Ad

تتميز مملكة لحيان الغامضة، بطبيعتها الجميلة وثقافتها الثرية. إذ  تقع في قلب الشرق الأوسط، وهي تحتوي على مجموعة متنوعة من المزايا التي تجعلها مملكة فريدة من نوعها. ولكن هناك في لحيان أكثر من ما يبدو. في هذا المقال، سنطرح نظرة على أهميتها وميزاتها الجذابة.

موقع مملكة لحيان الحالي

تعتبر مملكة لحيان مملكة حضارية مهيبة تابعة لمملكة معين. وقد أقيمت في مستوطنة دادان وتيماء ومدائن الأسود وجبل عكمة إقليم الحجاز غرب شبه الجزيرة العربية. وتقع في الوقت الحالي في دولة المملكة العربية السعودية. وكانت تسمى في الفترة الأولى دادان ودامت دادان في مرحلتها الأولى في الفترة ( 600 ق.م – 100 ق.م). وثم في مرحلتها الثانية في الفترة الممتدة بين سنة 107م و150م.

أصل وتاريخ المملكة

في عصر ما قبل الميلاد أقامت جالية معينية قادمة من الجوف باليمن. دولة وحضارة في دادان وتيماء شمال الحجاز، كانت تسمى مستوطناتهم دادان. وفي فترة من الفترات أقام المعينون في مدينة دادان لتصبح عاصمة ثانية لهم في الشمال.

وتعد مملكة لحيان من أهم المحطات التجارية على طريق القوافل. مما جعل هذا الموقع يقوم بدور مهم في الحالة الاقتصادية للمجتمع المعيني . وتتميز العلا بقربها من ساحل البحر الأحمر فهي لا تبعد عنه أكثر من مسيرة خمسة أيام. حيث يتوجه التجار إلى الموانئ القريبة لإجراء عمليات البيع والشراء مع التجار الإغريق والمصريين وغيرهم.

مملكة لحيان

نظام الحكم والملوك

تعاقب على حكم مملكة لحيان بعد إعادة بنائها مرة أخرى. واستقلالها عن الأنباط العديد من الملوك، منهم -بجانب تيمي- الملك تامني بن تيمي، والملك تارتلو الملقّب بـ”سكيوبس”، والملك عبدنان، والملك صلحان، والملك فضج، والملك عمدان، والملك شهر بن عاسفان. وغيرهم من الملوك الذين كانت تتميز فترات حكمهم بقصر مدّتها.

تميزت المملكة في عهد الملوك السابقين ب كثرة السرقة والحوادث وانتشر السكر والعربدة في الشوارع، وفَقَدَ المزارعون حماسهم والتجّار رزانتهم. ولم يكن الحكم مستقرًّا في المجمل، بل أن السلطة كانت في يد رئيس مجلس الشعب (هجبل). مما أدّى في النهاية إلى سقوط المملكة عام 150م. وتشتّت شعبها بين العراق وعاد ومكة وقليل منهم من بقيَ في العلا.

ديانة المملكة وأهم الآلهة

كانت ديانة اللحيانيين ديانة وثنية في المقام الأول تعتمد على تعدد الآلهة، ومن أبرز الآلهة التي كانت منتشرة في المملكة الإله ذو غابة. والذي كان يقع مقرّه في وسط العاصمة العلا، وكان هناك فناء كبير به حوض ماء يغتسل منه كل من يريد التعبُّد، وكان شعب مملكة لحيان يتقرّبون لآلهتهم بالدعاء والنذر لتوسيع الرزق وشفاء المرضى.

والدليل على ذلك إنه كان هناك شهر يُشدّ فيه الرحال إلى مقرّ الإله. حيث كانوا يقيمون بالقرب منه وينحرون الذبائح ويقدّمون النذور، ولم يكن ذو غابة هو الإله الوحيد. فهناك آلهة أخرى مثل الإله ود، والإله سلمان، والإله بعل سمن، والإله عجلبون. وكما كانت هناك حرية في التعبُّد دون قيود أو ضغوط أو استهداف من أنصار هذا الإله أو ذاك.

الثقافة واللغة والفنون

وقد تميزت هذه الحضارة العريقة في العديد من المجالات، مثل: الفنون والكتابة والتجارة والبناء، ولا تزال آثارهم باقية هناك حتى يومنا هذا. وكان اللحيانيون يتحدثون لغة عربية شمالية. وكان خطهم الذي يكتبون به هو الخط اللحياني المنبثق عن الخط المسند الجنوبي، وكانت حروف الهجاء عندهم 28 حرفًا كاللغة العربية اليوم. وتشير الوثائق والرسوم التاريخية إلى وجود مدارس لتعليم القراءة والكتابة في العلا، ما يبرهن على اهتمام مملكة لحيان بالتعليم والتعلم.

كما عرف اللحيانيون الموسيقى والفنون ويمارسون العزف على الآلات الوترية كالسمسمية والمزامير، وهو ما توثّقه الرسوم المنقوشة على بعض الواجهات الصخرية لجبل العكة. وبعض الجدران الأخرى في العلا، والتي كشفت عن امتهانهم لبعض المهن الفنية كالنحت والصياغة.

وتتميز منازلهم بالطريقة المعمارية التربيعية، أي بنوا البيوت بشكل مربّع لا تزيد فتحتها عن متر واحد، وعمقها في داخل الصخر حوالي مترَين، ومن أشهر البيوت بيت الأسدين. وكما تميّزوا بنحت الجبال واتخاذها بيوتًا للتباهي ودفن موتاهم بها، ومن أكثر مظاهر التحضر عند اللحيانيين حرية التملك للمرأة وهو ما أثبتتها نقوشهم.

النشاط الاقتصادي

ساعد الموقع الاستراتيجي للحيان في أن تكون قوة اقتصادية كبيرة. إذ كانت واحدة من أهم المحطات التجارية التي تربط بين الشرق والغرب، ما أهّلها لأن تكون قبلة القوافل التجارية، البرّية والبحرية، القادمة من الهند إلى مصر وبلاد الرافدين. وما حوّلها مع مرور الوقت إلى سوق كبير للتجارة الحرة بين الحضارات التي كانت متواجدة في ذلك الوقت. وكما تميّزت مملكة لحيان بتجارة وتصدير البخّور والعطور والبهارات، بجانب المواد الغذائية أبرزها الحبوب والتمور والأعلاف.

كما ازدهرت الزراعة بفضل مصادر المياه المتوفرة، سواء كانت مياه جوفية يتمّ استخراجها عن طريق حفر الآبار، أو مياه الأمطار والسيول وبناء السدود. ومن ثم تميّزت منطقة شمال الجزيرة العربية، بالرخاء الزراعي والحدائق الغنّاءة والمزارع المنتشرة، وقد وثّقت النقوش التي وُجدت في العلا وجود بعض المحاصيل الزراعية كالنخيل.

ومن المؤكد أن الزراعة لا تقوم في مكان ما إلا إذا توفرت به المياه. وسواء كانت هذه المياه جوفية يتم استخراجها عن طريق حفر الآبار. أو بناء السدود التي تحجز خلفها مياه السيول والأمطار. وعلى هذا الأساس قامت الزراعة في مدن شمال الجزيرة العربية كالمملكة وما جاورها.

وتشير النقوش المعينية التي تم العثور عليها بالمنطقة إلى وجود محاصيل زراعية أبرزها ثمار النخيل. ويعتبر التمر مصدر رئيسي في الغذاء للحاضرة والبادية. لاحتوائه على أهم العناصر الغذائية وكذلك لسهولة تخزينه وقابليته للتخزين لمدَّة طويلة. وكذلك لسهولة نقله من مكان إلى آخر. وللنخيل فوائد كثيرة فمن سعفه تصنع البسط ومــن ليفه تصنـع الحبال ومــن جذوعه تسقف المنازل. فقد كان النخيل له فوائد عديدة لذلك نرى المعينيين الشماليون اهتموا بزراعته في ذلك الوقت.

أشهر الآثار المكتشفة في لحيان

يوجد العديد من المكتشفات الأثرية الخاصة بهذ المملكة ومن بينها:

تماثيل لحيانية

تمثال الملك اللحياني هو عمل فني منحوت من الحجر الرملي الأحمر. إذ يُمثل أحد الملوك اللحيانيين، ويعود إلى الفترة ما بين القرن الخامس والقرن الثالث قبل الميلاد. يصل ارتفاع التمثال إلى 2.3 متر، ويزن 800 كليو جرام، كما يظهر النحت عضلات الجذع في البطن والصدر.

تمثال لحياني

  مدائن الأسود (مقابر الأسود)

توجد في مملكة لحيان مئات المقابر وأبرزها المنقوش في الواجهة الصخيرة جنوب الموقع مما يدل على المكانة الاجتماعية لمن دفنوا هناك، وتضم مقبرة الأسود قبوراً منحوتة في الصخر ومزينة بنقوش من الأسود في واحة دادان القديمة، ومن المعتقد أنها كانت خاصة بحكام محليين أو بأشخاص مؤثرين آخرين. وتتألف هذه القبور من فتحات مربعة الشكل على ارتفاعات مختلفة من جانب جبل دادان. إذ يبلغ عمق تجاويفها حوالى مترين، ويعود تاريخها تقريباً إلى القرن الخامس قبل الميلاد؛ فهي الفترة المحتملة لاستيلاء مملكة دادان على المنطقة. ويذكر الباحثون أن اختيار رسم الأسد على واجهات هذه المقابر. هذا كان بسبب ما يمثله الأسد من رمز للقوة والمنعة في ثقافات العالم القديم.

آثار مملكة لحيان

  آثار جبل عكمة

تحول جبل عكمة الأثري شمال العلا إلى وجهة سياحية متفردة يقصده الزوار من مختلف دول العالم. بعدما أعادت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، المكان إلى متحف نابض بالحياة ليكون جزءاً من التراث العالمي، فقد يحتوي «عكمة» على كتابات ونقوش الأثرية تعود إلى الحضارة اللحيانية في القرن السادس قبل الميلاد إلى القرن الثاني قبل الميلاد. وهو عبارة عن واد ضيق ينحدر من جبل عكمة وعلى بعد ثلاثة كيلومترات من مدينة العُلا، وهو ذو لون داكن يميل للون الأحمر، وشاهق الارتفاع، وكما توثق هذه النقوش والكتابات تاريخ مملكة لحيان وحضارتها وتفاعلاتها المجتمعية وعلاقاتها الخارجية وتنظيماتها وقوانينها الداخلية.

ويعد الجبل جزءًا من تاريخ وحضارة مملكة لحيان وهو أكبر مصدر معلومات عن الاقتصاد والتجارة والخراج والضرائب. وكان موقعًا مهيبًا على طرق التجارة القديمة، ويضم أكثر من 500 كتابة منحوتة على المنحدرات والواجهات الصخرية التي تعود إلى الفترتين الدادانية واللحيانية، ويعد أكبر مكتبة مفتوحة في الجزيرة العربية.

اثار لحيانية

1. Research
2. Research
3. Jornals
4. Britannica
5. Britannica
6. Britannica

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Leen Mhanna
Author: Leen Mhanna

استخدم الكتابة كوسيلة لنشر المعرفة والوعي بالتاريخ والآثار.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


آثار تاريخ جغرافيا غير مصنف

User Avatar

Leen Mhanna

استخدم الكتابة كوسيلة لنشر المعرفة والوعي بالتاريخ والآثار.


عدد مقالات الكاتب : 23
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *