون دولار اليوم. وقد حدث هذا الانخفاض على الرغم من زيادة الطلب على خدماتها، مما أدى إلى تسويات مكلفة وعدم الكفاءة.
أحد أهم التحديات التي تواجه شبكة (DSN) هو البنية التحتية القديمة لمواقعها الأرضية الثلاثة في غولدستون، كاليفورنيا؛ كانبيرا، أستراليا؛ ومدريد. تعتبر هذه المواقع، التي يديرها مختبر الدفع النفاث التابع لناسا (JPL)، بالغة الأهمية لتشغيل الشبكة، ولكنها في حاجة ماسة إلى الإصلاح والصيانة. ويشير التقرير إلى أن المرافق في حالة سيئة، مع فشل الطرق والأنابيب، والقوى العاملة المنتشرة بشكل ضئيل للغاية. حيث أن تكاليف الصيانة والتوظيف الضرورية تقدر بنحو 45 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.
إن العواقب المترتبة على إهمال البنية التحتية لشبكة (DSN) وخيمة. فخلال مهمة أرتميس 1 في أواخر عام 2022، كان على المهمة القمرية أن تأخذ الأولوية على جميع الاستخدامات العلمية الأخرى للشبكة، مما أدى إلى تسوية مكلفة تزيد عن 21 مليون دولار في نقل البيانات من تلسكوب جيمس ويب الفضائي وحده. وهذا مجرد مثال واحد على التحديات العديدة التي تواجه شبكة (DSN)، ويحذر التقرير من أن الوضع سوف يزداد سوءًا ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة.
بينما تقف وكالة ناسا على مفترق الطرق، هناك أمر واحد واضح وهو أن الوكالة لا يمكنها الاستمرار في العمل على مسارها الحالي دون التضحية بإمكاناتها على المدى الطويل. يعد التحذير الصارخ الذي ورد في التقرير بمثابة دعوة للاستيقاظ لصانعي السياسات وناسا على حد سواء. فإما زيادة التمويل لوكالة ناسا أو الاستعداد لخفض المهام والبعثات. وهذا ليس انقسامًا زائفًا.
إن وجود الوكالة في حد ذاته يعتمد على الاختيار. وبالنسبة لدولة أصبحت تعتمد على التكنولوجيا، فإن المخاطر كبيرة. حيث لا يمكن إنكار مساهمات ناسا في حياتنا اليومية، بدءًا من نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وحتى التنبؤ بالطقس.
ولكن بدون التمويل الكافي، ستبدأ هذه الخدمات الأساسية في التدهور، مما يعرض البلاد بأكملها للخطر. إن الاختيار لا يتعلق فقط بمستقبل وكالة ناسا؛ بل يتعلق بمستقبل أمريكا كزعيم تكنولوجي. فهل سترتقي إلى مستوى التحدي وتستثمر في الجيل القادم من العلماء والمهندسين والمستكشفين، أم أنها ستتعثر وتتنازل عن مكانتها لدول أخرى؟
Aging, overworked and underfunded: NASA faces a dire future, according to experts | phys.org
توصل باحثون إلى اكتشاف رائد يمكن أن يحدث ثورة في عالم التكنولوجيا القابلة للارتداء. لقد…
مع تصاعد التوترات حول نهر النيل، الذي يشكل شريان حياة بالغ الأهمية لملايين البشر في…
من المتوقع أن تشهد البشرية في السنوات القليلة المقبلة تطورات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي.…
مقاومة المضادات الحيوية، التي تمثل تهديدًا صحيًا عالميًا متزايدًا، لها سبب مفاجئ وهي التربة. حيث…
في عالم الفلسفة الإسلامية، تم التغاضي عن مفهوم رائع لعدة قرون. لقد كانت الأحادية (monism)،…
من خلال إعادة التفكير في افتراضاتنا حول الحياة خارج الأرض، يتحدانا عالمان للنظر في إمكانية…