محتويات المقال :
ما هي نظرية الأوتار الفائقة؟
هي نظرية ظهرت نتيجة بحث العلماء عن نظرية واحدة تعمل على تفسير الأجسام دون الذرية والتي تمثل وحدات البناء الأولية في المواد. كما تهتم بشرح القوى الأربعة الأساسية في الطبيعة. وهي القوى التي لا يمكن تحليلها إلى مكونات أصغر. وهذه القوى تشكل أساس الكون والمكونات الأولية له. وهي قوى الجاذبية والكهرومغناطيسية والتي يمكن ملاحظة آثارها بشكل واضح ومباشر في حياتنا اليومية. والقوة النووية الكبرى والقوة النووية الصغرى والتي تظهر آثارها في الذرات والتفاعلات النووية بغض النظر عن حجمها.
كانت مسألة توحيد قوى الطبيعة الأربعة تشكل الكثير والكثير من الأرق لعلماء الفيزياء. وذلك لتنافر أهم نظريتين في الفيزياء الحديثة. وهما نظرية النسبية لألبرت آينشتاين، والكم لماكس بلانك. [1]
بداية العقدة والحل المجنون!
بدأت المشكلة التي شكلت كابوساً لعلماء الفيزياء النظرية من تنافر نظرية النسبية ونظرية الكم. حيث فسرت نظرية النسبية قوى الجاذبية وأثرها وتطبيقاتها على الأجسام والعناصر العملاقة في الفضاء، مثل النجوم والمجرات. بينما شرحت نظرية الكم باقي القوى الأساسية الأربعة (وهي الكهرومغناطيسية، والقوة النووية الكبرى، والقوة النووية الصغرى). والتي كانت تطبق على الجسيمات الذرية ودون الذرية. لكن لم تنجح الكم حينها في تقديم تفسير مقبول للجاذبية مما أحدث أزمة حقيقية في الوسط العلمي.
حاول العلماء القضاء على ذلك التنافر القائم على رفض آينشتاين لقبول نظرية الكم كنظرية أساسية. بالرغم من تقديم نظرية الكم تفسيراً مقبولاً إلى حد كبير في تفسير القوى الأساسية الأخرى وثبت صحتها بعد اختبارها بدقة لم يسبق لها مثيل في وقتها. فحاول آينشتاين في آخر حياته أن يجمع بين النظريتين بتفسير الجاذبية بواسطة الكم، ولكنه مات قبل أن يصل إلى حلمه. وجاء بعده الكثير من العلماء ليكملوا ما لم ينتهى منه آينشتاين. وبعد الكثير من المحاولات والجهد، نجح العلماء أخيراً بالجمع بين النظريتين. كما نجحوا في جمع تفسير قوى الطبيعة الأساسية الأربعة أخيرًا، وذلك بنظرية جديدة أقرب إلى الخيال تسمى نظرية الأوتار الفائقة.[2]
نظرية الأوتار الفائقة
ما جعل هذه النظرية غريبة إلى حد كبير هو تخطيها لحدود التفكير البشري المنطقي إلى حد ما. حيث تنص هذه النظرية على أن للكون عشرة أبعاد. ونحن لا نعرف منها إلا أربعة أبعاد وهي أبعاد المكان الثلاثة والبعد الرابع وهو الزمان.
في نظرية الأوتار الفائقة لا وجود للجسيمات الأولية (كالإلكترون والكوارك)، والتي تمثل وحدات البناء للعناصر في الكون. وإنما كل ما هو موجود مجموعة من الأوتار المهتزة، والتي تهتز بترددات مختلفة. ومع كل تردد ينتج نوع من أنواع الطاقة أو نوع من أنواع الجسيمات الأولية. وبذلك تكون تلك الجسيمات الأولية ما هي إلا مجرد انعكاس لتلك الاهتزازات. وتحدد هذه الاهتزازات خصائص الجسيم الناتج عنها على سبيل المثال شحنته وكتلته.
وتحتوي الأوتار الفائقة على الأبعاد العشرة، أربعة منها تحدد الموقع في المكان والزمان والأبعاد الإضافية هي ما تحدد خصائص الكون الذي نعيش فيه. وتكون بعض تلك الأوتار متكورة أو مغلقة. وتتميز الأوتار بإطلاقها لجزيئات الجرافيتون وهي الجسيمات المسؤولة عن الجاذبية كواحد من التفاعلات الأساسية. [1] [2]
كوننا ذو الأبعاد العشرة
تنص نظرية الأوتار الفائقة على أن الكون يحكم بواسطة مجموعة من الأوتار المهتزة ذات الأبعاد العشرة. ونحن لا نعرف من هذه الأبعاد إلا أبعاد الزمكان الأربعة. وبذلك فإنه يوجد ست أبعاد أخرى مجهولة. وما زلنا بحاجة إلى معرفة هذه الأبعاد الستة وربطها بطريقة ما مع الأبعاد المعروفة لدينا حتى نستطيع أن نصف ونفهم الكون بشكل واضح.
ولفعل ذلك يجب علينا تكوير تلك الأبعاد الستة الإضافية، وحصرها في حيّز صغير في الفضاء. فعلى سبيل المثال، لتخيل مدى الصغر المطلوب. إذا كان حجم ذلك الحيز 10^-33 سم³ فإننا لن نتمكن من رصد تلك الأبعاد لأنها صغيرة جداً. وبالتالي فإن النتيجة ستكون العودة إلى الاكتفاء بكوننا ذي الأبعاد الأربعة. ولكن ذلك لا ينفي وجود كرة ضئيلة الحجم مكونة من الأبعاد الستة الأخرى متصلة بكل نقطة في كوننا رباعي الأبعاد.
ويفضل العلماء التخلي عن فكرة فردية الزمان والمكان والاعتراف بعالم من عشرة أبعاد. ذلك لأن نظرية الأوتار الفائقة (كنظرية موحدة) تحاول شرح جميع القوى الأربعة الأساسية في الطبيعة. وبالفعل فإن أحد حلول معادلات الأوتار الفائقة هو قوة تشبه قوة الجاذبية. وبذلك فإنها أعطت تفسيراً مقبولاً لتوحيد تلك القوى الأربعة.[3]
الأبعاد الأربعة المعروفة حاليا
- تم بالفعل اكتشاف ورصد الأبعاد الأربعة الأولى. فالبعد الأول هو العرض أو المحور س “x-axis”. ويصف العناصر ذات البعد الواحد كخط مستقيم. ولا يوجد أي صفات مميزة لهذا البعد غير أنه يصف العرض.
- البعد الثاني وهو الطول، أو المحور ص “y-axis”. وبتطبيق البعد الأول والبعد الثاني على عنصر ما فإننا سنحصل على عنصر ثنائي الأبعاد. كمربع على سبيل المثال.
- البعد الثالث وهو العمق أو المحور ع “z-axis”. وبتطبيق المحاور الثلاثة على عنصر فإننا سنحصل على عنصر ثلالثي الأبعاد. وأبس مثال على ذلك هو المكعب. ويوجد في هذه العناصر الثلاث أبعاد المكانية وهي الطول والعرض والعمق. وهذه هي الأبعاد التي يمكن ملاحظتها بواسطة حاسة اللمس والنظر لدينا. وذلك على خلاف الأبعاد السبعة الباقية.
- البعد الرابع وهو الزمن. وهو البعد الذي ينظم خصائص كل العناصر المعروفة لدينا وعند أي نقطة. وبالإضافة إلى أبعاد المكان الثلاثة الأخرى فإن معرفة البعد الزماني لعنصر ما أمر أساسي لتحديد موقعه الزماني في الكون.
الأبعاد المجهولة
عندما يأتي الأمر لباقي الأبعاد المجهولة فإن الإحتمالات العميقة تأتي لتلعب دورها. ويعد تفسير تفاعل تلك الأبعاد مع الأبعاد المعروفة أمراً مخادعاً إلى حد ما بالنسبة لعلماء الفيزياء. وهنا تبدأ نظرية الأوتار الفائقة بلعب دورها المدهش.
- فبحسب نظرية الأوتار الفائقة، فعند البعدين الخامس والسادس يظهر مفهوم العوالم المحتملة (أو العوالم الموازية). فإذا استطعنا تتبع البعد الخامس فسنرى عالماً مختلف إلى حد ما عن عالمنا الذي نعرفه. وذلك سيعطينا وسيلة لمعرفة أوجه التشابه والاختلاف بين عالمنا المعتاد والعوالم الأخرى.
- إذا وجدنا البعد السادس فسنكون قادرين على رصد العوالم الموازية لعالمنا. وسيكون بإمكاننا تحديد الأكوان الأخرى التي يعد وجودها ممكناً. والمقارنة بين الأكوان التي تتشارك في ظروف الخلق الأولية ( في حالتنا ستكون الظروف الأولية هي الانفجار العظيم). وإذا تمكنا من التحكم بالبعدين الخامس والسادس فسنتمكن من السفر عبر الزمن!
- وفي البعد السابع سيمكننا رصد العوالم الأخرى ذات الظروف الأولية المختلفة. فقد كان بإمكاننا في البعدين الخامس والسادس رصد العوالم ذات الظروف الأولية المتشابهة. ولكن الأحداث اللاحقة كانت مختلفة، أما في البعد السابع فكل شيء مختلف منذ بداية تكون تلك الأكوان.
- وفي البعد الثامن يمكننا رصد تاريخ العوالم الأخرى والتي تملك ظروف أولية مختلفة أيضًا والتي تتفرع إلى ما لا نهاية. ويعتقد العلماء بأن البعد الثامن يشمل جميع الأبعاد السابقة له.
- وفي البعد التاسع سنستطيع أن نقارن بين تواريخ الأكوان المختلفة بدءاً بقوانين الفيزياء المختلفة والظروف الأولية.
- وفي البعد العاشر والأخير نصل إلى النقطة التي يكون عندها كل شيء ممكن ويمكننا تخيله قد تم تغطيته. ووراء ذلك البعد لن نكون نحن البشر قادرين على تخيل أي شيء. وذلك ما يجعل البعد العاشر هو الحد لما يمكن تخيله.[3]
المصادر
1. Wikipedia
2. NASA
3. phys.org
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :