الأنثروبولوجيا الرمزية والتفسيرية هي أحد المدارس النظرية في علم الإنسان. وتقوم بشكل رئيسي على دراسة الرموز الثقافية، وكيفية استخدام هذه الرموز للحصول على فهم أكبر للثقافة المدروسة.
محتويات المقال :
تعريف الأنثروبولوجيا الرمزية والتفسيرية
الأنثروبولوجيا الرمزية والتفسيرية symbolic and interpretive anthropology، هي الدراسة للرموز في سياقها الاجتماعي، وقد نشأت هذه المدرسة في ستينات القرن الماضي وتبلورت في سبعينات هذا القرن. والرموز هذه قد تكون عادات أو سلوكيات أو كلمات أو طقوس في المجتمع المدروس، يتم أخذها وتفسيرها في السياق الثقافي. ويفسر علماء الأنثروبولوجيا هذا المعنى الرمزي من خلال مصطلحات ميمية، أي يفسرون الرمز من خلال الثقافة الخاصة به حصرًا. ويرى منظرو هذه المدرسة أنه يمكن فهم الثقافة من خلال تفسير الأداء العام للأنظمة الرمزية، كما يرون أن هناك استجابة لهذه الرموز من قبل الأفراد. [1]
نشأة هذه المدرسة في علم الإنسان وأبرز المؤثرين فيها
نشأت هذه المدرسة في ستينيات القرن الماضي، وكانت بمثابة رد على المدرسة البنيوية في علم الإنسان. يمكن تقسيم هذه المدرسة إلى منهجين رئيسيين، الأول مرتبط بكليفورد غيرتز في جامعة شيكاغو، والثاني تابع لفيكتور تيرنر في جامعة كورنيل. الاختلاف الرئيسي بينهما هو تأثر غيرتز بالعالم ماكس فيبر weber وكان مهتمًا بشكل كبير بعمليات الثقافة عوضًا عن الطرق التي تؤثر بها الرموز على العمليات الاجتماعية. أما تيرنر الذي تأثر بشكل كبير بالعالم إيميل دوركهايم Durkheim كان مهتمًا بشكل أساسي بالعمليات التي تجري في المجتمع والطرق التي تعمل بداخله الرموز. كما كان أكثر اهتمامًا بالتأكد إن كانت هذه الرموز فعلًا مؤثرة في العملية الاجتماعية كما يعتقد علماء الأنثروبولوجيا الرمزية. [2]
تعد هذه المدرسة رد على النظرية البنيوية التي كانت منتشرة حينذاك. حيث رأى أنصار هذه المدرسة أن البنيويون بقيادة كلود ليفي شتراوس قد بالغوا في التركيز على التعارضات الثنائيةالتي يعبر عنها في جوانب الثقافة المختلفة دون التركيز على معانيها المنفصلة. كما أِشاروا إلى أن البنيويون قد قللوا من أهمية دور الفاعلين الفرديين في تحليلاتهم. كما كانت الأنثروبولوجيا الرمزية ردًا على الماركسية والمادية، التي كانت ترى الثقافة من حيث أنماط السلوك الملحوظة. بينما ينظر الرمزيون إلى الثقافة من منظور الرموز والتركيبات العقلية، وأِشار رواد هذه المدرسة أن نظريات المادية لا يمكن تطبيقها على مجتمعات غير أوروبية. [3]
المفاهيم الرئيسية لهذه المدرسة
اشتملت المدرسة الرمزية التفسيرية على مبادئ رئيسية وهي:
الشرح العميق Thick Description
وهو مصطلح أخذه غيرتز عن جيلبرت رايل، بهدف توصيف أهداف الأنثربولوجيا التفسيرية. التي يجادل بأنها تقوم على الإثنوغرافيا، أو دراسة الثقافة على وجه التحديد. كما يرى بأن الثقافة تحتوي على مجموعة من الرموز التي تقوم بتوجيه سلوك المجتمع. وهذه الرموز تحصل على معنى من الدور الذي تلعبه من سلوك نمط الحياة الاجتماعية. ولا يمكن دراسة الثقافة والسلوك الاجتماعي بشكل منفصل بسبب تشابكهما الشديد. ولفهم الثقافة، يجب تحليلها بأكملها وتحليل الأجزاء التي تكونها. ومن خلال ذلك يطور الباحث فهمًا عميقًا من خلالها يشرح العمليات العقلية والسلوكيات الاجتماعية لدى المجتمع المبحوث. [2]
التأويل Hermeneutics
تم استخدام مصطلح التأويل في التفسير النقدي للنصوص الدينية. استخدم غيرتز علم التأويل في دراسته لأنظمة الرموز لمحاولة فهم الطرق التي يفهم من خلالها الناس ويتصرفون في سياقاتهم الاجتماعية والسياسية والإقتصادية. أما العالم تيرنر فقد استخدم علم التأويل كوسيلة لفهم معاني العروض الثقافية مثل الرقص والدراما وما إلى هنالك. [2]
الدراما الاجتماعية Social Drama
وهو مفهوم ابتكره فيكتور تيرنر لدراسة جدلية التحول الاجتماعي والاستمرارية. ويعرف الدراما الاجتماعية بأنها “وحدة عفوية للعملية الاجتماعية وحقيقة من تجربة كل فرد في كل مجتمع بشري”. وتحدث داخل مجموعة تشترك في القيم والاتجاهات وذات تاريخ مشترك. وتقسم إلى أربعة أعمال:
1- الفعل الأول تمزق أو خرق في العلاقات الاجتماعية.
2- الفعل الثاني أزمة لا يمكن معالجتها باستراتيجيات عادية.
3- الفعل الثالث هو علاج للمشكلة الأولية، أو إعادة للعلاقات الاجتماعية.
4- الفعل النهائي يحدث بطريقتين: إما عملية إعادة إندماج وعودة للوضع الراهن، أو الاعتراف بعملية الانشقاق وتغيير الترتيبات الاجتماعية.
في كلا الحلين في الفعل النهائي، يظهر عروض رمزية يظهر فيها الممثلون “أي الأفراد المشاركون في الفعل الاجتماعي” متبعين طقوس، في نظرية تيرنر، هذه الطقوس تعد حبكة لها تسلسل محدد يكون خطيًا وليس دائريًا. [2]
نقد الأنثروبولوجيا الرمزية والتفسيرية
واجهت المدرسة الرمزية والتفسيرية العديد من الانتقادات من مدارس عديدة، نذكر أهم هذه الانتقادات:
النقد الماركسي
يرى الماركسيون أن أنصار المدرسة الرمزية التفسيرية يضعون الكثير من الأهمية في تفكيرهم في المفاهيم الثقافية، بحيث يغفلون التفكير في الواقع الاجتماعي. كما لا يوجد بنظرهم تركيز كاف على شرح كيفية تفسير الرموز على الأنظمة الاجتماعية والأشخاص، بقدر التركيز على الرموز بحد ذاتها. [3]
النقد النسوي
أشارت الدراسات النسوية أن غيرتز في تفسيراته قد تجاهل دور المرأة في المجتمع وركز على هيمنة الذكور فقطـ متجاهلًا بذلك الدور الفعال الذي تلعبه المرأة في المجتمع. [3]
إن الرموز والرمزية في المجتمعات أخذت حيزًا كبيرًا من تفكير علماء الأنثروبولوجيا والاجتماع لما لها من أهمية في الحياة الاجتماعية، لكن التركيز الزائد على الرمز بحد ذاته قد يبعد تفكير الباحث عن أهمية الرمز في الحياة الاجتماعية.
المصادر:
1- anthrotheory
2- anthropology.ua
3- socialsci
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :