طب

ما هي الحالات التي يحدث فيها تغير في فصيلة الدم؟

ربما تكون قد تعلمت عن فصائل الدم في المدرسة، لكن هل تعلم أنها ليست دائمًا ثابتة؟ يمكن أن يحدث تغير في فصيلة الدم. ويمكن أن يكون التغيير مؤقتًا أو دائمًا، وهو ليس مجرد تغيير بسيط، بل له آثار عملية على الرعاية الطبية الخاصة بك. في المقال التالي، سنتعمق في عالم فصائل الدم المذهل، ونستكشف التاريخ والعلم وراءها. سنفحص دور عمليات زرع نخاع العظم والالتهابات البكتيرية وما يعنيه ذلك لصحتك.

لغز فصائل الدم

لطالما كان الغموض يكتنف فصائل الدم، ويتساءل الكثير منا عن السبب الذي يجعل دمنا فريدًا. تكمن الإجابة في العالم المعقد للمستضدات والأجسام المضادة. المستضدات (antigen) هي مواد موجودة على سطح خلايا الدم الحمراء والتي يمكن أن تؤدي إلى استجابة مناعية، في حين أن الأجسام المضادة هي بروتينات ينتجها الجهاز المناعي لمحاربة الأجسام الغريبة. في حالة فصائل الدم، تعمل المستضدات والأجسام المضادة معًا لتحديد ما إذا كانت فصيلة دم معينة متوافقة مع فصيلة دم أخرى.

هناك أربع فصائل دم رئيسية (AB) (A) (B) (O) لكل منها مجموعة فريدة من الأجسام المضادة والمستضدات. على سبيل المثال، إذا كان لديك دم من النوع (A)، فإن خلايا الدم الحمراء لديك تحمل المستضد (A)، وينتج جهازك المناعي أجسامًا مضادة لـ (B) لمكافحة أي مستضدات (B) غريبة قد تدخل جسمك. ولهذا السبب فإن تلقي الدم من متبرع من النوع (B) يمكن أن يؤدي إلى استجابة مناعية، حيث يتعرف جسمك على المستضد باعتباره تهديدًا.

ولكن ماذا عن عامل ريسوس (RH)؟ هذا جزء مهم فعامل ريسوس هو مستضد منفصل موجود على سطح خلايا الدم الحمراء لدى معظم الناس. إذا كان لديك مستضد (Rh)، فأنت تعتبر إيجابيًا، في حين أن أولئك الذين لا يملكونه يعتبرون سلبيين. وهذا يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى توافق فصيلة الدم، حيث لا يمكن نقل الدم الإيجابي إلى شخص سلبي.

يعد فهم تعقيدات فصائل الدم أمرًا بالغ الأهمية للمهنيين الطبيين، لأنه يضمن عمليات نقل دم آمنة ومتوافقة. لكن الأمر لا يتعلق فقط بالتوافق، فقد أدت دراسة فصائل الدم أيضًا إلى تقدم كبير في فهمنا لعلم الوراثة البشرية، والتطور، وحتى علوم الطب الشرعي.

نبذة تاريخية عن اكتشاف فصائل الدم

في عام 1901، توصل عالم الأحياء النمساوي كارل لاندشتاينر إلى اكتشاف رائد من شأنه أن يغير مسار التاريخ الطبي. حيث وجد أنه عند خلط عينات دم من أفراد مختلفين، فإن بعض العينات تتجمع معًا، بينما لا تتجمع عينات أخرى. قاده ذلك إلى تحديد ثلاث فصائل دم مختلفة، أطلق عليها اسم (A)، و(B)، و(C). وفي وقت لاحق، تم اكتشاف مجموعة رابعة، (AB).

كان اكتشاف لاندشتاينر ثوريًا، حيث كشف أن الأشخاص ذوي فصائل الدم المختلفة لا يمكنهم تلقي عمليات نقل الدم من أي شخص. لقد أنقذ هذا الإنجاز حياة عدد لا يحصى من البشر ومهّد الطريق للطب الحديث. تم ترسيخ أهمية فصائل الدم بشكل أكبر في أربعينيات القرن الماضي عندما حدد بيتر مورانت، عالم أمراض الدم البريطاني، عامل ريسوس (RH). وأدى الجمع بين نظام فصائل الدم (ABO) وعامل (Rh) إلى ظهور فصائل الدم التي نعرفها اليوم: (A+) و(A-) و(B+) و(B-) و(AB+) و(AB-) و(O+) و(O-).

Related Post

زراعة نخاع العظم وتغير فصيلة الدم

أحدثت عمليات زرع نخاع العظم ثورة في علاج اضطرابات الدم والسرطانات. لكن هل تعلم أن هذا الإجراء المنقذ للحياة يمكنه أيضًا تغيير فصيلة دمك؟ عندما تتلقى عملية زرع نخاع العظم من متبرع بفصيلة دم مختلفة، ستتغير فصيلة دمك لأن خلايا نخاع العظم الجديدة تنتج خلايا دم حمراء مطابقة لفصيلة دم المتبرع.

على سبيل المثال، أنت تتلقى عملية زرع نخاع عظم من متبرع يحمل فصيلة الدم (O)، لكن فصيلة دمك (A). بعد عملية الزرع، سيبدأ نخاع العظم في إنتاج خلايا دم حمراء تحتوي على مستضدات من النوع (O)، مما يجعل فصيلة دمك تتحول إلى النوع (O). وهذا يعني أن فريقك الطبي سيحتاج إلى أخذ فصيلة دمك الجديدة في الاعتبار عند إجراء عمليات نقل الدم أو أي اجراءات طبية أخرى.

عادة ما يستغرق التغيير في فصيلة الدم حوالي عام حتى يكتمل، وخلال هذه الفترة سيقوم فريقك الطبي بإجراء اختبارات متكررة لفصيلة الدم لتتبع التغيير الحاصل. هذه العملية ضرورية لضمان سلامتك ونجاح علاجك.

الالتهابات البكتيرية

تخيل جسمك كساحة معركة، حيث يقاوم جهازك المناعي البكتيريا الغازية. وفي حالات نادرة، يمكن أن تؤدي هذه المعركة إلى تغيير مؤقت في فصيلة دمك، وهي ظاهرة تعرف باسم ظاهرة B المكتسبة (acquired B phenomenon). يؤثر هذا الحدث غير المعتاد فقط على الأشخاص الذين لديهم فصيلة الدم (A)، وعادةً أولئك الذين يعانون من التهابات حادة مثل تعفن الدم (sepsis) أو سرطان القولون أو انسداد الأمعاء.

عندما تصيب بعض البكتيريا سلبية الجرام (gram-negative) الجسم، فإنها تفرز إنزيمات يمكنها تعديل المستضد (A) الموجود على سطح خلايا الدم الحمراء. يؤدي هذا التعديل إلى تغيير المستضد (A) إلى شكل يشبه المستضد (B)، مما يسبب تفاعلًا بشكل تبادلي مع الكواشف المضادة لـ (B) (anti-B reagents). وبعبارة أخرى، يتم خداع الجهاز المناعي ليعتقد أن فصيلة الدم هي (B) بدلاً من (A). وهذه الظاهرة ليست تغييرًا حقيقيًا في فصيلة الدم، بل هي تمويه مؤقت.

المصدر

In Certain Rare Circumstances Your Blood Type Can Change / iflscience

أخبار علمية

Share
Published by
أخبار علمية

Recent Posts

كيف تحدى نيتشه الأخلاق في المجتمع؟

لا تزال أفكار نيتشه الفلسفية يتردد صداها في المجتمع المعاصر، وتتحدى فهمنا للأخلاق ومكانتها في…

3 ساعات ago

إطلاق العنان للخلايا الجذعية المخفية في الدماغ

تخيل فريقًا من العلماء الرواد يعملون بلا كلل لكشف أسرار الدماغ البشري. إنهم في سعيهم…

3 ساعات ago

هل يساعد ماء الشرغوف في إنقاص الوزن؟

في عالم وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر الصيحات وتختفي، لكن بعضها يجعلك تتساءل: ما السبب وراء…

4 ساعات ago

تعرف على 5 أنواع من الصداع وأسباب الإصابة بها!

الصداع تجربة إنسانية عالمية، وعلى الرغم من انتشاره إلا أن الأسباب الكامنة وراءه لا تزال…

4 ساعات ago

كيف قمنا بإعادة بناء السلف الأول لكل أشكال الحياة على الأرض؟

إن فهم كيف بدأت الحياة وتطورت على الأرض هو السؤال الذي أذهل البشر على مر…

يوم واحد ago

كيف انتهت أطول حرب أميركية في أفغانستان بالهزيمة؟

يصادف في شهر أغسطس الذكرى السنوية الثالثة لانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وعودة طالبان إلى…

يوم واحد ago