هل الخلايا الجذعية معجزة المستقبل؟
كثيرًا ما أثير الجدل عن بحوث الخلايا الجذعية، فكل أسبوع هناك ادعاءات جديدة حول الخلايا الجذعية الجنينية والبالغة.
فما هي الحقيقة؟
لطالما توقع العديد من العلماء حدوث تقدمٍ كبيرٍ في أبحاث الخلايا الجذعية لعلاج الأمراض، وإعادة بناء الأعضاء، ليس هناك شكٌ في أنّ هذه الخلايا ستوفر يومًا ما علاجًا فعالًا، منخفض التكلفة لمرضى السكري وبعض أشكال العمى، النوبات القلبية، السكتة الدماغية، تلف الحبل الشوكي، والعديد من المشاكل الصحية الأخرى.
محتويات المقال :
تاريخ موجز للخلايا الجذعية
لا يبدو أن هناك مكتشفًا واحدًا للخلايا الجذعية؛ تعود الحسابات إلى القرن التاسع عشر وما بعده، ولكن أول إجراء طبي ناجح كان نقل نخاع العظام عام 1939.
أدى التقدم العلمي في علم المناعة إلى مطابقة المانحين في البداية عبر الأشقاء والأقارب المقربين، ثم ازدهرت مطابقة الجهات المانحة غير ذات الصلة في السبعينيات.
في الثمانينيات؛ حدد العلماء الخلايا الجذعية الجنينية في الفئران، مما أدى إلى استنساج النعجة ” دوللي” في عام 1996.
وقد خلق هذا اهتمامًا كبيرًا للتطبيقات البشرية والطبية، كما ولد ردود فعل عنيفة في الولايات المتحدة حيث توقف تمويل البحث والتطوير الفيدرالي بشكلٍ أساسي في عام 2001.
في 2012، تم منح جائزة نوبل لاكتشافٍ مبكرٍ للخلايا الجذعية المستحثۃ متعددة القدرات ( Induced pluripotent stem cells- iPS).
حيث تُعاد خصائص الفاعلية والتجديد الذاتي للخلايا غير الجذعية البالغة، مما يجعلها تتصرف مثل الخلايا الجذعية مرة أخرى.
في العقد بين عامي 2010- 2019، ظهرت الموجة الأولى من الشركات الناشئة للخلايا الجذعية إلى جانب برامج البحث والتطوير في العديد من شركات الأدوية الكبيرة، مما أدى إلى أولى التجارب السريرية البشرية على iPS أو العلاجات الأخرى ذات الصلة.
ما هي الخلايا الجذعية؟
الخلايا الجذعية هي خلايا بدائية نسبيًا، لديها القدرة على الإنقسام بسرعة لإنتاج خلايا أكثر تخصصًا.
الخلايا الجذعية الجنينية لديها القدرة على التمايز بشكلٍ كبير في أنواع الأنسجة التي تنتجها، كما أنها تتكاثر بسرعة، وقد اجتذبت اهتمام الباحثين لعقود.
ومع ذلك؛ من الصعب الحصول على الخلايا الجذعية الجنينية من البشر- فهذا الأمر يتطلب إما خرق القانون في بعض البلدان، أو التقدم للحصول على تراخيص معقدة في بلدان أخرى.
كما أن هناك مشكلة أخرى وهي أنه من الصعب التحكم بالخلايا الجذعية الجنينية، فهي غالبًا ما تكون غير مستقرة، مما يؤدي إلى نتائج غير متوقعة أثناء الإنقسام أو حتى النمو السرطاني.
عادةً ما تؤدي الخلايا الجذعية الجنينية البشرية إلى رد فعل مناعي عند زرعها، مما يعني أن الخلايا المستخدمة في العلاج قد يتم تدميرها بسرعة ما لم تكن محمية- ربما عن طريق إعطاء دواء لتثبيط جهاز المناعة وهذا بحد ذاته ينطوي على مخاطر كثيرة.
مستقبل الخلايا الجذعية البالغة
باختصار؛ تُوقع حدوث تقدم سريع في الخلايا الجذعية البالغة، والعمل البطيء الأقل كثافة مع الخلايا الجذعية الجنينية.
فالعلماء اليوم قادرون على إنتاج مجموعة واسعة من الأنسجة باستخدام الخلايا الجذعية البالغة مع تقدم مذهل في بناء الأنسجة وإصلاحها.
في بعض الحالات، سيتم دمج هذه الخلايا بالفعل في الإصلاحات الجديدة كخلايا متباينه، وفي حالات أخرى؛ ستكون مساعدةً مؤقتة في عمليات الإصلاح الموضعيۃ.
ربما نرى أيضًا بعض المنتجات الطبيۃ الجديدة المثيرة، والتي تَعِد بالعمل بذات الطرق دون الحاجة إلى إزالة خلية جذعية واحدة من الجسم، قد تعمل هذه الأدوية على سبيل المثال؛ على تنشيط خلايا النخاع العظمي وتشجيعها على الهجرة إلى أجزاء من الجسم حيث يلزم إجراء إصلاحات.
لماذا الخلايا الجذعية؟ لماذا الآن؟
كانت الأسباب الرئيسية للوفاة في عام 1900 في معظمها أمراض معدية، في حين أن انتشار معظم الأسباب قد انخفض، فإن أكبر الزيادات تشمل أمراض القلب 40%، والسرطان 300%، صحيح أن هذا يرجع جزئيًا إلى مضاعفة متوسط العمر المتوقع، ونقص الوفاة الناتجة عن أسبابٍ أخرى.
مع ذلك؛ ونظرًا للوقت والموارد قد يعالج الأطباء هذه الأمراض الصعبة.
اليوم؛ ستة من الأسباب السبعة الرئيسية للوفاة هي أمراض غير معدية ( أمراض القلب، السكتة الدماغية، أمراض الرئة، السرطان، مرض الزهايمر، والسكري)، وقد يكون العلاج بالخلايا الجذعية أفضل أملٍ لحل هذه الأمراض في عصرنا وربما يصبح أكثر الإبتكارات الطبية التحويلية في قرنٍ واحد.
تجديد الخلايا البشرية القديمة بتكنولوجيا الخلايا الجذعية
تعمل الخلايا الجذعية في جسمك بجدٍ لاستبدال بشرتك كل أسبوعين، وإنشاء خلايا دم حمراء وبيضاء جديدة وإكمال آلاف المهام الأخرى الضرورية للحياة.
يتفق العلماء عمومًا على أن الخلية الجذعية يجب أن تكون قادرة على القيام بأيّ مما يلي:
التجديد الذاتي( self-renew) ينقسم إلى خلية أخرى، مما يعني عمل نسخة مطابقة من نفسها.
التمايز ( Differentiate) حيث يمكنها التمايز إلى مجموعة متنوعة من أنواع الخلايا الأخرى.
تقترح إحدى نظريات الشيخوخة أنه في العمر ما بين 30- 50 عامًا تصل خلايانا الجذعية إلى نقطة تحول وتبدأ في الانخفاض في العدد والوظيفة، وينتج عن ذلك السمات النموذجية المرتبطة بالشيخوخة.
فوفقًا لدراسة جديدة أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة ستانفورد، توصلوا إلى أن الخلايا البشرية القديمة يمكن أن تصبح أكثر شبابًا وقوة بعد حثها على تعبير- ولفترة وجيزة- مجموعة من البروتينات المشاركة في التطور الجيني والمستخدمة في صنع الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات، وقد يكون للنتائج آثار إيجابية على أبحاث الشيخوخة؛ حيث أنه يعيد العديد من السمات الجزيئية للشيخوخة مما يجعل تمييز الخلايا المعالجة عن نظيراتها الأصغر سنًا أمرًا صعبًا.
ووجد الباحثون أيضًا أن الفئران المسنة استعادت قوة الشباب بعد خضوع الخلايا الجذعية العضلية الموجودة لديها لعلاج البروتين المتجدد وزرعها مرة أخرى في أجسامها.
تستخدم البروتينات المعروفة باسم عوامل ياماناكا ( Yamanaka factors) بشكل شائع لتحويل الخلايا البالغة إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات أو كما تسمى خلايا iPS. يمكن أن تصبح هذه الخلايا iPS تقريبًا أي نوع من الخلايا في الجسم بغض النظر عن الخلية التي نشأت منها.
على الرغم من تطور تكنولوجيا الخلايا الجذعية بسرعة كبيرة، حيث يتم نشر أكثر من 2000 ورقة بحثية جديدة حول الخلايا الجذعية الجنينية أو البالغة في مجلات علمية مرموقة كل عام.
كما يتدفق التمويل إلى هذا القطاع من أصحاب رؤوس الأموال والشركات الكبيرة؛ فمن المعروف أن السوق الحالي للعلاجات بالخلايا الجذعية ينمو بنسبة 36% سنويًا؛ ومن خلال كل هذه الموارد والمجاميع المتزايدة من ذوي الخبرة قد يتمكن العلماء والأطباء في العالم من تطوير علم الخلايا الجذعية لعلاج أكثر الأمراض صعوبة في العالم.
إلا أن العديد من الأسئلة لازلت تطرح نفسها باحثة عن إجابة؛ هل ستُوَفَر الخلايا الجذعية؟ وهل يجب أن استثمارهافي شركات التكنولوجيا الحيوية التي تطور تكنولوجيا الخلايا الجذعية؟ ما الذي يتوقعه الأطباء وأخصائيو الرعاية الصحية؛ وما هو تأثير علاج الخلايا الجذعية على صناعة الأدوية، وما هي تكلفتها؟ وأخيرًا؛ ماذا عن الحظر المفروض على أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية في العديد من الدول؟
المصادر
للمزيد حول الخلايا الجذعية تابع مقال: لماذا لا تتجدد جميع أعضاء الجسم ؟
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :