Ad
هذه المقالة هي الجزء 1 من 7 في سلسلة 7 قضايا إعلامية لا يسعك جهلها

شهد النصف الثاني من القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين نموًا هائلاً في أشكال الوسائط، بما في ذلك الراديو والتلفزيون والسينما  والإنترنت. فكان تحديًا فارقًا في نشأة وسائل الإعلام وتطورها، ففي هذا المقال سنأخذكم إلى رحلة لمعرفة تاريخ الوسائط، وكيف تطورت؟، والذي يمكن  أن يساعدك في فهم عمل وسائل الإعلام  ليس فقط اليوم، ولكن في المستقبل أيضًا.[1]

كيف نشأت وسائل الإعلام؟

استخدم الإنسان القديم رسومات الكهوف والبردي واللفائف لتسجيل حياته وثقافته وعاداته وتقاليده، فكانت شكلًا مبكرًا من أشكال الاتصال الجماهيري، وظلت هذه الوسائل هي وسائل الاتصال لفترة من الزمن[2]، ومع بداية القرن الخامس عشر، ابتكر العالم الألماني يوهان جوتنبرج أول مطبعة، ظهرت على أثرها أول صحيفة، والتي أدت إلي تحول كبير في وسائل الإعلام ربما الأهم في تاريخنا حتي الآن، وساعد اختراع جوتنبرج على دخول حركات ثقافية ضخمة مثل عصر النهضة الأوروبية، كما أتاح زيادة الوسائط المطبوعة، ففي عام 1800، أنتجت المطبعة حوالي 480 صفحة في الساعة، والتي تضاعفت لحوالي 3000 صفحة، بحلول الثلاثينيات من القرن الماضي، مما ساعد على ظهور الصحف اليومية. 

ومع بداية العقود الأولى من القرن العشرين، انتشرت الأشكال الرئيسية غير المطبوعة لوسائل الإعلام – السينما والراديو – بشكل كبير. كانت أجهزة الراديو متاحة على نطاق واسع بحلول العشرينات من القرن الماضي على وجه الخصوص، والتي سمحت لانتشار الأخبار على نطاق واسع بين الجمهور ففي عام 1924، وصل خطاب الرئيس كالفين كوليدج قبل الانتخابات إلى أكثر من 20 مليون شخص، وبعد الحرب العالمية الثانية ظهر التلفزيون كشكل جديد من وسائل الإعلام ففي عام 1946، وجد حوالي 17000 جهاز تلفزيون في جميع أنحاء الولايات المتحدة.[3] وفي غضون أكثر من 30 عامًا أصبح التلفزيون أقوي وسيلة اتصال ومعلومات تم اختراعها على الإطلاق.

كيف تغيرت وسائل الإعلام وتطورت؟

في السابق كانت الأخبار تقدم إلى الجمهور من خلال الصحافة المطبوعة. ولكن مع بداية القرن العشرين فإن وسائل الإعلام كالإذاعة والسينما قد أثرت وعززت حياة مئات الملايين من البشر في جميع أنحاء العالم. كما أتاحت الوصول إلى المزيد من المعلومات لعدد أكبر من الناس أكثر من أي وقت في التاريخ.

إن عملية العولمة الحالية التي تسارعت وتيرتها في السبعينيات وما تلاها من التغيرات السريعة في التطورات التكنولوجية وغيرها، كان لها تأثيرها على وسائل الاتصال الجماهيري. فمع ظهور شبكة الإنترنت والتطورات التكنولوجية الأخرى وجدنا نماذجًا جديدةً لوسائل الإعلام.[4]

وقد شهدت السنوات العشرين الماضية تحولًا جذريًا في الصناعة. حيث اتجهت معظم الصحف والمؤسسات الإخبارية لنشر قصصها عبر الإنترنت. ولم يعد الناس بحاجة إلى الاعتماد على الصحف الورقية للحصول على أخبارهم. بل يمكنهم زيارة مواقع الويب والحصول على المعلومات بصورة فورية حول آخر التطورات.

في هذا الواقع الجديد يمكن للصحيفة التي تطبع ليلة الاثنين أن تحتوي على معلومات قديمة بحلول الوقت الذي تصل فيه إلى رفوف المتاجر في صباح يوم الثلاثاء.[5]

ووفقًا للتقرير الذي أصدرته مؤسسة RAND في العام 2019، والذي جاء بعنوان” الأخبار في العصر الرقمي: مقارنة عرض المعلومات الإخبارية بمرور الوقت وعبر المنصات الإعلامية”، وجدت عالمة العلوم السياسية والمؤلفة الرئيسية لهذه الورقة، جينيفر كافانا، وزملاؤها أن نظام عمل وسائل الإعلام في الولايات المتحدة قد شهد تطورًا تقنيًا سريعًا على مدى العقود الثلاثة الماضية. كما أن التغيرات الرقمية قد أحدثت ثورة في كيفية إنتاج محتوى الأخبار واستهلاكه ونشره عبر الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية الأخرى.

وأكد التقرير على أن الصحف التقليدية قد تغيرت على أقل تقدير منذ أواخر الثمانينيات، ومع ذلك فإن المحتوى في معظم الصحف قد تحول قليلاً من أسلوب الكتابة الجاف والأكاديمي إلى أسلوب السرد القصصي الأكثر جذبًا للقراء.[6]

هل تغيرت الرسالة الإعلامية عن الماضي؟

في الماضي، كانت الصحف بصفتها ممثلة لوسائل الإعلام التقليدية، وسيلة اتصال أحادية الاتجاه. أي أن المعلومات تنتقل فقط من القائم بالاتصال إلى الجمهور.  كما أن منشئ الرسالة الإعلامية يعمل على تحديد المحتوي الذي يجب أن يراه الجمهور. وبالتالي لا يمكن للجمهور اختيار الأخبار التي تهمهم.

الآن مع التطور التكنولوجي الضخم ووجود العديد من المنصات الرقمية، أصبح الجمهور هو من يختار المعلومات، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يمكن للجمهور أن يشاركوا في بناء الرسالة الإعلامية. ففي عالم التكنولوجيا أصبح الجميع منشئ محتوى، وعوضت الهواتف  الذكية عن غياب المراسلين.[7]

محو الأمية الإعلامية

يعرف محو الأمية الإعلامية بأنه “القدرة على إجراء تحليل نقدي للمحتوي من أجل الدقة أو المصداقية أو الدليل على التحيز للمحتوى الذي تم إنشاؤه واستهلاكه في وسائل الإعلام المختلفة، بما في ذلك الراديو والتلفزيون والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي”.[8]

تم تداول مفهوم محو الأمية الإعلامية في الولايات المتحدة وأوروبا منذ بداية القرن العشرين. كوسيلة للاعتراف بمجموعة من المعارف والمهارات والعادات الذهنية المطلوبة للمشاركة الكاملة في مجتمع معاصر مشبع بوسائل الإعلام. ويستمر المفهوم في التحول والتغير نتيجة للتغيرات السريعة في وسائل الإعلام الرقمية ووسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي والثقافة الشعبية والمجتمع. يوجد العديد  من المناهج التنافسية لمحو الأمية الإعلامية في الولايات المتحدة وحول العالم.

فيم تساعدنا مهارات محو الأمية الإعلامية؟

لطالما تم تحديد التمكين والحماية على أنهما الموضوعان الرئيسيان في مجتمع تعليم محو الأمية الإعلامية، مما يعكس توترًا ديناميكيًا بين أولئك الذين يرون التثقيف الإعلامي وسيلة لمواجهة الأضرار والمخاطر والتحديات التي تنشأ عن النمو في البيئة الثقافية المشبعة بالإعلام والتكنولوجيا. وأولئك الذين يرون الثقافة الإعلامية أداة للتمكين الشخصي والاجتماعي والثقافي والسياسي.[9]

ووفقًا لمركز محو الأمية الإعلامية، يكون الشباب والكبار المثقفون إعلاميًا أكثر قدرة على فهم الرسائل المعقدة التي يتلقوها من التلفزيون والراديو والإنترنت والصحف والمجلات والكتب واللوحات الإعلانية وألعاب الفيديو والموسيقى وجميع أشكال الوسائط الأخرى.[10]

وطبقًا لمشروع كفاءة المعلومات في جامعة ولاية كاليفورنيا، فإن الشخص المثقف إعلاميًا ينبغي أن يتمتع بالآتي:

  1. لديه القدرة على تقييم مصداقية المعلومات الواردة وكذلك مصداقية مصدر المعلومات.
  2. يستطيع التمييز بين نداءات العاطفة والمنطق، والنداءات السرية والعلنية.
  3. لديه القدرة على استخدام الأساليب النقدية لتقييم حقيقة المعلومات المستقاة من مصادر مختلفة.[11]

وتسعى محو الأمية الإعلامية إلى منح مستهلكي وسائل الإعلام القدرة على فهم اللغة الجديدة، والقدرة علي طرح مجموعة من الأسئلة كمن أنشأ الرسالة؟ ولماذا تم إنشاءها؟ وهل تجعلني أفكر بطريقة معينة؟، ومن يقف وراء تمويل هذه الرسالة؟، وهل المعلومات الوارد بالرسالة دقيقة؟.

في نهاية المطاف فإن الرسائل الإعلامية التي تنشر من قبل الأفراد أو الشركات أو الحكومات أو المنظمات ويتلقاها الفرد، فإنه يقع علي عاتقه تقييم وتفسير هذه الرسائل، التي لا توجد طريقة صحيحة لتفسيرها، فالتعليم والخبرة الحياتية ومجموعة من العوامل الأخرى تجعل كل شخص يفسر الرسائل المبنية بطرق مختلفة. لكن بشكل عام تساعدنا مهارات محو الأمية الإعلامية  على التفكير بشكل أفضل في بيئتنا الغنية بالوسائط. مما يمكننا من أن نكون مواطنين ديمقراطيين، ومستهلكين أكثر ذكاءً وتشككًا لوسائل الإعلام.

تحليل الرسائل الإعلامية

عند تحليل الرسائل الإعلامية، ضع في اعتبارك مجموعة المبادئ التالية:

1- منشئ الرسالة

عند تحليل الرسائل الإعلامية ضع في اعتبارك من يقوم بتقديم المعلومات، هل هي مؤسسة إخبارية أم شركة أم فرد؟ هل توجد صلة بينهم وبين المعلومات التي يقدمونها؟ فقد تكون محطة الأخبار مملوكة للشركة التي تقدم تقارير عنها، وبالمثل قد يكون لدى الفرد أسباب مالية لدعم رسالة معينة.

2- عناصر الإبراز

غالبًا ما يستخدم التلفزيون ووسائل الإعلام المطبوعة الصور لجذب انتباه الناس. وعند تحليل الرسالة الإعلامية يجب أن تضع في اعتبارك الصورة، وهل هي تمثل جانبًا واحدًا فقط من القصة أم عدة جوانب؟، وهل اللقطات مصورة لإثارة رد فعل معين؟، أي المشاهير أو المحترفين يؤيدونها؟.

3- الجمهور المستهدف

عند مشاهدتك للرسالة الإعلامية أو قرائتها أو سماعها، تخيل نفسك مكان الآخرين وأطرح علي نفسك مجموعة من الاسئلة كالتالي:”هل سيشعر شخص من الجنس الآخر بنفس الطريقة التي تشعر بها تجاه هذه الرسالة؟ كيف يمكن لشخص من جنسية مختلفة أن يشعر تجاه ذلك؟ كيف يمكن لشخص أكبر أو أصغر أن يفسر هذه المعلومات بشكل مختلف؟ هل تم إرسال هذه الرسالة لجذب جمهور معين؟.

4-محتوي الرسالة الإعلامية

على الرغم من أن الموضوعية هي أساس الإعلام القائم على أسس ومعايير مهنية، إلا أن صانعي المحتوى الذين يحاولون تقديم المعلومات بموضوعية يمكن أن يكون لديهم ميل غير واعي، وعندما ينظر المتلقي إلي الرسالة فمن الضروري معرفة من يقوم بتقديم هذه الرسالة؟، وهل لديه أو لديها أي انتماءات سياسية واضحة؟ هل يتم الدفع له أو لها للتحدث أو كتابة هذه المعلومات أم لا؟.

5-الغرض من الرسالة الإعلامية

 فوسائل الإعلام لا تنقل شئ بدون سبب، فمن المهم معرفة رد الفعل الذي تحاول الرسالة إثارته.

بشكل عام يعتبر محو الأمية الإعلامية، أو القدرة على فك تشفير ومعالجة الرسائل الإعلامية، أمرًا مهمًا بشكل خاص في مجتمع اليوم المشبع بالوسائط والمعلومات. ونظرًا لأن الرسائل الإعلامية يتم إنشاؤها مع وضع أهداف معينة في الاعتبار، فإن الفرد المثقف إعلاميًا سوف يفسرها بعين ناقدة.[12]

المراجع

(1),(3)press.rebus.community
(2)edx
(4)sociologydiscussion
(5)cnbc
(6)psychologytoday
(7)cgtn
(8)dictionary
(9)oxfordre
(10)literacyworldwide
(11)sciencedirect
(12)open.lib.umn.edu

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


علم

User Avatar

Asmaa Wesam

حاصلة على الماجستير في الصحافة، مهتمة بقضايا الصحة والبيئة.


عدد مقالات الكاتب : 44
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق